أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ.. السَّنةُ الخامِسَةُ (٤)
    الأحد 20 مايو / أيار 2018 - 05:37
    نزار حيدر
      {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.
       الوهْمُ؛ هو أَحد أَخطر الأَمراض التي تُصيبُ المرء فتُقعِدَهُ عن تحقيق النَّجاح!.
       هو مرضٌ يصعبُ إِكتشافهُ عند كثيرينَ ولذلك تراهُ يقضي حياتهُ أَو شطراً منها من دونِ أَن يُنجِزَ شيئاً مفيداً أَو صالحاً!.
       ومن أَسبابِ مرضِ الوهْم؛
       ١/ عدم دراسة الواقع بشكلٍ صحيحٍ.
       ٢/ خلط الأَمل بالواقعِ والأَماني بالحقائقِ، ولقد نبَّهَ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) إِلى هذا الخطرِ بقولهِ {مَنْ أَطَالَ الْأَمَلَ أَسَاءَ الْعَمَلَ}.
       ٣/ التَّنافس غير الشَّريف وشدَّة الطَّمع بالإِنجاز من غيرِ أَسبابٍ والذي يدفعُ بالمرءِ إِلى أَن يعيش خداعِ الذَّات والأَمل الكاذبِ من حيث يشعر أَو لا يشعر حتى يلقى أَجلهُ على حدِّ وصفِ أَمير الْمُؤْمِنِينَ (ع) {مَنْ جَرَى فِي عِنَان أَمَلِهِ عَثَرَ بِأَجَلِهِ} أَو كما يُشيرُ إِلى ذلك بقولهِ (ع) {أَزْرَى بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ}.
       أَمّا علامات هذا المَرض؛ 
       أ/ عدم الإِعتراف بالخطأ والتَّقصيرِ والفشل.
       ب/ السَّعي لسِرقةِ جهودِ الآخَرين للتَّغطيةِ على الفشلِ.
       ج/ طُغيان التَّنظير على الإِنجازِ والشِّعاراتِ على العملِ الحقيقي.
       د/ كَثرة التَّبرير والبحث عن شمّاعاتٍ هُنا وهناك لتعليقِ الفشلِ عليها.
       هـ/ الإِعتماد على أَيَّةِ معلومةٍ مهما كانت ساذجةً وتافهةً وغير منطقيَّةً لازالت تنسجمُ مع نفسيَّةِ المُصابُ بمرضِ الوهْمِ.
       و/ دائماً يسعى لإِقناع نفسهِ بأَنَّهُ على حقٍّ وأَنَّ ما يقولهُ ويفعلهُ صحيحٌ وأَنَّ الآخَرين على خطإٍ وأَنَّهم يشكِّكونَ بنجاحاتهِ [الوهميَّةِ] بدافع الحسدِ والحقدِ!.
       ز/ يسعى دائماً وبشتّى الطُّرق لتضليلِ الآخَرين من خلالِ خلطِ العمل الصَّالحِ بالآخرِ الطَّالح! والكلامُ السَّليمُ بالآخرِ السَّقيمِ {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا}.
       ح/ لا ينتظِرُ من الآخرينَ سِوى المدحِ والثناءِ وَإِن كانَ على لا شيء! ولذلكَ يجمعُ حولهُ جَوقةً من المدَّاحين والمُطبِّلين والقصّْاصين والمُبرِّرين والأَبواق {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. 
       ط/ عنصرُ المفاجأَةِ حاضرٌ عِنْدَهُ دائماً لأَنَّ النَّتائج لا تتطابقُ عادةً مَعَ المقدِّمات!.
       إِنَّ الفرقَ بين النَّاجحِ والفاشلِ هو أَنَّ الأَوَّل يتعامل مع الحقائقِ والأَرقامِ والوقائعِ فلا يُحدِّث نَفْسَهُ بالأَوهامِ ولا يعتمدَ المعلومةَ الضَّعيفة وهو يستند إِلى منهجيَّةِ التَّحليل السَّليم للأَحداثِ والوقائعِ ولا يقرِّب مِنْهُ عناصرَ خدَّاعة ومُراوِغة وغَير أَمينة والتي تقدِّم عادةً إِستشارات تتناغم وتتطابق معَ نفسيَّة المُتلقِّي وَتُخفي عَنْهُ المعلومة الصَّحيحة إِذَا كانت تُثيرُ أَعصابهُ! لإرضائهِ أَو لإِشباع غرورهِ مثلاً أَو طموحاتهِ حتى اذا كانت متضخِّمةً ومَريضةً.
       أَمّا الفاشلُ فبالعكسِ تماماً! فهو فوضويٌّ في تفكيرهِ وفِي المنهجِ الذي يعتمدهُ للتَّحليلِ والتَّفكيرِ، وهو يرفضُ المعلومةَ إِذا لم تنسجم مع ما يتمنَّاهُ مهما كانت دقيقة ويتقبَّل الأُخرى إِذا أَنعشت آمالهُ مهما كانت ساذجةً وغير صحيحةً!.
       ولذلك ينجح النَّوع الأَوَّل ويفشل النَّوع الثَّاني.
       تعالُوا نتدبَّر جيِّداً بما قالهُ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) لولدهِ الإِمام الحسن المُجتبى السِّبط (ع)؛
        يَا بُنَيَّ احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً وَأَرْبَعاً لَا يَضُرُّكَ مَا عَمِلْتَ مَعَهُنَّ إِنَّ أَغْنَى الْغِنَى الْعَقْلُ وَأَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ وَأَوْحَشَ الْوَحْشَةِ الْعُجْبُ وَأَكْرَمَ الْحَسَبِ حُسْنُ الْخُلُقِ يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْأَحْمَقِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ فَإِنَّهُ يَبِيعُكَ بِالتَّافِهِ وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ وَيُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ. 
       فالعُجبُ بالنَّفسِ من دونِ أَسبابٍ موجبةٍ واستشارةُ الكذَّابِ يصنعانِ السَّراب ويرميانِ صاحبهُما بمُستنقعِ الأَوهام والتخيُّلاتِ والمهازلِ المُضحكةِ فإذا تلبَّسَ المرءُ بالعُجبِ لأَيِّ سببٍ كانَ عاشَ الوهمُ فضاعَ جُهدهُ وضاعت حياتهُ!.
       ١٩ مايس [أَيَّار] ٢٠١٨
                                لِلتَّواصُل؛
    ‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
    ‏Face Book: Nazar Haidar
    ‏Telegram; https://t.me/NHIRAQ
    ‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media