راتبي التقاعدي الان يصل للبيت الشكر لله .والله يازمن اراك تغيرت .عندما أحيلت اوراقي على التقاعد عام 30/ 11/ 1988.تأثرت كثيرا. وأحس ربما ان الحياة توقفت بنا...
لأنني تعلمت ان استلم راتباً شهريا يكفي لتسديد مصروفاتي الشهرية وعائلتي كبيرة وانا مبذر اكثر مما احرص مثل بقية الناس في بغداد ...
وعندما رايت شبح التقاعد الضئيل المخصص لي في زمن صدام ) كل ثلاثة أشهر (اربعه وعشرون الف دينار الا ربع ) استلمها من المصرف المخصص ( يعني موت بطئ ) وعندما ذهبت الى مصرف بغداد الجديدة . لاستلام اول راتب تقاعد لي .وشاهدت طوابير من المتقاعدين كتله بشرية كبيرة واقفين بالصف الطويل والبقية كبار السن نائمون بالحديقة واما الواقفون بالصف الطويل يتململوا ويتلاوعوا من الزخم على المصارف .وكل مجموعة لها يوم من الشهر وعندما اتململ من الوقوف واخرج من الصف للجلوس بالحديقة .ينتهي النهار وانا بين نارين .اما اصبر واستلم الراتب الضئيل واما اذهب الى بكرى او بعد بكرى عمليه متعبة وممله كانت ...
كان صدم ابو الحروب والبهلوانيات .قوي ومخيف . ومؤسسات الدولة تعمل بكل طاقتها القصوى لتقديم خدمات للبلد لكن الحقيقة كانت رواتب المتقاعدين شحيحة وضعيفة وماتكفي للمتقاعد غير مصرف أسبوع واحد ان يعيش به فقط وكانت ميزانية النفط تذهب للحروب والبقية تقسم على اعوان صدام وأقربائه .والقسم الاخر يصرف على النساء الكاوليات المطربات المنتشرات في المناطق الغربية الشبعانة.ولاتزال بقية الكاويات تبكي على صدام واعوانه وعشيرته ..
ويقول صدام في خطاباته دائما . لو كانو رجال التحقيقات يقتلون يوميا الف واحد خائن ومعارض للحكم . مايرف لي اي جفن عليهم . والفترة الاخيرة استعانة بجماعة ابن لأدن بالقاعدة دخلهم فدائين صدام . لذبح الفقراء بالتأجي رجالاً ونسائاً ..
لكن كان العمل بالقطاع الخاص متوفر .وانا طموح لابد ان استمر بالحياة مهما كانت الضروف ولكون بغداد تعدادها كان ثلاثة ملاين نسمه بعد انتهاء الحروب مع ايران والكويت .وذهبنا نحن المتقاعدين الى القطاع الخاص للعمل لتوفير لقمة العيش الشحيحة ولكون الراتب التقاعد بائس جداً وتم تعيني في فندق شيراتون بالمشتريات .عام ونصف تنفسنا وعاد مره اخرى صدام للحرب واحتل الكويت . وسبب لنا حصار وكوارث وجوع ظالم .بعدها جاءت امريكا وتم تغير صدام وقتله بأمر من حكام دول الخليج .لكثرة اعتدائه علي بلدانهم والتهجم على ملوكهم .....
كاتب وناشط في منظمة حقوق الانسان .
