شيء من اللغة.. من أجل إعادة صياغة الدرس النحوي
    الخميس 16 أغسطس / آب 2018 - 14:58
    د. هادي حسن حمودي
    باحث وأستاذ جامعي عراقي - لندن

    نعم.. النحو بحاجة إلى إعادة صياغة، هنا سؤال يتعلق بموضوع النسب.. وجوابه.
    في حلقة سابقة عن النسب في النحو ذكرنا النسبة إلى المهن والفرق بين صَحَفي، وصُحفي ودَولي ودُوَلي، وغير ذلك.
    وقد وصل لي سؤال من الأستاذ أحمد عبد الجليل من العراق يسأل عن مدى صواب كلمة رئيسيّ نسبة إلى رئيس بعد أن أجازها مجمع اللغة العربية في القاهرة.
    أدون الإجابة في هذه الملاحظات:
    1- تعنينا دلالة اللغة فحسب. ولا يعنينا من أجاز ومن لم يُجز. وإلا عُدنا إلى (تصنيم) الأشخاص أو الهيئات.
    2- حين ننظر إلى من يجيز ومن لا يجيز، نتأمل في منهج كل منهما. فإن كان المنهج سليما اصطففنا مع الآخذ به، وإن وجدناه غير سليم قلنا: له رأيه، ولا نفرض عليه ما تكشفه اللغة عن خصائصها.
    3- إن باب (النسب) في النحو بحاجة إلى إعادة نظر. كما إن النحو كله بحاجة إلى إعادة صياغة على وفق منهج لغوي يفهم اللغة بذاتها ولذاتها ومن أجل ذاتها.
    3- لا نقول بخطأ كلمة أو استعمالٍ لكلمة إلا إذا لم نجد لهما مساغا من أي وجه من وجوه التطوير اللغوي. وكلمة (رئيسيّ) لا نرى لها مساغا. فالنسب أن تنسب شيئا إلى شيء آخر، فتقول: أنا عراقي، أو مصري، مثلا، حيث تنسب نفسك إلى العراق أو مصر.
    وتقول: هذا كتابي، حيث نسبت الكتاب إلى نفسك. فكيف تنسب نفسك إلى نفسك؟
    4- لك أن تقول: وكان الموضوع الرئيس في الاجتماع  كذا. فأنت وصفت الموضوع بأنه رئيس، أي في أقصى الأهمية. فكيف يصح أن تنسب رئيس إلى رئيس؟ أي كيف يصح أن تقول: وكان الموضوع الرئيسيّ في الاجتماع كذا؟ فإلى ماذا تشير الياء في: رئيسيّ؟ ومن الواضح أن كلمة (رئيسي) صفة لكلمة موضوع، مثل كلمة (رئيس) في الجملة السابقة. غير أن الحديث هنا ليس عن الإعراب، بل عن جواز نسبة الشيء إلى نفسه أم عدم جوازه.
    5- فقولك: موضوع رئيس، هو الصواب الصحيح.
    6- فإذا أصدر رئيس الدولة قرارا، فلا يمكن أن نقول: هذا قرارٌ رئيسٌ ولا رئيسيّ، وإنما لنا أن نختار أحد تعبيرين: هذا قرارُ رئيس الدولة (بضم كلمة قرار)، أو: هذا قرارٌ  رئاسيّ (بتنوينهما)، والتعبير الثاني يدلّ على أنّ القرار صدر عن الرئيس بحكم منصبه الذي هو الرئاسة وليس قرارا منفردا به فهو أكثر إلزاما من الأول الدال على أنه قرار شخصي ربما في مواجهة قرارات أخرى. وفي بعض الأنظمة لا يكون هذا القرار الشخصي ملزما، فهو أقرب ما يكون إلى رأي لا إلى قرار.
    7- وفي النسب في النحو الموروث من الاضطراب الكثير: لك هذا المثال: قالوا إن النسبة إلى (بناية) بنائيّ. فهل سمعت يوما نسبة شيء إلى (بناية)؟ فلماذا يفترضون ما لا وجود له؟ ثم إن كلمة (بنائي) هي نسبة إلى بناء. فتقول: هذا مشروعٌ بنائيّ، أي لبناء شيء ما، ماديا كان أم معنويا. أو هذا مشروع بناية، أو هذا مشروعٌ لإنشاء بناية. ومن المعنوي أن تقول: إن الأفكار التي تقدم بها فلان الفلاني أفكار بنائية. أي نافعة.
    وفقكم الله وإيانا للأفكار البنائية النافعة.

    د. هادي حسن حمودي
    (باحث وأستاذ جامعي عراقي – لندن)

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media