تقديم لكتاب "ترامب اللغز":التراجيديا الأمريكية ومصير البشرية
    الثلاثاء 14 أغسطس / آب 2018 - 00:22
    د. الطيب بيتي العلوي
    مغربي مقيم بفرنسا / مستشار ثقافي سابق بمنظمة اليونسكو/ باحث انثروبيولوجي
    [[article_title_text]]

    إن الولايات المتحدة الأمريكية هي بلد إنتقل مباشرة من البربرية إلى الانحطاط من دون تجربة الحضارة
    1854 - 1900/أوسكار وايلد/فنان وكاتب إنجليزي
     
    ، أنهمك حاليا  في ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية بتغييرعنوانه وتنقيحه بإغناءه بما يتناسب وظروف العالمين العربي والإسلامي،فغيرت عنوان  الطبعة الإنجليزية  بعنوان:"ترامب الخيماوي: أوالمعادلة الأمريكية الجديدة  :بين فلسفة التفكيك،وعقيد ة التدمير     
     
     مقدمة الترجمة العربية -التي هي قيد الإعداد

    سألني أمريكيان مشوشان في شأن ترامب -كمعظم الأمريكيين -أحدهما من أتباع الحزب الجمهوري،والآخرمن أتباع الحزب الديموقراطي،:فقالا لي معا بلساني الحال:بماذا يمكنك أن تصف لنا بإختصارمن هو ترامب؟ فقد حارعقلنا في شأنه،وأُشكل علينا  في أمره  وفي أمر المصير الأمريكي،منذ تصفحنا كتابك؟، فأجبت بلسان المقال قائلا :لاعجب في لغزية ترامب،فقد قالت العرب قديما في ثقافتنا العربية -الإسلامية :"ومن شدة الظهورالخفاء وإنما تعجب من تحجب"فالقراءات المتفرقة لموضوع ما بالعقلية المتسرعة والميول المنحازة ،تذهب بالمرئ  كل مذهب
      ومن هذه الزاوية ، فسيظل ترامب لغزا عسيرا،وظاهرة متفردة في تاريخ السياسة الأمريكية والعالمية الحديثة طيلة مدة ولايته وما بعدها، -بعد  أن يفاجؤالأمريكيين والعالم بأسره مرة أخرى في إنتخابات عام  2020عندما سيُعاد إنتخابه مرة ثانية، أويحدث علام الغيوب في شأنه  أمرا 

     ...،فمن هو اللغز ترامب؟ 

     لقد جاءت فكرة كتابة هذا البحث ،نتيجة لمتابعتي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمدة عام  في عدة ولايات أمريكية أثناء حملته الإنتخابية ،ولمدة عام بعد ولايته ، مع تجربة مثيرة ميدانية  لمحاورتي في عين المكان لأتباعه ومعارضيه  من كافة مكونات الشعب الأمريكي ،ملاحظا أن الرجل قد تقلب في شأنه المحللون ،وخبط  في أمره الكاتبون، وأخطأ معظمهم الطريق إلى فهم الرجل ،وسلكواطرقا لا تفضي إلى حقيقة أمره، وكلهم ما فتئو يرددون عيوبه ومثالبه،ولا تكاد تجد مؤلفا واحدا- أمريكيا أو أوروبيا -قد بسط القول فيه بسط  المحلل النحرير،والناقد المتبصرالقدير ،حيث لم تستقم  "الإشكالية الترامبية"- بعد في إذهان خبراء السياسة الأمريكيين والدوليين- إعتبارا وإستشكالاوإنتقادا-،وإنما ظلت شخصية الرجل مغلفة بظلال اللجاج  والمضاربات "السياسوية " الإنفعالية ، وتحوم حوله الآراء والأقاويل والقراءات،هي أقرب إلى الأنظارالهيجينة التي لاناظم لها، وأشتات تحاليل لا جامع لها، وإنتقادات عاطفانية لا منطق لها،هي إلى الشتم والبذاءة والقذف أقرب
     
