اَلدُّبُّ وَالْمَلِكَاتُ {قِصَّةٌ لِلْأَطْفَالِ}
    الأحد 17 يونيو / حزيران 2018 - 18:39
    د. منير موسى
    عَاشَ دُبٌّ فِي غَابَةٍ 
    مَعْ زَوْجَتِهِ جَهِيزَةَ،
     وَجِرَائِهِ فِي 
    رَاحَةٍ وَسَلَامٍ.

     وَكَانَتْ حَيَوَانَاتُ الْغَابَةِ 
    تُحِبُّهُ


     وَكَانَ بِقُرْبِ الْغَابَةِ بَسَاتِينُ،
     جِبَالٌ وَبُحَيْرَةٌ،

     يَسْبَحُ فِيهَا،
     وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا.

     وَكَانَ يَصْطَادُ مِنْ سَمَكِهَا،
     وَيُطْعِمُ أَصْدِقَاءَهُ الْحَيَوَانَاتِ، 
    وَيُضَيِّفُ الزُّوَّارَ. 

    وَكَانَ يُغَنِّي 
    دَائِمًا بِفَرَحٍ:

    دُبٌّ أَنَا، أَعِيشُ بِالْغَابَةِ 
    أُحْمِي دَيَاسِمِي،
     وَجَهِيزَةَ زَوْجَتِي

    أَسْبَحُ كَلَّ يَوْمٍ 
    في بُحَيْرَتِي
     عِنْدَ الظَّهِيرَةِ

    مَاؤُهَا صَافِي 
     وَسَمَكُهَا طَيِّبُ الطَّعْمَةِ


    وَكَانَتْ مَلِكَةُ النَّحْلِ
     تَخْرُجُ كُلَّ صَبَاحٍ

     مِنْ عُشِّهَا 
    الْمَبْنِيِّ عَلَى شَجَرَةِ بُرْتُقَالٍ 

    فِي أَحَدِ الْبَسَاتِينِ
     الْقَرِيبَةِ مِنَ الْغَابَةِ

     حَامِلَةً الْعَسَلَ 
    لِصَدِيقِهَا الدُّبِّ.

    وَكَانَتْ عَامِلَاتُ النَّحْلِ
     اللَّوَاتِي مَعَهَا فِي الْعُشِّ
     تُسَاعِدْنَهَا.

    وَتَمْلَأْنَ صَحْنَهُ 
    الْكَبِيرَ بِالْعَسَلِ؛ 
    فَيَفْرَحَ الدُّبُّ،

     فَصَارُوا أَصْحَابًا.

     
    وَفِي الْجَبَلِ الْقَرِيبِ،
     كَانَتْ مَلِكَاتُ الدَّبَابِيرِ،
     وَالْعَامِلَاتُ

     قَدْ بَنَيْنَ
     لَهُنَّ عُشًّا مِنَ الطِّينِ 
    دَاخِلَ جِذْعِ شَجَرَةِ بَلُّوطٍ.

     
     وَضَعَتِ الْمَلِكَاتُ الْبَيْضَ
     فِي الْخَلَايَا الطِّينِيَّةِ، 

    وَاخْتَبَأَ كُلُّ الْعُشِّ
     طِيلَةَ فَصْلِ الشِّتَاءِ 
    تَحْتَ الْغُصُونِ الْيَابِسَةِ. 


    وَبَعْدَ أَنْ أَحَسَّتِ الدَّبَابِيرُ
     بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ؛ 
    اسْتَيْقَظَتْ! 

    فَقَالَتْ إِحْدَى الْمَلِكَاتِ: 

    "طِيرُوا وَرَائِي؛
     لِنَشْرَبَ!" 

