د. منير موسى
قَالَتْ زَرُّوفَةُ:
"أَكْرَهُ الْعَيْشَ بِهَذَا الْجِسْمِ
الضَّخْمِ الطَّوِيلِ.
يَصْعُبُ عَلَيَّ أَكْلُ الْحَشَائِشِ،
وَالرُّقُودُ فِي ظِلِّ الْأَشْجَارِ."
وَتَرَكَتِ الطَّعَامَ؛
فَصَار تْ تَصْغُرُ؛
حَتَّى أَصْبَحَتْ بِحَجْمِ النَّعَامَةِ.
وَفَرَّتِ الْعَصَافِيرُ عَنْ ظَهْرِهَا،
وَابْتَعَدَ عَنْهَا أَصْدِقَاؤُهَا الْحَيَوَانَاتُ.
وَأَخَذَتِ الْحَيَوَانَاتُ الْمُفْتَرِسَةُ
تُهَاجِمُهَا؛ فَتَهْرُبَ،
وَتَخْتَبِئَ؛ لِئَلَّا تَرَاهَا.
تَحَيَّرَتْ زَرُّوفَةُ؛ بَكَتْ، وَفَكَّرَتْ!
وَقَالَتْ لِنَفْسِهَا:
"سَأَرْجِعُ كَبِيرَةً!"
وَعَادَتْ تَأْكُلُ؛
فَعَلَتْ كَالشَّجَرَةِ،
وَأَصْبَحَتْ أَطْوَلَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ.
"اِشْتَقْتُ لِأَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ
وَثِمَارِهَا، سَآكُلُهَا بِشَهِيَّةٍ"
قَالَتْ زَرُّوفَةُ!
وَلَمْ تَعُدْ تَخَافُ أَحَدًا،
وَتَنْطَحُ مَنْ يَقْتَرِبُ إِلَيْهَا.
تَرْفُسُهُ بِيَدَيْهَا، وَرِجْلَيْهَا الطَّوِيلَتَيْنِ،
وَتُدَافِعُ عَنْ نَفْسِهَا بِجُرْأَةٍ.
وَعَادَتْ إِلَيْهَا الجَوَامِيسُ
وَالْأَغْنَامُ؛ لِتُطْعِمَهُمْ
ثِمَارَ الْأَشْجَارِ لْمُخْتَلِفَةَ.
وَعَاشَتْ زَرُّوفَةُ بِالْأَحْرَاجِ مَسْرُورَةً!
وَغَنَّتْ مَعْ زَقْزَقَةِ الْعَصَافِيرِ:
شَكْلِي أَنَا يُشْبِهُ الْجَمَلَا
وَلَوْنِي جَمِيلٌ، يُشْبِهُ النَّمِرَا.
أَنَا زَرُّوفَةُ،
خَفِيفَةُ الدَّمِ
سَرِيعَةُ الْمَشْيِ،
حُلْوَةُ الِاسْمِ.
عُنُقِي طَوِيلٌ،
شُوفُوا جَمَالِي
أَرْغَبُ بِأَكْلَ ثِمَارِ الْبُرْتُقَالِ