      ومنهجيتي المقترحة في معالجة "اللغز ترامب"- في هذا الكتاب-هي تطبيق منهجية "سبراللغز" في مجال التحليل السياسي  
     
     فما  هي هذه المنهجية؟
    بالنظر إلى أن أي موضوع -كيفما كان-"لايبدو أبدا بديهيا للمراقب في مجمله أول الأمر.ولكنه يبدو في التجلي شيئا فشيئا من خلال جوانب مجزأة عبرقطع تبدوغيرمرتطبة ببعضها البعض ،حيث تمثل كل قطعة من اللغزأيضًا لغزًآخر ،و كل قطعة تساوي بدورها معلومة،فيمكننا بالتالي مقارنة المعلومات المتاحة-بعد تمحيصها– إلى أن نصل بشكل ملموس إلى العديد من المعلومات المعزولة

    وإذانجحنا في تجميع هذه المعلومات المعزولة،ووضعناها في مكانها المناسب لإيصالهافيما بينها -يمكن عند ذاك ،أن يتغير كل شيء ويتم فهم اللغزككل،في حين أن المعلومات التي يتم أخذها بمعزل عن مكانها المناسب فلا مكان  لها-داخل لوحة اللغز-
    إذاً ،وبإختصار: فيجب أن نقوم بتجميع أكبرقدرممكن من المعلومات حول موضوع معين، نقوم  بربطها ببعضها معاً -مع قدرة جيدة لتجميع القطع- بغرض فهم"لوحة اللغز"بعيدا عن التلاعب بالقطع بإستبدال أمكنتها بقطع بديلة مزيفة ، مما يؤدي  إلى الوصول إلى نظرة مختلفة ومنافية للحقيقة

    وبالتالي فلا يمكن تفكيك اللغز في شأن"ظاهرة ترامب"، بالقراءات  المتفرقة و المجزأة   بدون ربطها ببعضها البعض ،بطريقة تستهدف إحداث الإتساق المنطقي  في ما بينها ، بغرض  إستكمال لوحة اللغز   
     
    وفيما يلي بعض الأمثلة للأجسام المعقدة التي تنطبق عليها نظرية الألغاز
     البروباغاندا الأمريكية  لتبرير ضرب العراق: صدام حسين  يمتلك أسلحة الدمار الشامل"
    " البروباغاندا الغربية: إسرائيل واحة الديموقراطية وسط همجية الشرق الأوسط  "
    - الحقيقة حول 11 سبتمبر
    -  الجغرافيا السياسية في العالم  لما بعد الحرب العالمية الثانية وحقيقة مشروع مارشال
    ثورات الربيع العربي 
    السلفية الأصولية / التيمية -الوهابية /-،وإرتباطها بالجماعات الإرهابية العابرة للقارات 
    جعل " أمريكا عظيمة من جديد" /كشعار لترامب؟ فهل كانت أمريكا "عظيمة في يوم ما  لكي تعود إلى عظمتها القديمة؟

    الظاهرة ترامب:

     بدأ لغزدونالد ترامب عندما سقط  مثل"جسم غريب فضائي" من النيازك العليا على عوالم السياسة الأمريكية والدولية  في صبيحة يوم من أيام 2015 .فكان منذ بدايات حملته الإنتخابية  في عام 2016 ذلك الرجل الهائج النفور،الجامح الغضوب الموتور،الجانح عن السياسة  المتعارف عليها  في القواميس الأمريكية والدولية التقليدية وفي فلسلفة السياسة،الرجل السياسي المستعصي عن الفهم والسيطرة ،والخارج عن المألوف في السياسة بالإصطلاح     
     
    فجرالسياسة الأمريكية من الداخل ،شظظ معتقداتها،وأد نظرياتها،زعزع منظريها  وحقَر متعاطيها

