ضد مجهول
    الجمعة 10 أغسطس / آب 2018 - 19:39
    محمد صالح المغربي

    دماء تسيل، مخلفة خلفها ارامل وايتام وامهات ثكالى، رجال تذهب في طريق ألا عودة، والسبب سفاهة حاكم، او استهتار مسؤول، او عدم أبوية شيخ عشيرة، او حقد انسان على اخر.

    قاتلي اعرفه، هو نفس قاتل ابي، الذي قتل في حرب إيران وبالتأكيد هو قاتل جدي، الذي قتل في حرب 67، ونفس قاتل جد جدي، الذي قتل في ثورة العشرين، لكن المشكلة دائما القضية تسجل ضد مجهول

    مشكلتنا تكمن بأن قاتلنا بريء، ومقتولنا مذنب لأنه عكر مزاج الحاكم، لذلك هو شخص لا يستحق الحياة، فالحياة ليست للمعدمين امثالنا، فنحن خلقنا لنموت ويحيا الحاكم، خلقنا لنحاسب على رعونة رئيس، أراد ان يدخل حربا، فقط ليتخلص من رتابة العيشة التي هو فيها، او لجهالة شخص بين ليلة وضحاها أصبح من علية القوم، ومتصدرا للمشهد السياسي للبلد، خلقنا لتكون جثثنا سلم يصعد عليه الطامحين للوصول الى كرسي المجد والخلود.

    تاريخنا حافل بالموت، لكن للأسف لم يحدثنا التاريخ ان من تسبب بموتنا قد نال جزاءه العادل، وان حدث وقتل قاتلنا، تجد ان من قتله ليس للقصاص منه، انما ليعتلي مكانه، ليأخذ حصة من قتل الشعب ربما يختلف المقتول هذه المرة، لكن بالنتيجة هو من الشعب، والقاتل هو ذلك الشخص الذي تخشى ان تشير اليه بإشارة صغيرة، لان مصيرك سيكون (قتل فلان، بعد ان وضعت تحت سيارته عبوة لاصقة. او ربما قتل في اطلاقات نارية في راسه، وقطعا حينها القاتل مجهول والا..)

    إذا كنا نتهم نظام ما قبل 2003 بانه نظام دكتاتوري، فما بال نظامنا الديمقراطي، الذي قتل فيه السيد (عبد المجيد الخوئي، وحيدر الكلدار) لا يحاسب قاتلهما، وان سألت جميع العراقيين من القاتل، سوف يخبرك بصمت هامس، وهو خائف ان (فلان الفلاني) هو القاتل، وما بال نظامنا القضائي الذي يعيش الديمقراطية بأقصى حدودها، حتى أصبح رئيس المحكمة الاتحادية إمبراطور، ان يقول لمن تسبب بقتل الجنود العراقيين، واسقاط ثلاث محافظات في يوم واحد، تعال الى القضاء لتنال عقابك على سوء تصرفك.

    مال بال الضحايا ساكتين عن حقهم في القصاص؟ لا والانكى من ذلك الكثير يدافعون باستماته عن القاتل، ويمكنونه في كل مرة لتستمر الأمور بيده.

    الجميع يعرف القاتل، لكن الجميع ليس لديه الشجاعة ان يقول له انت القاتل، لأنه ان فعل يكون قد قرر الرحيل بأسرع وقت ممكن من الحياة، لذلك دائما جرائم السلطة تقيد ضد مجهول، مجهول معلوم.

    اقل إحصائية عن عدد القتلى في سبايكر هو (1700) جندي، وجميع الأدلة تشير ان سبب قتلهم هم اشخاص معلومين، وخيانات من أسماء محددة، أدت الى سقوط هذا العدد الكبير من القتلى، لكن ما نتائج التحقيق؟ وأين وصلت؟

    لنترك القضاء الذي نقول عنه انه مسيس، وننظر الى نتائج الانتخابات التي حصل عليها قتلة الجنود، الاف الأصوات حصدها هؤلاء القتلة، والسؤال هنا لماذا يكافئ الشعب القاتل ويمكنه؟ اليس من الواجب على الشعب تجريده من حصانته، وإنزاله من برجه العالي من خلال عدم انتخابه، ومن ثم محاكمته ليكون عبرة لغيره

    ربما السبب الرئيسي لجعل الكثير من الساسة يلهثون خلف المنصب، حتى وان كانوا لا يملكون الكفاءة والخبرة، هو الاطمئنان من عدم المحاسبة والمعاقبة له، مهما كان جرمه كبير، وذنبه لا يغتفر.

    لذلك ان أراد الشعب يوما ان يصنع عراق مختلف عما هو عليه الان، ان يصرح باسم القاتل ويصرخ بأعلى صوته ويشير الى القاتل مهما علا شانه ويقول له انت قاتل، وغير ذلك ليس هناك امل مطلقاً.

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media