عن إختطاف وائل عباس واحتجازه : فماذا بعد !؟
    الخميس 24 مايو / أيار 2018 - 05:43
    محمود الزهيري
    كاتب ومحلل سياسي مصري
    القبض علي وائل عباس يمثل جريمة مكتملة الأركان فمهما تم التقول علي وائل عباس وكيلت الإتهامات له بوعي أو بدون وعي أو بمعني أدق‘ تلفيق الإتهامات ‘سيكون أمراً مفضوحاً ليس علي المستوي المصري أو العربي بل علي المستوي الدولي / العالمي , لما يمتاز به وائل عباس من مصداقية ومهنية فائقة متصلة بالعلم وأسسه وقواعده , وإجادته للغات أجنبية , وتماسه الكامل مع التكنولوجيا ووسائل الإتصال وتقنياتها وبرامجها.

     " وائل عباس " ليس شخصاً عادياً , يمكن للسلطة أن تلفق له بعض الإتهامات الجاهزة , بل إنه صار شخصية دولية ,  وصار أحد أهم 100 شخصية علي مستوي  العالم العربي  وهذا بالنسبة لــ " تويتر " وتأثيره الكبير  بما يكتبه علي هذا الموقع العملاق ,  من تدوينات قصيرة ،  بجانب أنه تم إختياره من هيئة الإذاعة البريطانية BBC  بإعتباره من أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم العربي للعام  2006، وفي العام 2007  اختارته  المحطة الإخبارية الأمريكية العملاقة  CNN كــ "شخصية العام " في العام 2007.

    وائل عباس صاحب ومدير مدونة " الوعي المصري " , وهذه المدونة كان لها أكبر وأعظم الأثر في تحريك المياه الراكدة في السياسة والمجتمع المصري , لدرجة أنها اكتشفت العديد من التجاوزات والجرائم في حق المواطن المصري , من جانب الشرطة المصرية في مرحلة ماقبل 25 يناير 2011 , وما بعدها ,  وتعرضت هذه المدونة لرصد العديد من التجاوزات في أقسام الشرطة ومراكز البوليس , وتناولت قضايا البلطجة والتحرش الجنسي , وكذا قضايا نواب مجلس الشعب وتزويرالإنتخابات  والتجاوزات التي كانت تحدث , بجانب التغطية الكاملة لمؤتمرات وتظاهرات والوقفات الإحتجاجية للحركة المصرية من أجل التغيير " كفاية " , وغيرها من الحركات الشعبية ,  ومظاهرات تجار الدواجن  والقرصاية , والتغطية للعديد من الفعاليات  التي كانت تتم منذ إنشاء هذه المدونة التي صار إسمها عنواناً لمرحلة الوعي المصري , بقضاياه وأزماته , وكان غالبية النشطاء السياسيين والوكلاء الإجتماعيين , بل والصحافة والإعلام العالمي ينقل عنها وينشر مايدونه وائل عباس , وأحياناً يتم التنويه عن المصدر , وفي غالب الأحيان كان لايتم التنويه عنه.

    ومن الرائع بالنسبة لشخص وائل عباس , والذي يضفي ظلالاً من قيم العقل والعلم والمعرفة والمصداقية , وعدم الإنحياز إلا للإنسان المجرد ,  تكمن في أن وائل عباس هو غير المنتمي وغير المنحاز , وغير العنصري , وغير التابع واللامتواطيء!

    وائل عباس لم تستطع جماعة أو تيار  أو حزب أو حركة شعبية أو مؤسسة رسمية أو غير رسمية سواء في الداخل أو الخارج أن تملي أوامرها أو نهيها عليه , لأنه لم يعمل لدي أحد حتي يكون له عليه حق الأمر والنهي....

     إن توجيه الإتهامات الجاهزة لكل من يعارض النظام المصري وسياسات الدولة المصرية , ويقترب من خطوط تماس نقد السياسة الأمنية  , أو الإدارة المصرية ,  والتي صارت تسير في إتجاهات تبدو وكأنها عشوائية وغير مدروسة , وكأن من يؤسسوا لهذه السياسة تنعدم لديهم المسؤولية تجاه أمن الوطن وأمن المواطنين , فالسياسة الأمنية يتوجب أن تسير في هذا الإتجاه , والسير في غيره بمثابة جريمة مكتملة الأركان.

    وائل عباس  : لديه الجرأة والشجاعة في نقد أي شخص ونشر أي جريمة , وانتقاد أي مسئول , ممن لايؤمنوا بأن أمن الوطن يبدأ من أمن المواطن , وثراء الوطن ورفعة شأنه ونمو اقتصاده , يبدأ كذلك من المواطن.

    ولكن صار من ينتقد رفع تعريفة تذكرة مترو الأنفاق يعمل ضد الدولة وضد النظام , وممالئ  للإخوان المسلمين  ؛ وصار من ينتقد الحبس العشوائي والإعتقالات غير المبررة وحالات الاختطاف أو الاختقاء القسري , والتي تنفيها السلطات الأمنية علي الدوام , صار يعمل ضد الدولة والنظام , وصار من خلايا الإخوان النائمة ؛ ومن ثم كان القبض علي محمد أكسجين ومحمد مختار و هيثم محمدين , وغيرهم من النشطاء السياسيين أو الوكلاء الاجتماعيين ممن يحملون هموم المواطنين وهموم الوطن علي كاهلهم.

    ففي الوقت الذي يتم فيه العفو الرئاسي الصادر من الرئيس المصري عن مايزيد علي 355 من الشباب المصريين , والكثير منهم من الجماعات والتيارات الدينية التي تناصب الدولة والمجتمع العداء , إلا أنه يتم القبض علي العديد من الشباب الذين يختلفون مع النظام ومع السلطة في الإدارة والسياسة , ولايختلفون علي الوطن أو السلطة سوي في السياسة والإدارة فقط!!

    إذا سارت السياسة الأمنية علي هذا المنوال فإن المخاطر ستتراكم , إلي أن تصل إلي درجة الانفجار الشعبي الجماهيري , ولن يكون هؤلاء الشباب موجودين في الصفوف , لأنها ستكون فوضويات عشوائية ستنتشر في ربوع الوطن المصري , وسيعم الدمار والخراب ..

    أفيقوا , وأخلوا سبيل وائل عباس , وغيره من شرفاء الوطن , فماذا بعد إختطاف وائل عباس واحتجازه؟!

    الحرية لكل المحبوسين والمعتقلين..

    الحرية لـ "وائل عباس"..!!
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media