    حطم التقنيات الثابتة للإعلام  الأمريكي وأدواته  المعروفة منذ نهاية الحرب
    العالمية الأولى

    مسخ منهجيات البروباغاندا الأمريكية الكلاسيكية ،وقواعد نظريات" السيكو-سوسيولوجيا" التي أوجدها -حفيد العلامة سيغموند  فرويد-" إدوارد بيرنيس "- في عشرينات القرن الماضي،كما حطم  قواعد"علم نفس الأعماق"ومرجعيات علم النفس السياسي التي طبعت حملات الإنتخابات السياسة الأمريكية التاريخية وصبغت إعلامه منذ بدايات القرن العشرين

    كذَب بنجاحه المفاجئ في الإنتخابات الأمريكية  كل"يقينيات "إستطلاعات الرأي السياسي والإجتماعي المتربعة على عرش تقنيات"سبر"الآراء"التي ما فتئ رهبانها  من"نخب التين طانك" " وفقهاء "الصحافة الأمريكية يروجون لقداستها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى

      حقرالنخبَ المفكرة الأمريكية ،وأشعل حربا شعواء على أصنام و"أيقونات"هوليود"وعلى نجوم الإعلام والسينما

    أذل كل ساسة العالم- وخاصة العرب –حتى أحلافه التقليديين في كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا،ماعدا روسيا" بوتين"-وذاك تساؤل سنحاول الإجابة عنه في هذا الكتاب-

     بث الرعب في نفوس معارضيه السياسيين / وخاصة من أعداه  من الحزب الديموقراطي ،وكذا فئات من الجمهوريين المتحلقين حول الصقرين"ماكاين "و"روميني" من رواد المحافظين الجدد المتشددين  في الحزب الجمهوري،حيث تعالت  أصوات المرتعبين  من كلي الحزبين ،تردد أصداء "خيانة ترامب العظمى" وخطئيته الكبرى بالتحالف مع الروس- أعداء " الأمة الأمريكية شعب الله المختار"- منددين ب "ترامب العميل" التابع لراسبوتين الرهيب:بوتين ،ومتوعدين روسيا المارقة ، الملحدة ، البشعة ،عدوة الإنسانية والديموقراطية، بينما يتطرًب الإعلام الأمريكي المعارض لترامب –في صورة -CNN بشياطين الكاجيبي والمحاربين الجدد المتخصصين في"الحروب السيبيرية"والقرنصة الإليكترونية
    توعد غريمته هيلاري كلينتون– المتعفنة والمحتالة في نظره- بالويل والثبور،والزج بها في غياهيب السجون عند رئاسته، وبعد نجاحه- الغيرالمنتظر من الإعلام الرسمي الأمريكي والدولي- تأخرعن موعد إلقاء خطاب التولية نصف ساعة، حدث خلالها ما حدث ولا يعلم سر ما حدث أحد ،فخرج ليخاطب الأمريكيين والعالم أجمع -وخاصة أتباعه-، بالإشادة بهيلاري وبعملها الجاد والجيد اثناء حملتها الإنتخابية، ونعت العائلة كلينتون ب" الأناس الطيبين"

    يُدلي ترامب بإعجابه ببوتين في كل مرة يرد فيها على الصحفيين بشأن"التدخل الروسي المزعوم  في الإنتخابات الأمريكية"،ويدعو إلى التقارب الروسي الأمريكي، والتنسيق في المجالات الحيوية العلمية ومكافحة الإرهاب، لكنه بالمقابل يستفزبوتين،أو بالأحرى- جس نبضه- بضرب  دمشق في عام واحد مرتين ،ونعت حليفه الصفي- بشارالأسد،- ب"الحيوان "و المجرم قاتل الأطفال ،وإستمر مع ذلك في محاولة التقرب من  بوتين،معرضا منصبه وحياته وطموحاته إلى الخطر،ومثيرا لكثيرمن  التساؤلات المحيرة ،التي ستظل لمدطويلة بدون أجوب/وسنحاول  الإجابة عنها  في معرض فصول هذا الكتاب /

