رسالة ألبرت آينشتاين:" لماذا الاشتراكية؟ (1) (مع ملاحظات صائب خليل)
    السبت 15 سبتمبر / أيلول 2018 - 19:12
    صائب خليل
    "هل أن من المستحسن للمرء غير الخبير بالاقتصاد و بالشؤون الاجتماعية أن يعبر عن وجهات نظره بصدد موضوع الاشتراكية؟ باعتقادي, نعم, و ذلك لأسباب عديدة."

    (هكذا يبدأ اينشتاين رسالته التي كتبها عام 1949، والتي يحاول ان يشرح لماذا يرى ضرورة في الاشتراكية، ويبدأ بالتساؤل إن كان من حقه كعالم فيزائي أن يبدي رايه في قضية اقتصادية. في الفقرة التالية ان يشرح نقاط التشابه بين العلوم، والتي تتيح لعالم ما ان يتحدث في علم غير اختصاصه، كما يشير الى وجود فروق هامة تستوجب الحذر- التعليقات بين الاقواس مضافة مني ويمكن تجاوزها لمن لا يشعر بالحاجة لها _ صائب خليل) 

    [[article_title_text]]
    "دعونا أولاً ننظر إلى هذه المسألة من وجهة نظر المعرفة العلمية: ليس هناك - مثلاً - أية اختلافات في المنهج بين علم الفلك و علم الاقتصاد: فالعلماء في كلا هذين الحقلين يحاولون اكتشاف القوانين التي تجعل الترابطات بين ظواهر ذلك العلم، قابلة للفهم بأوضح ما يمكن. لكن الاختلافات المنهجية بينهما موجودة فعلاً, فاكتشاف القوانين العامة في حقل الاقتصاد أمر عسير بسبب حقيقة أن الظواهر الاقتصادية تتأثر بعوامل عديدة يصعب جداً تقييمها كلاً على انفراد. بالإضافة إلى ذلك, فإن التجربة التي تراكمت منذ بداية ما يسمى بالفترة المتحضرة من تاريخ البشرية، قد تأثرت و تقيَّدت كثيراً بمسببات ليست ذات طبيعة اقتصادية خالصة بالمرة." 
    .
    (في التالي، يذكر اينشتاين أننا قد لا نستطيع ان نقيس مدى نجاح نظرية اقتصادية من خلال نتائجها، لأن تلك النتائج اعتمدت على أمور ليست ذات طابع اقتصادي، فقد يكون نظامك الاقتصادي غير كفوء لكنك تحصل على الكثير من خلال الاحتلال العسكري أو غيره _ صائب خليل) 

    "فمثلاً, أغلب الدول الكبيرة التي شهدها التاريخ دانت بوجودها لسياسة الاحتلال لأراضي الغير التي اتبعتها, حيث نصَّبت الجماعات المحتلة نفسها - شرعاً و اقتصادا - كطبقة صاحبة امتيازات في البلد المحتل, فاحتكرت لنفسها ملكية الأرض, و عينت رجال الدين من بين صفوفها نفسها, و رجال الدين هؤلاء, بفعل هيمنتهم على نظام التعليم, جعلوا من التقسيم الطبقي للمجتمع مؤسسة مستديمة, و خلقوا نظاماً من القيم يرسم للناس قواعد السلوك الاجتماعي بشكل غير واع إلى حد كبير, من ذلك التاريخ فصاعداً."

    (ينبه آينشتاين هنا ان مقاييسنا للنجاح في طور الرأسمالية "المتوحشة" او الافتراسية قد لا تصلح لقياس المجتمع الاشتراكي المتوقع _ صائب خليل) 

    " ولكن هذا الميراث التاريخي إنما يعود للبارحة [وليس للمستقبل] , و لا يوجد مكان استطعنا أن نتغلب فيه على ما يسميه " تورشتاين فيبلين " بـ: " الطور الإفتراسي " للتطور البشري. إلى هذا الطور تنتمي الحقائق الاقتصادية الحالية؛ لذلك لا تنطبق القوانين التي نستطيع اشتقاقها من هذا الطور على الأطوار الأخرى.  و لمّا كان الهدف الحقيقي للاشتراكية هو بالضبط التغلب على الطور الافتراسين للتطور البشري, و التقدم عبر تجاوزه, لذا, فإن علم الاقتصاد بوضعه الحالي لا يستطيع تسليط إلا القليل من الضوء على المجتمع الإشتراكي للمستقبل".
    (ينبه اينشتاين هنا إلى أن للاشتراكية اهداف أخرى، والاهداف تنبع دائما من الموقف الأخلاقي وليس العملي. فهذا الأخير مهمته إيجاد الطريق لتحقيق الهدف الأخلاقي _ صائب خليل) 

    "ثانياً, الاشتراكية موجهة نحو تحقيق هدف اجتماعي- خلقي, و لكن العلم لا يستطيع خلق الأهداف. أقصى ما يستطيعه العلم هو تجهيزنا بالوسائل لتحقيق أهداف معينة, أما الأهداف نفسها, فتستوعبها الشخصيات ذات القيم الخلقية السامية, فإذا كانت هذه الأهداف ليست مجهضة, بل حيوية و نشطة, و إذا ما تم تبنيها و المضي بها قدماً من جانب العديد من هؤلاء البشر, فسيحدد هؤلاء بأنفسهم - الارتقاء التدريجي للمجتمع."

    (بإشارته أولا إلى التشابه في أساليب بحث العلوم، وثانيا الى ان العلم لا يحدد الأهداف، يكون اينشتاين قد قدم حجته بحق غير المتخصصين بالاقتصاد ان يدلوا بدلوهم فيه، وضرورة ان لا يترك للعلماء المتخصصين وحدهم تحديد الحلول للمشاكل البشرية _ صائب خليل) 

    "و لهذه الأسباب, يتوجب علينا أن نتوخى الحذر كي نتجنب المبالغة في دور العلم و الطرق العلمية عندما تتعلق المسألة بالمشاكل البشرية, و لهذا, أيضاً, ينبغي علينا أن لا نفترض بأن الخبراء هم وحدهم لهم الحق في إبداء رأيهم بصدد المسائل المؤثرة في تنظيم المجتمع".

    (نهاية الجزء الأول من الرسالة – وهي من مقال كتبه الأستاذ حسين علوان حسين -سمحت لنفسي ان ابسط التعابير المستعملة وبتجزئة النص وحذف الزيادات غير الضرورية للمعنى منه- انشره بشكل أجزاء هذا أولها، وسيكون هناك جزءان تاليان للرسالة – بدون تعليقات- وجزء رابع حول موقف اينشتاين من الاشتراكية والمضايقات التي تعرض لها – صائب خليل)
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media