التسامح
    الأربعاء 22 أغسطس / آب 2018 - 06:11
    د. ميسون البياتي

    الصبر قوة صادقه , والكرم حكمة موثوقه , أما التسامح فهو رحمة خالصه , الطمأنينه هي ثروة ماديه حقيقيه

    اذا كنا على حق ونستطيع أن نسامح الناس فنحن نمتلك من الفضل ما يوسع نظرتنا الى الحياة , أما أولئك المشاكسون المتعجرفون فإن عجرفتهم تضيّق نظرتهم الى الحياة

    أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن الخطاب وهما يقودان رجلاً من البادية فأوقفوه أمامه
    سألهم عمر : من هذا ؟
    ‏قالا : يا أمير المؤمنين ، هذا قتل أبانا
    سأله عمر : هل قتلت أباهم ؟
    قال: نعم قتلته
    ‏سأله : ولماذا قتلته ؟
    ‏قال : دخل بجمله في أرضي فزجرته فلم يعتبر، فضربته بحجر وقع على رأسه فمات
    ‏قال عمر : القصاص بضرب عنقك
    ‏‏قال الرجل : يا أمير المؤمنين : أسألك ‏أن تتركني ليلة لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في
    البادية فأخبرهم  ثم أعود إليك
    قال عمر : من يكفلك أن تذهب إلى البادية ثم تعود إليَّ ؟
    ‏‏سكت الصحابة ، وعمر لا يدري ما يفعل هل يقتل الرجل ؟ هل يتركه يذهب دون  كفاله ؟ التفت إلى الشابين وسألهما : أتعفوان عنه ؟
    ‏قالا : لا  فمن قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين
    ‏نادى عمر في مجلسه : من يكفل هذا أيها الناس ؟
    ‏فقام أبو ذر الغفاري وقال : ‏يا أمير المؤمنين أنا أكفله
    ‏‏قال: أتعرفه ؟
    ‏قال: لا أعرفه
    ‏قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث ليالي أني تاركك
    ‏قال أبو ذر: الله المستعان يا أمير المؤمنين
    ‏ذهب الرجل ، وأعطاه عمر ثلاث ليالي , وحين جاء موعد عودته نودي لصلاة العصر فجلس عمر وجاء أبو ذر والشابان ولدا القتيل وجمع من الناس يملأ المسجد , وبقي الجميع في المسجد حتى صلاة المغرب ينتظرون أمر عمر في أبي ذر وكفالته . قبل أن تحين صلاة المغرب عاد المكفول من الباديه فسأله عمر : ما عاد بك من الباديه ونحن لا نعرف مكانك ؟
    رد الرجل : ما عاد بي هو خشيتي أن يقال ذهبت العهود بين الناس
    إلتفت عمر الى ابي ذر وسأله : لماذا كفلته ؟
    رد أبو ذر : خشيت أن يقال ذهب الخير بين الناس
    إلتفت عمر الى الشابين وسألهما : ما تقولان ؟
    قالا : نخشى أن يقال ذهب العفو بين الناس ولهذا سنعفو عنه

    التسامح فريضه وهو علاج لتقوية السلام في العالم , التعامل مع الناس بمقبولية واحترام وتسامح يجلب لنا إعجاب الجميع . على العكس من ذلك هناك قصص كثيره في التاريخ لطغاة ومستبدين في سلوكهم , تعاملهم القاسي مع غيرهم جلب لهم الكثير من الأعداء

    تسامحنا مع أعداء لا يستحقون التسامح معناه ظلم لأنفسنا , لكن هذه ليست نتيجه حتميه في كل الحالات , اذا كنا نستطيع أن نسامح دون أن نظلم  أنفسنا علينا أن نفعل . حين نتمكن من مواجهة المحن في الحياة بسلوك مخلص وأمين وعطف وتسامح سنصبح أقوى وسيصبح مستقبلنا أسهل وأكثر راحه

    د. ميسون البياتي

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media