      يتساءل البعض  في ما إذا كان مشروع ترامب الخفي هو إحتواء روسيا بإغراء "النخب الروسية المتلبرلة"الجديدة  المتحلقة حول"ميدفيديف"نائب الرئيس ،الذي هو دوماتحت أعين  بوتين  النفاذة مثل " الليزر" للوشق" السيبيري بوتين"

     كما يتساءل آخرون فيما إذا تم الإتيان بترامب بغرض إحتواء الروس وتفخيخ بوتين، أوإحتوائه أورشوته- ب "الإختراق اللطيف والذكي"عبر"الحرب الناعمة" الجديدة  كبديل" ملطف" للحرب الباردة،/تحت  نصائح الثعلب العجوزهنري  كيسينغر/ بدل المصادمة  العنيفة الغير المضمونة، بهدف دمج روسيا في" نظام العولمة
    "وفي "حكومة العالم الجديدة"

    ويتساءل آخرون فيما تم الإتيان به بهدف إنجازأجندة إسرائيل الخفية  pax judaïca » "بعد أفول مشروع « pax britanica « في ما بعد الحرب العالمية الثانية ونهاية  مشروع pax americana »  في ما بعد تهافت"النظام العالمي الجديد" و"الأزمة الإقتصادية الأمريكية مع ولاية بوش ومشروعه "الحملة على الإرهاب"،وولاية أوباما وأزمة العقارالخانقة لعام 2008 المؤدية إلى الأزمة المالية الدولية وإنهيار الأبناك. والسؤال المطروح هنا مع ذلك: من يستخدم من ؟:أسئلة سنحاول الإجابة عنها في سياق هذا الكتاب/حيث أن  كل هذه الأفكار و المشاريع ، حاضرة بإستمرار و-بالتعاقب-  في "الشبكة الذهنية العنكبوتية الترامبية"-حسب نظرية الألغاز-
    وسيشهد الشرق الأوسط الصراع المريرما بين سياسة "البازار الإيرانية"وسياسة "الكازينوالأمريكية"التي ستشد الأنفاس ويكثرتقلبات الدهروالقيل والقال، والمآسي الجديدة التي ستطال كل دول الخليج  ،حيث سيكون ترامب في مشهد الشرق الأوسط الجديد  اللاعب الرئيسي وموزع الأدوار والحكم في آن واحد
     ،
    وستكون الأزمة السورية هي الورقة الأساسية التي سيلعب بها ترامب في مفاوضاته مع كل الأطراف: الروسية والإيرانية ،والخليجية والإسرائيلية ،وقد يفاجؤ ترامب أحلافه العرب في المنطقة حيث سيضطر للتخلي عن بعضها لضرورات جيوسياسية، من أجل تجنب الصراع المباشرمع إيران قبل إضعافها إقتصاديا ومخافة فقدان ثقة حليفه بوتين -كطوق نجاة لترامب داخل"الدولة العميقة" والورقة  الرابحة  بين يديه  في مفاوضة "جماعات الضغط " التي تريد رأسه ،
    كما ستعاني تل أبيب من تقلباته ،فيما رجح مصالحه الشخصية ومصالح أمريكا أولا على مصالح الكيان العبري .فهل ستتحقق نبوؤة هنري كيسينغر المتقادمة  في زول إسرائيل؟

