تم فرض القانون بعد تحدي الدستور... لكننا نجد قيادة الاقليم تعود اليوم لبغيها القديم!!
    السبت 15 سبتمبر / أيلول 2018 - 07:23
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية
    عندما كنا صغارا ، كنا نسمع ان الكرد كانوا يحاربون الحكومات العراقية المتتالية من اجل تحقيق مطلبهم الاوحد والمطلق والذي يركز اساسا على حصولهم على"الحكم الذاتي".  ولا نزال نتذكر معاهدة 11 اذار 1970 ، وخروج العراقيين الى الشوارع لمشاركة الاخوة الكرد باحتفالية تلك المعاهدة ، ولكن الدكتاتور صدام حنث بوعده للاكراد في منحهم الحكم الذاتي لاحقا. ولكن هؤلاء الاخوة ، الاعداء ، وهم يتمتعون بحكم شبه مستقل الان ، قد حاولوا ومنوا انفسهم باكثر من الحكم الذاتي الذي كان امنيتهم المطلقة. فلقد وجد شعبنا فيهم نزعة انفصالية حاولوها على الرغم من رفض العالم لهم ، فخسروا ثقة شعبنا بهم الى الابد. فمن لا يريدنا لا نريده. 

    لقد أفهمتنا الاحداث الكثيرة المتكررة في العالم ذلك النمط السياسي الذي تسير عليه الادارات الامريكية تجاه مطالب الشعوب او الاقليات التي تطالب بتحررها وانعتاقها من نير الظلم والاستعباد . فهذه الادارات في الحقيقة لا يهمها كثيرا مطالب تلك الشعوب أو الاقليات المستضعفة إلا بقدر ما يوفره سير تلك الادارات على ستراتيجيات تضمن لها منافع متبادلة وضربها عصفورين بحجر واحد . الاول ، من خلال تكريس اعلامها وممارسة سطوتها شبه المطلقة على الامم المتحدة من اجل ان ترتدي تلك المطالب الجماهيرية المحرومة زيا انسانيا امام الرأي العام العالمي من اجل التعاطف مع تلك الاقليات .  وثانيا (وهو الأهم) ان تقوم تلك الادارات باحتواء تلك الاقليات او الشعوب المستضعفة ووضعها تحت هيمنتها المطلقة والبدأ بتسييرها وفقا لرغبات سياساتها ومصالحها . وحيث تبدأ بتحفيزها ضد حكام بلدانها من اجل ان تستغل ادارات الولايات المتحدة مصالحها كاملة في ذلك البلد، وبالنتيجة ، فان الادارات الامريكية ستتمكن من التحرك في ذلك البلد بحرية "بحجة " الدفاع عن تلك الاقليات واثارة القلاقل في تلك البلدان متى تشاء، وفي ذلك تستطيع فرض مساوماتها على الطرفين ، الظالم والمظلوم . فالظالم سيعيش تحت التهديدات من خلال تحريك المظلوم ضده الامر الذي سيجعل الادارات تمتلك ولاء المظلوم ئها بشكل مطلق ، بينما يبقى المظلوم متعلقا بامال تلك الادارت من اجل تحقيق اهدافه الحياتية ، فهو بذلك يبدل استعمارا باخر وهو لا يدري.

    هذا ما فعلته الولايات المتحدة بالضبط مع السيد مسعود برزاني والمرحوم جلال الطالباني وحزبيهما منذ 1991، وبذلك كسبت ولاء الكرد المطلق لها ، وجعلت من الاقليم بؤرة للتأمر والتحريض على الحكومات العراقية الجديدة ، ولكنها ، لم تستطع التأثير كثيرا على الحكومات العراقية الجديدة ، بسبب التجربة المريرة لمعاناة الشعب العراقي بعد الاحتلال الأمريكي في عام 2003 ، عندما فقد العراقيون كل شيء ، بما في ذلك حياتهم ، وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم. فمن خلال الموقف على خلفية نزاعات القوة في العراق في الأيام التي سبقت الغزو الأمريكي وبعده ، ومنذ بداية عام 1991 ، استمرت الولايات المتحدة تقصف العراق على مدى السنوات الـ 12 التالية تحت أعذار مشكوك فيها، فكان الدرس المستفاد هنا ، هو أن أي جهد لحكم اي دولة بالقوة ، وبغض النظر عن مدى دوافعه النبيلة ، فهو بلا شك يتسم بطابع استعماري.  

