ليلة الوحشة
    الجمعة 21 سبتمبر / أيلول 2018 - 06:05
    علي الإبراهيمي
    قد جاء ليلٌ ، و المصائبُ جمّةٌ
    وجميعُ أطفالِ الحسينِ حواسرُ
    وعيونُ زينبَ قد أحاطَ بنورِها
    دمعُ المصابِ فلا تصيبُ وتنظرُ
    بالبابِ  شمرٌ   ،  يستبدُّ  بخيلِهِ
    و نساءُ  حيدرةٍ  تهيمُ  و تُنكرُ
    وتُشَبُّ نيرانُ الشماتةِ ، سُجَّراً
    فتذوبُ أكبادُ الصغارِ  و تُفطَرُ
    و تئنُّ   هاتيكَ   البنات   كأنّها
    من فرْطِ حرقتِها تموتُ وتُحشَرُ
    وتحارُ نسوانُ الحسينِ لصِبْيَةٍ
    ولفقْدِ كافلِهمْ  ،  وكيفَ تخَمَّرُ
    قد نامَ طفلٌ في الفلاةِ  ،  فما
    أمٌّ تناغي  ،  أو تروحُ وتَحضَرُ
    فوقَ  الترابِ  توسَّدَتْ  حدَقاتُهُ
    وينوحُ من هولِ المصابِ ويزفرُ
    وتدورُ في ذاكَ الظلامِ صغيرةٌ
    ترنو أباها ، فالحسينُ سيزهَرُ
    وتنامُ في جنبِ الذبيحِ أميرةً
    فلعلَّ  كفٌّ  للحسينِ  سيشعرُ
    و تديرُ  عيناً  للكفيلِ  سَكينةٌ
    قد كان بعدَكَ في الحقيقةِ مَحشَرُ
    أمْ أينَ جودُكَ قد أراقَ بنا الظما
    ماءَ الحياةِ ، وكلُّ رِيقٍ مَنْحَرُ
    و يظنُّ طفلٌ أنَّ زينبَ ها هنا
    فيجيءُ سعياً والأصابعُ تسعَرُ
    و يلوذُ طفلٌ في عباءةِ أمِّهِ
    و تلوذُ  أمٌّ  بالصغارِ  ليصبروا
    ويفرُّ من نارِ المخيَّمِ بعضُهمْ
    ويعودُ من هولِ المَصارِعِ آخرُ
    و يفزُّ من وَقْعِ السنابكِ رُضَّعٌ
    فتُغلُّ مرضعةُ الصغيرِ وتُكسَرُ
    و يشيرُ  طفلٌ  للحسينِ  بكفِّهِ
    فيظنُّ  وهماً  أنَّ  عمَّهُ  ينظرُ
    ويظلُّ يرقبُ أنْ يجيءَ لزينبٍ
    فتملُّ ساعاتُ الصغيرِ ويُقهَرُ
    وتروحُ زينبُ للحسينِ تشمُّهُ
    و تعودُ أخرى للصغارِ تفرفرُ
    و تديرُ  عيناً  للنساءِ  بجنبِها
    و تمدُّ  كفَّاً  للخيولِ  و تَنْهَرُ
    والعينُ ترقبُ كيفَ حالُ كفيلِها
    فتردُّ  ثكلى  والمدامعُ  تمطرُ
    وتجسُّ أطرافَ العليلِ تَعودُهُ
    أأسيرةٌ ؟ أنّى الصبورةُ تؤسَرُ
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media