في مسابقة تلفازية على إحدى القنوات العربية طُرح سؤال عن مؤلفات نجيب محفوظ على شابين مصريين وتضمنت الخيارات (دعاء الكروان , قصر الشوق , بداية ونهاية , خان الخليلي) , وما أثار العجب أن الشاب والشابة لا علم لهما بهذه الأسماء على الإطلاق , وأم أحدهما تصرخ وتعرف الجواب , وهي تنادي دعاء الكروان ليست من مؤلفات نجيب محفوظ , وتعلق إنهم لا يقرؤون , إنهم لا يقرؤون!!
والأغرب تعليقاتهما , خان الخليلي هو خان الخليلي في القاهرة , وبداية ونهاية كتاب وأظنه فلم , وقصر الشوق هو فين لم نسمع به , ودعاء الكروان , ده إيه؟!!
نجيب محفوظ روائي مصري عربي عالمي حائز على جائزة نوبل في الآداب , ولا يعرفه الجيل الجديد بعد عقد أو عقدين من وفاته!!
هذه ظاهرة عربية مروعة ومؤلمة , تستدعي الوقوف أمامها مطولا والتفكير مليا بتداعياتها الحضارية , وما ستؤدي إليه من دمارات عقلية وثقافية ونفسية وسلوكية.
أبناء المجتمع يجهلون رموزهم الثقافية والمعرفية , فماذا يعرفون؟!!
وهل يقرؤون؟!!
وبأي موضوع يأنسون؟!!
وكيف يتفاعلون ويتحدثون؟!!
إنها واقعة أو حالة تعكس عمق وحجم الإحتلال الفكري والعقلي والثقافي الذي يعاني منه المجتمع العربي , المخمور بالبهتان والضلال الذي يحمل راياته ويبوق له المعممون والملتحون والمتاجرون بالدين , فالعقل العربي يأسن في مستنقعات قال فلان وأفتى فلان , ولا وجود للثقافة والأدب والعلم في العقل العربي , إنها مهلكة الأجيال التي تم إسقاطهم فيها ببرمجة مروعة وآليات خطيرة وخفية , تسببت بتطهير عقولهم بكل ما يمت إلى الحياة بصلة , وأسقطتهم في خنادق الردم والإنطمار الحضاري الفتاك.
فالعقل العربي مستباح , وكذلك النفس والروح والسلوك , وأن العربي ليفكر بمفردات وعناصر وآليات الطامعين به والمتأهبين لإفتراسه الشديد.
لقد برمجونا وأهلونا لإستلطاف دور الضحية والتغني بالأوجاع والآلام , فهنيئا للذين غمرتهم سعادة الإكتفاء بغيرهم من العرب التابعين والمسخرين لتحقيق مصالح الآخرين!!
د-صادق السامرائي