            وبذك ، فان ما لاقته الجيوش الامريكية في العراق من مقاومة (بغض النظر عن اهداف تلك المقاومة)، لم يتح لادارة الرئيس جورج دبليو بوش الابن، ان يهنأ بتلك الاهداف والمرامي في احتلاله للعراق لثمانية سنين . وكانت النتيجة غير العادلة في خزي الولايات المتحدة، انها خرجت من العراق في ديسمبر 2011 ، بدون ان تقوم باعمار العراق كما وعدت. واليوم وتحت مواقف الرئيس ترامب السلبية تجاه العراق ، فسوف لا نتفاجئ أن وضعت ادارة ترامب شروطا على العراق من اجل منح الاقليم قدرا اكبر من الابتزاز لزيادة شكيمتهم ، وخصوصا اذا ما ساهم انضمام الكرد للكتلة الأكبر كبيضة القبان. 
    لقد "ذكر بيان للاتحاد، تابعته وكالة كل العراق [أين] اليوم ان" مجلس قيادة الوطني الكردستاني، عقد اليوم الخميس، اجتماعاً طارئاً برئاسة نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، كوسرت رسول علي، للتباحث بشأن الوضع في العراق وانتخابات كردستان"
    واكد الاجتماع على" ضرورة عودة الحكومة المدنية إلى كركوك والمناطق المتنازع عليها حسب المادة [140]، وأن تتولى البيشمركة والأسايش والشرطة الاتحادية معاً حماية أمن كركوك وهذه المناطق، ومن منظور الاتحاد، فإن هذا مرهون بالاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، إضافة إلى اختيار محافظ لكركوك يتم ترشيحه من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني حصرا"... انتهى . 

    فالذي نراه جليا الان، ان الاقليم ، وبعد "التعاطف" المستمر معه من قبل الولايات المتحدة وروسيا بالذات ، قد أعاد للاقليم ثانية لغته المتسمة بالغرور والتجبر على الحكومة الاتحادية "قبل فرض النظام". وقد ظننا ان الاحزاب الكردية قد تعلمت درسها القاسي واتعضت . ولكن الظاهر ، أن الاحزاب الكردية من السهل عليها ان تنسى اذلالها من قبل قوة القانون ثم العودة من جديد وكأن شيئا لم يكن .  حيث بدأ الحزبين الكرديين الرئيسيين يبديان ذات التمرد الذي كانا يمارسانه ضد الشعب العراقي والحكومة الاتحادية بعد ان عاش الاقليم صاغرا وفي انهيار نفسي واستجابته "لفرض النظام والقانون" الذي مارسته حكومة العبادي بالامس ، ولحين.  

    فالاحزاب الكردية الرئسية اليوم يحلوا لها من جديد "التبختر" واطلاق التصريحات غير المسؤولة ، وبدأت باعادة ترديد مصطلح "المناطق المتنازع عليها " وأن تتولى البيشمركة والأسايش والشرطة الاتحادية معاً حماية أمن كركوك وهذه المناطق . كما نجد الكثير من المساومات من اجل جعل الحزب الديمقراطي "كبيضة القبان" من خلال الانتظار لمعرفة الكتلة الاكبر ثم المسارعة الى الانضمام لها، ليس حبا في تشكيل الحكومة واستتباب الامور السياسية ، ولكن ، تطلعا للثمن الذي سيتعهد به من سيحقق للحزبين الكرديين احلامهما القديمة والتي ضاعت وانزوت لحين بعد اجراء الاقليم للاستفتاء على الاستقلال وعلى حساب رفض الدستور لذلك. لا بل ويصرح كل من الحزبين الديمقراطي والوطني الكردستاني ان كركوك "كردية" ويطالبان بعودة البشمركة الى كركوك وان يكون المحافظ لها كرديا!!!. 

    هذه النقلة الجديدة في حياة الحزبين الكرديين في الاقليم ما كان لها ان تحصل لولا تراخي حكومة العبادي من جهة ، وسكوت وتهافت الاحزاب والكتل التي تحاول الفوز بالكتلة الاكبر بأي ثمن حتى على حساب الهدوء والسلام والامن الذي يطالب به العراقيون !! 
    والسؤال الاعظم هنا : 
    إذا ما الجديد في الحياة العراق وسياسييه وسياسته المشؤومة؟! وكيف ومن سيبرهن لنا ان من لا كرامة لهم  في الحكومات المتوالية منذ 2003، سوف لن يعودوا من جديد بأي ثمن الى هذه الحكومة الجديدة والتجاوز على توصيات المرجعية الدينية الكريمة والتي تمثل صمام الامان لشعبنا ووجودنا السياسي والامني للحاضر والمستقبل؟ سؤال يجب علينا ان نضعه دائما امام اعيننا التي قرحتها ليالي السهاد!!!

    حماك الله يا عراقنا السامق...

    9/14/2018
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media