     كما سيشهد العالم أخطرلعبة على الخريطة الدولية ؟ما بين لعبة الشطرنج الروسية  ولعبة المونوبولي الأمريكية أوبالأحرى ،مشاهدة  التباري على الحلبة مابين  بوتين:"موزارالجيو-سياسة"وبين ترامب:"ألكابون" مافيا نيويورك ،أوما بين رقصة موسيقى الفالس لتشايكوفسكي،ورقصة الروكنرول الصاخبة  لإلفيس بريسلي، حيث أن العلاقات الروسية/ الأمريكية الحالية  بعد لقاء هلسينكي بين الزعيمين،هي الأسوأ منذ نهاية الحرب الباردة، كما حدد ذلك بوتين بنفسه في خطابه في 19 من شهرجويي من عام 2018 أمام السفراء المعتمدين وممثلي الدول  الأجنبية في موسكو حيث  صرح ترامب غير مامرة بإنه سيكون من ألد أعداء روسيا بوتين-إذا تم إفشال خطاه  في التقرب إلى بوتين–من طرف الديموقراطيون المحافظين الجدد-داخل حزبه الجمهوري- والليبراليين الجدد واليساريين المزيفين  ؟

    وكلما تصارخ  الإعلام الأمريكي والدولي،وولول منتقدو ترامب،أوتبارى  الكتاب والمحللون النفسيون والصحفييون ،في محاولة إثبات إختلال عقله  وقلة خبراته ،وهتليرته وعدواننيته وعنصريته وإرتجاليته وتقلباته ،كلما فاجأ الجميع  بقرارساخن جديد، وبتصريح مستفزوبخطوة غيرمنتظرة، حيث يبدو أشبه ما يكون بالسادي المتلذذ  بتعذيب  معارضيه المازوشيين السياسيين والإعلاميين، فيبدو في كل مرة أكثرثعلبية وإنزلاقا وإستعصاء على الفهم و التصنيف  والوضوح

      تقمص في بداية إنتخاباته ثورية سبارتاكوس، وبعد شهرمن ولايته تحول إلى غورباتشوف أمريكا ،وعندما ذاق طعم السلطة وإنتشى بخمرة الحكم والإمارة ، تحول إلى"قيصرروما" بهدف السيطرة على المشرقين والمغربين معا  ،بضرب سوريا مرتين ،وتهديد فانزويللا وكوريا  وإيران ومناوشة  الصين  تجاريا لجرها إلى حرب مصادمة،والتحرش بروسيا على أرض المعركة بسوريا مرات، لجس نبضها، ومدى صلابة عودها
    ومعرفة ما خفي من قدراتها  العسكرية والميدانية

    بينما أوصل ترامب  إسرائيل إلى حيث تريد، وأوصل الساسة العرب إلى  حيث لايدرون ،مستخفا بالرأي العربي والإسلامي والعالمي ليحقق لليهود  التلموديين: وللأنجيكاليين الجدد  الأمريكيين:مشروع "إسرائيل الكبرى"وهي خطوات زادت من شعبيته لدي  الطائفة اليهودية  -الشعبوية الأمريكية ولوبياتها ، ولدى  المتطرفين الجمهوريين ولفئات من الديموقراطيين  المناصرين لهيلاري ، مما جعل البعض يتسائل فيما إذا سيتحول عند نهاية عهدته إلى نيرون روما الجديدة، الذي سيحرق العاصمة واشنطن ويتلذذ برائحة الحرائق  في باقي عواصم العالم ؟ بدل"تجفيف  مستنقعات البيت الأبيض المتعفنة –" كما ردد خلال حملته الإنتخابية؟
     أم ستجف مخيلته  وينضب معينه فيسلم الأمور كلها إلى"الدولة العميقة "التي ما فتئ يحاورها ويناورها ويفاوضها/ لأن ترامب لا يعطي أي شيئ بالمجان / ،أم سينتهي به الأمرإلى تقديم الولاء والطاعة " لجماعات الضغط الحاكمة" الحقيقية في أمريكا،- التي لا تعلن عن إسمها- أولائك الذين  جلبوا من قبله  بوش وأوباما إلى السلطة؟ ليدمر بذلك أمريكا- أولا-بدل من أن يجعلها عظيمة؟ أم أن وراء أكمة  ترامب أشياء أخرى لا يعلمها إلا الله
    وإيفانكا وبعلها جاريد كوشنير؟

