نحو الشمس..!
    الأثنين 20 أغسطس / آب 2018 - 03:13
    زيدون النبهاني
    لو سؤلنا.. بأيِ مرحلة عُمرية يعيش العراق الآن؟! هل هو في طفولتهِ أم في كهولته؟، أو بينهما حيثُ يعيش مرحلة الشباب، أو هو مُراهق صعب المراس، هل هو ميّت! هل ماتَ سابقاً؟! هل هو مريض؟! جيد.. إن كان مريضاً فهل هو شاب مريض أم شيخٌ كهل مريض؟! 

    هل هو طفلٌ عنيد؟! 

    هل هو إجتماعي.. يحبُ الناس؟! والألم.. ما قصّة الألم معه؟! هل يستحي من ضيفه الألم! هل يعتبر رِفقتهُ للألم خِصلة حاتمية الكرم!

    العراق قديم، قديم جداً، أقدم من تعداد ١٩٥٧، ربما هو الآن أكبر من جدي، جدي "شايب"، جدي مات و هو بقى، للوهلة الإولى أعتبر إن العراق لإنهُ نباتي قاوم الشيخوخة، لكن إن كان ذاك صحيحاً.. فمن أكل كل هذه اللحوم من أجسادنا؟!

    هناك.. في زمانٍ غابِر، تعرَف العراق على الشمس، كانَ العراق جميلاً، متى؟! لا يهم..، القصة تقول ذلك، كانَ جميلاً فركعت الشمس، كانا يُحبان بعضهما، كادا يتزوجان على سنّة السماء، لولا غيرة القمر، كانَ القمر حاسِداً و حاقِداً، ليسَ على الشمس حيثُ يركض وراءها منذُ الاف السنين، كان يمقت العراق!

    قصة تفسّر لنا عمق الحرّ الشديد الذي نعيشه؛ إنهُ بقايا هيام الشمس بالعراق، هكذا كان يعشق الأولين! كم عُمر الشمس إذن؟! هل هي عجوز الآن! إن كانت كذلك.. كيف لها أن تُرسل لنا كل هذا الكم من الحُب على شكل حر! هل كانَ العراق يفوقها عُمراً عندما أحبها، وهي كيفَ قبلت بحبه وهي المُبتهجة بالحياة؟، هل هما مُتقاربان بالعمر؟! هل دخلا المدرسة سويةً؟! وفي مقاعد الدراسة كيف غارَ منهما القمر، هل لعبوا ثلاثتهم ولو مرّة.. لعبة التوكي!

    لا أعرف كم هو عمر العراق الآن، لكني أعرف.. إنهُ لم يقضِ شبابه مع صدام حسين، كل ذلك الجسد المألوم.. لن يقبل بصدام رفيقاً، ربما قبلَ الجسد وكانت الروح وديعة الشمس، العشق القديم، ولأن القمر كريم الطباع، نافسَ بشجاعة، سكتَ وقتها، لم يكشف مكان روح العراق، لم يشي، لا شمس و لا قمر في حُقبة الطاغية، لا حياة، كانت روح الوطن هناك، حيثُ الوله و التَيهان و الغيرة، كان العراق حبيب الشمس و نظير القمر!

    كم عُمره إذن!
    لحظة مواجهتهِ صدام.. كانَ خيّالاً ثابتاً في الميدان، في أروقة التاريخ حملَ سيف الحقيقة، وعلى متون الشعب طبطبَ بالدللول، كان يحكي لنا قصصاً غير قابلة للتصديق، واحدة منها: قصتهُ مع الشمس! وكانت أُخريات عن فروسيته، كرمه، روحهُ المرحة كالهواء في الجنة، كان رافضاً للموت، لم يُنهي قصة واحدة من قصصه بالموت، دائماً كان البطل يبقى إلى النهاية، كانَ كأنهُ يُدرك حبنا للأفلام الهندية، أو لربما هي هذه الحقيقة!

    هل عادت روح العراق الآن؟!
    ..والشمس هل إطمئنت على حبيبها! هل ستدعهُ يرحل سريعاً لشيءٍ مجهول، قد تُشنق الروح التي أحبتها، بجهلٍ أو فقرٍ أو فسادٍ أو تشدد، هل تعيش روح العراق معنا؟، هل رأت الطائفية؟، الأرهاب؟! مؤكد إنها ليست هنا.. كنا سمعنا صراخها على سبايكر! و لبصقت على سبايكرمان، على الأقل لخففت عنّا الألم، لزارت مجالس العزاء، لزفّت الشهداء، لهلهلت..

    لحظة.. هل العراق يبصق؟! 
    هل روحهُ تشوّر؟! في ثواني يومنا كم ننسى ذلك، تلكَ القصص، الجروح، مسرحيات الحُب، واقعية الموت، في ذلك الشارع إمام، في تلك القرية صالِح، في ذاك الصندوق قرآن، في الصندوقِ إنسان، كلها نعرفها فنحن الأذكى، إن كان يبصق لماذا لا نخافه؟! لماذا نتصرف كأننا لا نخشى أن "تشوّر" بنا روحه! وكل هذه الحقائق التي نعرفها.. لماذا ننكرها! 

    هل روحه معنا؟! هل تنتظر منّا شيء؟، ماذا تُريد الشمس بالمقابل لتدع روح الوطن! هل تكوينا الآن عاشِقة أم مُعذبة؟! هل تعرف الشمس إن الفرصة الآن أكبر؟! الاف السنوات "العجافات" تواجه أول فرصة للشباب، شباب يمكن أن يُعيد للعراق روحه، من قلب الشمس، من روح الشمس، شباب شجاع كالقمر، بفروسيتهِ و أملهِ و رومانسيته، لأجلِ الاف القصص و النوايا وسجادة الصلاة، لأجل الحقائق وخوفاً من "شارة" يمكن أن تحولنا إلى "دُعاة" في لحظة عصبية..، لأجل عُرس العراق و الشمس.. وإن غارَ القمر!

    فرصة قد لا تتكرر.. للشجعان من الشباب، لغير الحمقى، للشجعان فقط؛ لكتابة قصص جديدة للعراق بدل التباكي على أطلال التاريخ المزيف، للشجعان، ليس الخرفان، للشجعان فقط الذينَ يعرفون قدرهم في هذه الدنيا، ويعتقدون إن قدر العراق.. جوار الشمس.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media