احسنت يا الصدر واحسنت يا العامري فقد اطفأتم فتنة في مهدها
    السبت 16 يونيو / حزيران 2018 - 06:34
    د. باسم سيفي
    معد ومحرر مجلة قضايا ستراتيجية
    لا اشك بان تحالفكم المبارك نزع فتيل فتنة كبيرة يريد اشعالها أعداء العراق وانكم قادرون على وضع العراق في الجادة الصحيحة، جادة البناء والاعمار والتوزيع العادل لكل العراقيين في مكونات الشعب العراقي وفي المحافظات والاقضية.

    فتحالف "سائرون" وتحالف "الفتح" يشكلون الان حوالي ثلث أعضاء مجلس النواب الجديد ومعظمهم من النواب الجدد الذين برزوا من رحم الطين العراقي الذي انجب الحشد الشعبي، منقذنا من داعش الهمجي واعوانه. مع قليل من الصبر ومزيد من الانفتاح للمصلحة العراقية سوف يزداد المنتمين للتحالف من النواب الى تحقيق غالبية مطلقة في مجلس النواب. تحالفكم الأخير يخفف حدة التوتر السياسي والعسكري في عراق اليوم فتحالفيكما ساهم وجماهيركم بالدماء والشهداء في محاربة قوى الظلام الداعشية والانتصار عليه.
    ليس من الصعب القول بأن الجماهير التي انتخبتكم معظمهم من المتعاطفين مع الحشد الشعبي العراقي وقد انتخبوا الشهداء ووحدة العراق وهم من المهمشين والضعفاء الذين لم يروا خيرا من أداء طبقة السياسيين والنخبة التي اهتمت بمصالحها الخاصة والمحسوبية منذ سقوط الطاغية اكثر من اهتمامها باقتصاد البلد وحقوق الضعفاء فيه.
    وانا على ثقة بأنكم قادرون على اكمال مسيرة الاهتمام بالشعب العراقي بكافة اطيافه من خلال اصراركم على توسيع تحالف وطني يضم نجباء النواب في المجلس الجديد ورسم برنامج حكومي وطني يعزز التنمية ويعطي حقوق الضعفاء بالمجتمع، وبنفس الوقت يستعيد ثقة الشعب بالتجربة الديمقراطية العراقية التي يجب ان تنهي معاناة العراقيين من الأنظمة الجائرة السابقة.
    المبادئ التي ينبغي ان يعتمدها برنامج الحكومة القادمة هي تأكيد الإصلاح الجذري ووضع العراق على طريق النهضة العراقية الشاملة وتشمل ما يلي:

    اولا، تأكيد الوطنية من خلال التخلص من المحاصصة الطائفية والاثنية التي ابتلى العراق بها عن جهل او تعمد من قبل القوى السياسية التي حكمت العراق في الخمسة عشر سنة الماضية، واعتماد مبدأ الأغلبية في المعاملات والتشريعات العملية.
    ثانيا، تأكيد محاربة الفساد المالي والإداري المستشري في الدولة العراقية ومحاسبة القائمين بها بشدة وعدل، وبالأخص في نظم المشاريع والضريبة والكمارك، والتي امتدت مؤخرا وبشكل قبيح حتى في النظام الانتخابي.
    ثالثا، انشاء علاقات متوازنة مع دول الجوار والقوى العالمية دون هيمنة أي دولة او قوى عالمية على القرار العراقي، وهو الامر الذي اصبح ممكنا مع استجابة العراق الرائعة للازمات الثلاث التي جابهها خلال السنوات الأربعة الماضية، الداعشية والمالية والكردية.
    رابعا، تأكيد مبدأ فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والإعلامية والبحثية ومساعدة مجلس النواب لإصدار تشريعات متوازنة تهدف خدمة كل العراق وليس مكون او مقاطعة فقط.
    خامسا، تخفيض رواتب وامتيازات النواب وكافة أصحاب الدرجات الخاصة لمعالجة الخلل الذي احدثته السياسات السابقة في توزيع الدخل وزيادة المصروفات وتكاليف الإنتاج غير المشجعة للإنتاج الوطني.
    سادسا، وضع نظام ضريبة دخل تصاعدي يساهم تدريجيا في انتشال العراق من فخ الدولة الريعية وبنفس الوقت يسترجع كثير من الأموال التي خصصت للنخبة الحاكمة منذ سقوط الطاغية دون وجه حق.
    سابعا، تخصيص راتب قدره 200 الف دينار بالشهر لحوالي أربعة ملايين عامل في القطاع الخاص وتنظيمهم في شركات أصولية لا يكلف انشاءها وادارتها مبالغ كبيرة مثلما هو الان، وذلك لتحقيق نوع من العدالة في التوزيع بين العاملين في القطاع الخاص والعاملين بالدولة، تقليل تكاليف الإنتاج الوطني، وانهاء هيمنة السوق غير النظامي في الاقتصاد العراقي غير النفطي، التخصيصات حوالي 10 ترليون دينار في السنة.
    ثامنا، دعم الإنتاج الزراعي العراقي بعشر ترليون دينار سنويا او حوالي 10% من الميزانية السنوية، وتمكينه من تحقيق نمو سنوي لا يقل عن 10% وهو ما سيكون ذو فائدة عظيمة للاقتصاد العراقي وتشغيل العمالة الزراعية. العراق بلد الزراعة الأول ومن المخجل ان نستورد معظم غذائنا مع كثرة امكانيتنا.
    تاسعا، دعم الإنتاج الصناعي العراقي بعشر ترليون دينار سنويا او حوالي 10% من الميزانية السنوية، وتمكينه من تحقيق نمو سنوي لا يقل عن 15% وهو ما سيكون ذو فائدة عظيمة للاقتصاد العراقي وتشغيل الايدي العاطلة عن العمل.
    عاشرا، إدارة موارد الدولة بكفاءة وعقلانية ووضع رسوم ملائمة على خدمات الدولة لا تشجع على التبذير وتجلب موارد كبيرة تعزز الميزانية، فحل مشكلة الكهرباء لا يمكن ان نصله بدون نظام ينهي السرقات والهدر الكبير في المرافق الإنتاجية والإستهلاكية.
    حادي عشر، اصلاح النظم المالية وجعلها مشجعة للاستثمار في الاقتصاد العراقي وأيضا للإيداع في البنوك العراقية، واهمها زيادة كفاءة سوق الأوراق المالية والبنوك الاهلية لتمارس عملها الطبيعي في حفض أموال الناس وتمويل المشاريع.
    وثاني عشر، اعتماد مبدأ توزيع الموارد والصلاحيات بين الهيكل الافقي للدولة العراقية بين المركز والمحافظات والاقضية والنواحي لتحقيق عدالة وكفاءة في تقديم كثير من الخدمات للمواطنين.

    الصرفيات المتزايدة في عدد من الفقرات أعلاه تشكل حوالي ثلث الميزانية الحالية ويمكن تغطيتها بسهولة من خلال زيادة الإيرادات من عدد من الفقرات أعلاه بالإضافة الى ما اصبح متوفرا من زيادة أسعار النفط وكمية الإنتاج.
    اوكد لكم بأن مبادئ البرنامج الحكومي أعلاه سوف لن يعارضها اكثر من 5% من السكان، خاصة اذا وضعت التفاصيل بشكل عقلاني وكفوء، وهم من يفكرون بمصالحهم الشخصية والفئوية وليس مصلحة البلد والغالبية العظمى من المواطنين.
    بعد وضع هذه المبادئ وبشيء من التفصيل توضع آلية لاختيار رئيس مجلس وزراء مؤهل لتشكيل وزارة قادرة على تنفيذ هذه المهام وارشح العبادي الملتزم بهذه المبادئ بدون انبطاحات هنا او هناك وتحت محاسبة مجلس نواب نزيه ومتمكن وقادر على تجاوز الفئوية.

    د. باسم يسفي
    معد ومحرر مجلة قضايا ستراتيجية
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media