    وبأي سيناريو ستنتهي ولايته؟: بسيناريو العزل والإستقالة مثل" نيكسون -على خلفية "ووتر غيت" أم على هدي سيناريو التنحي -بالتراضي-؟ أم على سيناريو التصفية الجسدية على طريقة براهام لينكولن و كينيدي
    لا أحد يدعي الإجابة عن هذه التساؤلات

    وخلاصة القول –في ختام هذه المقدمة المطولة الضرورية- يمكن وصف ترامب بذلكم "الخيماوي"–بالمعنى الصوفي- الذي جمع من كل الأشياء عجبا: ما بين همجية بوش وعنفه، وغطرسة  موسوليني وفاشيته،ووقاحة ساركوزيوإدعائاته،  وجشع ودهاء  تشيرشيل وخبثه ،ولولبية  أوباما وخداعه ،غير إنه ليس بذلك الخب الذي  ينخدع أو ينساق إلى السهل من الحلول،وهو ذلكم المفاوض المشاكس العنيد  اللعوب  الفض الذي لايقهر،والذي إذا  سلم  في مفاوضات ما  بأمر،فإعلم أن من وراءها أمر آخر،حيث يبدو لمعظم الأمريكيين و كأنه بطل أسطوري أوطلسم من طلاسم علوم الفلك والرمل     

     ومخطئ من ينساق مع التيارالمتسرع ،الذي يصف ترامب بالمأفون والغبي  والمختل عقليا  ؟حيث سيفاجؤ الأمريكيين والعالم كله من جديد عندما سيعود ترامب إلى الساحة الإنتخابية لعام 2020 بنجاح؟وكيف ؟–كما وضحت ذلك بالتفصيل في فصل مطول من فصول هذا الكتاب-؟ حيث أن الرجل هوأكثر لغزا وزئبقية مما قد يُتصور،و أكثر دهاء وماكيافيللية  من أن يُحقر،وأكثر لولبية من أن يوثق به ،حيث سيعيش العالم في عهد ترامب صخب موسيقى الروكنرول ،عبر الإثارة  الهيتشكوكية  في السياسية الأمريكية الجديدة أو عبر عنف التدمير بهدف إعادة  التركيب من أجل التغيير،بتعزيز"مذهب الصفر الغربي"أو مذهب «تينا"T.N.A الذي يعني:"لا يوجد بديل  للدول المنهوبة" There Is no Alternative   الذي هومذهب الأنغلو ساكسونيين :«ماغاريت  تاتشير "ورولاند ريغان،بغرض تحقيق" مشاريع:"أمريكا أولا"و" أمريكا العظيمة من جديد " و"إسرائيل  المحصنة من جديد"
      
    تعتمد أسياليب ترامب في سياساته الداخلية والخارحية على ألاعيب  محترفي نوادي القمار-التي يمتلك بعضها بلاس فيغاس/وهو النهج الذي  يناسب العقلية المادية والفردية الأمريكية الجسورة، والمولعة ببإقتناص الفرص  أينما وُجدت ،وبأية طريقة كانت ، والوله بالمغامرة والمقامرة  واللعب بالنار