    وَبَعْدَهَا، غَنَّوْا جَمِيعًا:
                             
    نِمْنَا طَوَالَ الشِّتَاءِ 
    وَاشْتَقْنَا لِلْوِدْيَانِ

    شَرِبْنَا مِنَ الْيَنَابِيعِ
    وَالْغُدْرَانِ 

    مَا أَطْيَبَ الْعَسَلَ 
    وَالنَّحْلَ لِلْجَوْعَانِ!

     
     وَطَارُوا نَحْوَ الْبَسَاتِينِ؛
     لِيُفَتِّشُوا عَنِ النَّحْلِ، 
    اَلثِّمَارِ وَالْعَسَلِ!

     وَهَبَّتْ رِيحٌ قَوِيَّةٌ.

    وَدَفَعَتْ بِكُلِّ الدَّبَابِيرِ
     إِلَى شَجَرَةِ تُوتِ
     الْعُلِّيقِ الْبَرِّيَّةِ.

     وَعَلِقُوا بِهَا جَمِيعًا!

    وَنَجَتِ الْمَلِكَاتُ؛
     لِأَنَّهُنَّ اخْتَبَأْنَ
     بَيْنَ أَغْصَانِ شَجَرَةِ الْبُرْتُقَالِ.

     وَكَانَ عَلَيْهَا 
    عُشُّ مَلِكَةِ النَّحْلِ
     صَدِيقَةِ الدُّبِّ!

                            
     وَطَارَ النَّسْرُ، 
    وَأَخْبَرَ الدُّبَّ صَدِيقَهُ
     بِمَا حَصَلَ!

     فَقَالَ الدُّبُّ: 

    "أَحْضِرْ لِي 
    مَلِكَةَ النَّحْلِ صَدِيقَتِي،
     وَمَلِكَاتِ الدَّبَابِيرِ!"

    حَمَلَ النَّسْرُ الْمَلِكَاتِ
     وَاصِلًا بِهِنَّ إِلَى الدُّبِّ! 

    فَقَالَ الدُّبُّ:

     "مَنِ الْمُعْتَدِي؟"

     قَالَتْ مَلِكَاتُ الدَّبَابِيرِ:
    " نَحْنُ؛
     وَنَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ!"
                          
     فَقَالَ:

    " أَنْتُنَّ مِنْ دَبَابِيرِ التِّينِ،
     أَمِ الزَّهْرِ؟" 

    فَقَالَتِ الْمَلِكَاتُ:

     "مِنْ دَبَابِيرِ التِّينِ."

     فَقَالَ: "فَهِمْتُ،
     إِنَّهَا مُخَرِّبَةٌ!" 

    وَتَابَعَ:
    "لَا أُرِيدُ أَنْ أَرْمِيَ بِكُنَّ
     فِي الْعُلِّيقَةِ!

     سَتَخْدُمْنَ مَلِكَةَ النَّحْلِ، 
    وَتَمْلَأْنَ صَحْنِيَ
     بِالْعَسَلِ كُلَّ يَوْمٍ.

    صَدِيقِيَ النَّسْرُ
     سَيَحْرُسُ المَمْلَكَةَ؛ 

    وَأَنَا أُطْعِمُهُ 
    لَحْمَ الْبَقَرِ الْبَرِّيِّ
     وَالْأَسْمَاكَ!"

               
    وَغَنَّوْا جَمِيعًا:

    دُّبٌّ أَنَا مَهْضُومُ
     حَامِي لِجِيرَانِي

    أَنَا مَلِكَةُ النَّحْلِ 
    لَا أَتْرُكُ بُسْتَانِي


    نَحْنُ المَلِكَاتُ 
    نَدِمْنَا عَلَى الْعُدْوَانِ

    أَنَا -النَّسْرَ- مَلِكُ الطُّيُورِ
     مَنْ يَعْصَانِي؟

    اَلْمَغْزَى هُوَ:
     مَنْ يَطْمَعْ بِغَيْرِهِ يَخْسَرْ،
    وَمَنْ يُحِبَّ غَيْرَهُ يَرْبَحْ! 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media