الحكومة تهدد لمن يتصدى الى مؤسسات الدولة... لكن الدولة يحكمها الفاسدون!!!
    الأثنين 16 يوليو / تموز 2018 - 06:09
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية

    انها ثورة الجياع والعطشى من البؤساء والحفاة العراة والمرضى والمهمشون من شعب صبر طويلا على استهتار المسؤولين الفاسدين فيه في عراق لا يزال العالم يتحدث عن امجاده وغنى تأريخه ، ولكنه اليوم اختار لنفسه أن يتضائل وتنكمش روحه ويعيش في مصائب وويلات لا عد ولا حصر لها نتيجة لسقوط عدالة حكامه وموالاتهم اللصوص والفاسدين. انها صرخة الثائر ابا ذر الغفاري الجديدة حين خرج على الناس صارخا ...."هل من يريحني" ؟؟!! انها أصداء ناقوس الحق الذي كتموا على انفاسه لخمسة عشر سنة ، يقرعه البؤساء اليوم وهم يشهرون سيوفهم بوجوه الخونة الانذال الذين باعوه بابخس الاثمان وحرموا عليه حتى رغيف الخبز لكي يعيشوا هذه السنين على حساب دموع ايتامه وارامله ومعاقيه. هؤلاء الطيبون من شعبنا كانوا يحلمون بوطن تسود فيه العدالة والكرامة، وفيه يكرم المواطن ويسعد . والمسؤول فيه لا يغفوا له طرف عندما يعلم أن هناك من يتضور جوعا أومن ينام مشردا على رصيف الطريق . 

    ايها الناس ، هذا ليس عراقنا الذي عرفناه والذي نشأنا في كنفه . وهذه ليست الدولة العراقية التي اريد لها ان تصبح كواحة رغيدة لشعب عانى من ارق النكبات وقدم الضحايا بسخاء جنوني لم يقدمه وطن من قبله . نعم لقد عانينا في كل العهود ، ولكن هذا العهد هو الاسوأ لانه معمم "بديمقراطية" اسمية كاذبة تم سرقة ثروات الشعب فيه وتم ترك اللصوص طلقاء!! هذا شعبنا اليوم ينهض من اجل ان يهدم الدنيا على رؤوس الطغاة ، بعد أن ضاعت المقاييس العراقية الكريمة واهينت كرامات شعب ذكي ووديع وجسور. لقد قلبوا عراقنا رأسا على عقب. لقد استبدلوا عراقنا بمباديئ من الكراهية والمقت حتى وجد العراقي نفسه ضائعا في وطنه وليس له اي ذنب فيما يحصل . لقد جعلوا العراقي يغرق في مأساته وعاشوا بحياة الترف والملذات وهم لا يزال يسمونه "ديمقراطيا" ،بعد ان استبدلوه بهؤلاء ألانذال الذين داسوا على عراقته وشوهوا اصالته ورموه في مستنقع الفساد . 

    ايها الناس ، هذه ليست دولة العراق التي كان يفترض انها جاءت في 2003 ، من اجل ان تشبع البطون وتزهو فيها النفوس وتعيد لنفسها احلامها الجميلة وتروي عطش وجدب السنين . هذه ليست الدولة المرجوة بعد ان الت على نفسها محابات المجرمين واطلاق الوعود الكاذبة وممارسة المخاتلات والسقوط في وحل الخيانات ومقارعة كؤوس الغدر والاحتفاء بالانذال واللصوص. خمسة عشر عاما من المعانات كانت من اجل رغيف الخبز قد عاشها شعبنا بدموع أرامله وأيتامه، لكننا لم نرى او نسمع ، ان لصا واحدا من بين هؤلاء المئات من المتخمين بفسادهم قد تمت ادانته ، او تم كشف عورته امام الحق؟ حتى السراق والمجرمين لا تزال تحجب الحكومة اسماؤهم من اجل سترهم!!!

    ينبغي على الحكومة العراقية ان تسارع لتحقيق مطالب شعبنا ، لتبرهن على نفسها ولو لمرة واحدة ، انها ليست سوى اكثر مصادر الحياة ارعابا وفتكا بتلك الجماهير المطالبة بحقوقها المشروعة. لقد رأينا من خلال الاحداث ، ان المسؤولين لا يتورعون ولا يبالون من حث القوى الوطنية لقواتنا المسلحة او الحشد الشعبي لمواجهة هذه الجموع الثائرة والتي لا تطالب سوى بالخبز والكرامة . ففي كل محافظة عراقية ، لا نزال نرى وقوف الصفوف الطويلة من العاطلين من الشباب تنتظر من الحكومة ان تتحرك للوفاء بمسؤولياتها من اجل استمرار حياتهم وحياة عوائلهم ، ولكننا لم نرى سوى التعامل من قبلها مع هؤلاء وكأنهم ليسوا عراقيين ، ولا تبالي حتى بالفتك بهم.  

    نعم ، ربما قد يكون بينهم مخربون ومندسون ، ولكن هل استطاعت الحكومة توفير لقمة العيش الكريمة بحيث تدرك ان الاكثرية العراقية لم تخرج الى الشارع كنتيجة للبطر؟؟؟!! وهل كانت الحكومات المحلية أوالحكومة الاتحادية لتعبئ بهؤلاء المتظاهرين لو انهم وقفوا صفوفا طويلة امام مكاتب ووزارات هؤلاء الحكام الفاسدين ولوحوا بعرائضهم لنيل مطالبهم وحقوقهم؟ ألم يفعل هؤلاء والعراقيين ذلك وعلى مدى سنين طويلة لكنهم لم يحصدوا سوى الريح والتغييب وتم نسيانهم . اليس التظاهر والمطالبات الشعبية بالحقوق جزءا من دستور الدولة العراقية؟ لماذا تستخدم الحكومة النار ضد من يجوع ويعرى في كنفها؟؟!! 

    وأخيرا أليست هذه الجماهير مرغمة للنزول للشارع من اجل لي انوف الفاسدين الانذال؟ أليس في ذلك عملا يتسم بالعدالة امام مواقف مسؤولي هذه الدولة الظالمة؟ أليس صحيحا ما قاله الشاعر :

    وفي الشر نجاة حين لا ينجيك احسان؟؟؟!!!

    حماك الله يا عراقنا السامق...

    7/16/2018 

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media