طاعون الزعامة وضياع الكرامة!!
    السبت 18 أغسطس / آب 2018 - 19:54
    د. صادق السامرائي

    تزعّم فريقا: صار له رئيسا أو زعيما
    يزعم: يكذب أو يظن

    ومفردة زعيم طغت على الوعي العراقي بعد الإنقلاب الدامي على الملكية , التي جاءت بالزعيم الأوحد , والزعيم الركن , وهتافات "ماكو زعيم إلا كريم" , وغيرها من آليات الإنقياد والتبعية والإستعباد ومصادرة الرأي والخنوع الإنفعالي العاطفي المروع.

    طاعون الزعامة وباء مستوطن خطير في بلاد العرب أوطاني منذ ما قبل الإسلام وحتى اليوم , وما تمكن العرب من التحرر من قبضته أو الشفاء منه والوقاية من الإصابة به.

    فهو زعيم أوحد في سلوكه وما يبدر منه , ولا زعيم إلا هو , وياليته يكون زعيم نفسه وحسب , لكنه ينأى عن ذاته وموضوعه ويريد فرض زعامته على الآخرين.

    ولهذا فأن الأقطار العربية عبارة عن زعماء وزعامات , وعندما تسأل عن عدد العرب سيكون الجواب إثنان وعشرون زعيم لا غير!!

    وبسبب طاعون الزعامة أضاع العرب الكرامة , وإستلطفوا الذل والهوان والتبعية والخضوع للآخر , لأنها من مقتضيات التعبير عن الزعامة , وخلاصتها أمتلكك وأستعبدك وأقرر مصيرك وأصادر كرامتك , وأجردك من كونك إنسان , وأحيلك إلى رقم من الأرقام التي يسهل طرحها وقسمتها على ما أشاء من الأرقام.

    وبهذه الزعامات تردى العرب وتقهقروا وتكسروا وإنتكسوا وإنهزموا وتقتلوا , وتدمرت ديارهم وتحطم حاضرهم ومستقبلهم , ولا يزالون يرتعون في زرائب الزعامات التي تزعم وتتزعم وتنفذ أجندات الآخرين.

    وطاعون الزعامة العربي أوجد نفوسا وآليات سلوكية تستلطف الذل والهوان وتأنس بالدونية والإعتماد على الآخرين , وصارت الرؤوس محشوة بالمزاعم المأساوية النتائج والتفاعلات.

    إنهم يتزعمون ويزعمون وينشرون الثبور والفساد , وهم الزعماء المبجلون المنصورون من تجار الدين , والذين يضعون على رؤوسهم عمائم الدجل والضلال والنفاق , وما دينهم إلا دنانيرهم وما يكسبونه من جاه وسلطان , ويبيعون للناس أعاجيب البهتان.

    فالطبع العربي مدجن ليكون مأسورا بالزعامات ومبرمجا وفقا لرغباتها , وما فيها من نوازع سوء وإستحواذ على حقوق الناس والوطن.

    فالزعيم هم الدستور والقانون , ولهذا فالحياة في ظل الزعامات بلا دستور وقانون , ولا توجد دول عربية بل زعامات ولكل زعيم مَن يواليه ويكون عبدا مطيعا لما يريد ويأمر, ولهذا فأن العديد من الدول العربية فاشلة , لأن الزعامات لا تبني دولة بل تسعى للولاءات , والكيان المعمول به مبني على اساس الولاء للزعامات , وبهذا إنحط العرب وعاشوا في قيعان السبات والإنقطاع عن إرادة العصر وآفاق الواقع الحر الدفاق الأفكار والتطلعات.

    ولن تقوم قائمة للعرب إن لم يكن الدستور زعيمهم والقانون ميزان سلوكهم وأميرهم , فهل من وعي لأهمية السلوك القانوني والدستوري المفيد؟!!

    وهل حمورابي حقا كان موجودا؟!!

    د-صادق السامرائي

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media