      ويبدو دونالد ترامب في معظم أحواله :ذلكم الرئيس الأمريكي الذي لا يقرعلى قرارولا يهدؤ له بال،كلما تحرك إلا وخضخض الأمريكيين وزعزع  سكان البسيطة أجمعين ،حيث تحول منذ الشهر الأول لولايته من" الإنعزالية"إلى"التوسعية" ، ثم عاد من جديد ليُشهرورقة الإنعزالية وملوحا بالحروب الإقتصادية على كل اليابسة، والتهديد بأشد العقوبات الصارمة ضد الخصوم والأصدقاء معا ،
     و سيزداد تأثيرالمرجعيات" الإيديولوجية-الثيولوجية" المتمثلة  في إقحام " العهدين القديم والجديد/أوما  يسمى بنظرية المصير المبين التوراتية للجموريين/     "في المخططات السياسية-الداخلية والخارجية  التي  ستؤدي حتما إلى قلاقل إجمتاعية ،وإلى مشاريع حرب أهلية أمريكية، وإضطرابات دولية ، والصراع مع " التقدمية الإمبريالية»: للديموقراطيين " و"
    العولمية" لليبراليين
    وما السر في أنه  كلما تكاثرت الكتابات  ضده، و تزايدت الإحتجاجات المستهدفة الإطاحة به ، كلما تزايد  تثبيت مركزه، وإرتفعت  شعبيته في بلد يصارع  نفسه ويصارع العالم الخارجي من أجل البقاء؟ فما السر في ذلك؟ ومن يقف خلفه  ؟  
     
    وسيكون الساسة العرب بمثابة "معتوهي القرية" في خضم هذه الطلاسم الأمريكية والأحاجي الترامبية ،والحلقة"الداروينية"  الأضعف في الدائرة الترامبية  المفرغة ، تقتصرمهمتهم على ملإ الخزائن الأمريكية  الفارغة، وإنعاش الإقتصاد الترامبي ، والتعجيل  بتدمير بلدانهم 
    وسيعلق هؤلاء "الأغبياء المفيدون" العرب، ونخبهم المسترزقة ،فشلهم الذريع على شماعة دونالدترامب، ا لذي سجازيهم جزاء سنمار 
      
     لقد إحتارالخبراء- في أمريكا والعالم بأسره- في تصنيف هذا الرجل بعد أن ما فتئت شعبيته ترتفع  لدي الفئات الشعبوية في كل بقاع الولايات المتحدة الأمريكية  وعلى طول وعرض أوروبا ،حيث نتساءل:هل هو فعل غبي ومجنون أو"جحا" العصرالمتهابل، أو شالرلمان الغرب الجديد ؟ أونابوليون؟ أوبيسمارك أوهتلر/ أوموسيليني؟ أم مجرد مهرج جشع غبي مثل...يالتسين؟   

    ومن هذا المنظور:فإن الوضع العالمي الجديد المقبل سيكون خطيراجدا،مع وجود ترامب الذي خضخض ما في القعر،وإستغله -بذكاء لصالحه-وأخرج إلى السطح ما ظل ثاويا تجت الرماد ،ومتراكما لعقود/  يستهدف  ضرب كل الأطراف ببعضها البعض، ومامجيؤه إلا بمثابة تلك القشة التي قصمت ظهر البعير

    وسيكون الوضع العالمي المقبل-في الزمن الترامبي-أكثرخطورة على االساسة العرب المتحادقين ،وعلى شعوبهم  المنغمسين في إهتماماتهم النكوصية والهروبية والقطيعية/بالرغم من أن ترامب قد أرسل لهم  منذ البداية علامات وإشارات، تدل على مدى إحتقاره لهم /غيرأنهم في غيهم وضلاهم ،هم غيرمهيئين-منذ عقود- لمواجهة رياح التغييرالعاصفة المقبلة التي قد تكون القاضية في الزمن الترامبي  –،
    وسيظل العرب  أضحوكة الشعوب والأمم ،متشبثين بمناهج التماثل والتكراروالإجترار،راسخين في براديغمات رائجة دوارة فارغة، يسمونها -سفاهة وبلادة:ثورات ومناهج وبرامج وإصلاحات،متطوحين في مطاوح الرجعية و"الأسلمة"و"الأسلفة"والعبثية  والقشرة جاهلية ،وتائهين في السبل المسدودة: ديدنهم  فسلفتهم اللاعقلانية : لقد كان بالأمس بوش وأوباما، واليوم جاء ترامب،وغدا أمر،ولكل حادث حديث

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media