كتابات الأب يوسف جزراوي
    الأثنين 7 يناير / كانون الثاني 2019 - 20:56
    نوميديا جرّوفي
    شاعرة ،مترجمة، باحثة و ناقدة - الجزائر
    الكتب التي لفتت نظري في اصدارات 2018 كانت مختلفة نوعا ما عن كلّ الكتب التي قرأتها سابقا، تعمّقت هذه المرّة في كتب تاريخية و إنسانية للأديب الأب يوسف جزراوي  و استفدت منها كثيرا. 
    فمن خلال كتابه (ملحمة كلكامش) بالقراءة الجديدة للمعاني الإنسانية في الملحمة،يكتشف القارئ أنّ البطل الحقيقي هو إنكيدو و ليس كلكامش، إذ أنّ موت إنكيدو كشف الوجه الآخر لكلكامش في سعيه للبحث عن الخلود، فاكتشف لغز الحياة و حكمتها، و هو لم يُعن بالموت بل في ديمومة البقاء و هذا ما فعله في الأخير بعد عودته من غربته و سعيه و بحثه، فجاء بالدليل القاطع صانعا المحبة و السلام بين أبناء شعبه فمجّدته كلّ الأجيال.
    و نتعمّق في مقالات الأب يوسف فنجد أنها مقالات تُعالج قضايا هامّة من الواقع المعاش    و جوهرية في حياة الإنسان، فيها قضايا إنسانية نابعة من تفاصيل حياتنا اليومية، إذ هي تجليات لتساؤلات الذات و إشكاليات المجتمع، و تلك الأحاديث هي مرايا.
    ففي كتاب (أحاديث قلم في مرايا الذات و المجتمع) يتحدث الأب يوسف عن مأساة عالمنا المادي المعاصر، إذ أنّ هناك نسبة من البشر باتت تنظر و لا ترى و قد تسمع و لا تُصغي.مشيرا إلى أنّنا في زمن ضيّع فيه الإنسان إنسانيته بسبب الدمار  و الخراب الذي نراه يوميا ناهيك عن دماء قتل الإنسان أخاه الإنسان باسم الله. و هو كتاب يُجسّد أفكار عامة و عميقة و مرشدة لأبناء هذا الجيل و الأجيال القادمة.
    و في كتاب (عروس الشرق.. بغداد) مناجاة و مكابدات و لواعج و حنين للوطن، يتحدث فيها عن الغربة من مستويات عديدة: غربة الجسد،غربة الروح،غربة الفكر،غربة الكلمة، فيُفجّر في القارئ أحاسيس عميقة مكنونة دون الإفصاح عنها. إنه السندباد المهاجر          و النورس المغترب الباحث عن شمس تُشبه شمس بلده، فينزف قلمه شوقا بمناجاة تحمل في طياتها أوجاعا و آلاما و أنينا لا يسمعه إلا من يفهم تلك السيمفونية الحزينة.
    و أخيرا رواية (أنين الوردة الجريحة) فيها معنى الوفاء و العهد، فعندما يصبح الصمت الموجع لغة، تنطق لغات كثيرة.إنها حكاية عهد لم تنته بموت أحد الأبطال.
    قصة أو رواية جسّدت معنى المحبة الروحية و الصداقة الأبدية الخالدة و كيف استطاعت الانتصار على الحبّ الجسدي.
    رواية فيها ثيّمة إنسانية تلمس العقل و الوجدان من درس يلمس الصميم عن المحبة و العهد و الوفاء الأبدي.
    الأب يوسف جزراوي يخاطب قارئيه بقصص و حكايات روحية و اجتماعية و حياتية، البعض منها ثمرة تأمّله و فكره الشخصي و البعض الآخر قام بترجمتها من الإنكليزية.
    كتابات لها عمقها الإنساني و التأملي و الإرشادي بمضمون يُعطي كلّ ما هو جوهري      و سامي في حياة البشر، ساعيا لترسيخ بذرة المحبة و السلام في الحياة، تُشبه نوتة محبة تنير درب الكثير من شبان العصر، فالتأمل هو رفيق قلمه و الموسيقى رفيقة أفكاره.

    علينا في الأخير أن ننشر الوعي بالكتب بشتى أنواعها  و مواضيعها بين أبناء هذا الجيل، فتسود المحبة بينهم بدل الكراهية و الحقد  و الطائفية بمختلف أنواعها، أن تعمّ البسمة       و الفرحة بدل الدموع  و الآلام، أن يسمعوا موسيقى البهجة بدل موسيقى الحزن و الفراق   و الموت و أن نُغيّر نظرتهم للعالم بألوانه الزاهية بدل سواد الحداد الذي نشر عباءته في الكثير من بلداننا العربية.

    [[article_title_text]]
    [[article_title_text]]
    [[article_title_text]]
    [[article_title_text]]
    [[article_title_text]]

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media