رد على مقالة د. جعفر الحكيم بعنوان (هل كان الرسول بولس نبيا كاذبا؟)
    السبت 12 يناير / كانون الثاني 2019 - 22:08
    شاكر شكور
    تحياتي ومودتي للجميع

    قول السيد كاتب المقال: العهد الجديد ( الكتاب المقدس للاخوة المسيحيين) ان هذا الكتاب , وان كان في مجمله يتضمن السيرة الشخصية ليسوع المسيح, لكنه لا يحتوي إلا النزر اليسير من اقوال وتعاليم المسيح.

    الرد : ان قوة كلام الله لا تقاس بعدد الصفحات ، فالوصايا العشرة مثلا رغم قلة كلماتها لكنها تعتبر منهاج حياة لجميع البشر ، كذلك موعظة السيد المسيح على الجبل فهي مختصر اخلاقي لكي يعيش الانسان بسلام ومحبة مع بقية البشر حيث يمكن ان يستنبط من هذه الموعظة عشرات الفروع والمواضيع فيما لو اراد الشخص التعمق في مفرداتها الأخلاقية فالأنجيل قد يحتوي على رؤوس اقلام لمواضيع يمكن ان يشتق منها مجلدات.

    قول السيد كاتب المقال: نجد ان رسائل بولس الرسول ( شاول الطرسوسي)  التي تحتوي على أفكاره وتعاليمه وشروحه التي أصبحت أساسا للعقيدة المسيحية ,لاحقا, تشكل ما يعادل أكثر من نصف العهد الجديد

    الرد : مهما كثرت تفاسير وشروحات الرسول بولس في الانجيل فهي في جوهرها تدور حول محور رئيسي واحد وهو تجسد الله بقصد فداء ناسوته على الصليب ككفارة لمحو خطايا بني البشر ، وهذه ليست من افكار الرسول بولس ، بل اقتبسها بولس من جوهر كرازة السيد المسيح الوارد في الانجيل وكل ما جاء به الرسول بولس هو مجرد تفرعات لجوهر هذا المحور ولو حذفنا كل رسائل بولس من الأنجيل فهناك لاهوتيين محترفين يمكنهم ان يصلوا من خلال اكرازة السيد المسيح الى نفس النتيجة التي وصل اليها بولس الرسول.

    قول السيد كاتب المقال : نجد بعض الاخوة المسيحيين, وحتى المتخصصين منهم, عند الحديث عن نبؤة شاول الطرسوسي, نجدهم, ينتفضون , ويعترضون, على اساس ان بولس/شاول رسول وليس نبي

    الرد: لعدم وجود نص صريح في الأنجيل يثبت بأن الرسول بولس هو احد الأنبياء ، لذلك صنّفه آباء الكنيسة كرسول من رسل السيد المسيح كما جاء في نصوص رسائله ، اما ما جاء في سفر الأعمال من عبارة (وَكَانَ فِي أَنْطَاكِيَةَ فِي الْكَنِيسَةِ هُنَاكَ أَنْبِيَاءُ وَمُعَلِّمُونَ) فلا تدل هذه العبارة بشكل قاطع بأن كلمة أنبياء تشمل الرسول بولس فلماذا لا يكون بولس مشمول بكلمة معلمون مثلا ؟ والحقيقة ان النصوص القرآنية ايضا تدعو تلاميذ السيد المسيح بالحواريين وأغلب المفسرين المسلمين يفسرون النص الوارد في سورة يس 14 ( إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُون) فيقولون ان المقصود بعبارة (فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) المقصود به هو الرسول بولس ولم يقل المفسرون النبي بولس وهذه شهادة اخرى تدعم تصنيف بولس من المرسلين وليس من الأنبياء .

    قول السيد كاتب المقال : سنكتشف ان هذا الرجل (يقصد بولس), ليس فقط خالف الناموس, واعتبره لاغيا ولاحاجة له, ولا الى اتباع تعاليم الشريعة, بل تجاوز هذا المدى ,واعتبر ان وصايا الناموس ضعيفة وغير نافعة ( فانه يصير ابطال الوصية السابقة من اجل ضعفها وعدم نفعها!!) عبرانيين 7-18 .

    الرد: لم يمارس سيد كاتب المقال الدقة بالتعبير بقوله ان بولس اعتبر الناموس لاغيا لأن بولس حينما قال (فانه يصير ابطال الوصية السابقة من اجل ضعفها وعدم نفعها) فهذا الكلام لا يشمل الغاء كل الناموس ، والذي قصده بولس ان كل وصية من الناموس عندما يتحقق الغرض منها تصبح غير نافعة ومثال على ذلك الذبائح في العهد القديم كانت تشير الى السيد المسيح فعندما جاء المسيح وصلب ناسوته كذبح عظيم كفاري أصبحت الذبائح الحيوانية لا نفع منها وهذا التوجه الحكيم يعتبر بمثابة تحرير العقل بدلا ان يكبل العقل في عبادة الحرف .

    قول السيد كاتب المقال : بطبيعة الحال, توفى بولس, وانتهى جيل معاصريه, ومرت قرابة الالفين عام, ولم يأت المسيح, ولم يحصل لقاء السحاب

    الرد: ان عبارة بولس الرسول (ِ إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ)، هنا يتكلم الرسول بولس نيابة عن جميع المؤمنين ويقصد ما يبقى من الأحياء من المؤمنين عند مجيئ السيد المسيح ، وطبيعي ان يشمل بولس نفسه ما دام لا يزال على قيد الحياة لأن السيد المسيح لم يحدد في اي وقت سيأني وهذه ليست نبوءة من بولس بل توقعات مفتوحة من شخص لا يستطيع التنبؤ بتوقيت مجيئ السيد المسيح فشمل نفسه .

    قول السيد كاتب المقال : وبذلك يكون السيد بولس/شاول قد أسس لبدعة فريدة وعجيبة لازال البعض يتبعها, ويتخذ منها أسلوب منهج كرازي وهي بدعة الكذب المقدس (فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3/7

     الرد: لقد اثبتنا في ما تقدم اعلاه بأن بولس الرسول لم يصنفه آباء الكنيسة كنبي بل كان احد رسل السيد المسيح الذي بشّر الأمم الوثنية بقوة الكلمة وبالموعظة الحسنة دون استعمال السيف ، وحياة بولس التبشيرية كانت كلها اضطهاد ومحاكمات لشخصه لكنه تحمّل العذاب لكي ينشر الأنجيل وضحى بحياته لهذا الغرض حيث مات مقتولا ولم يكن تبشيره لغرض منفعة مادية او طمع في ملذات الدنيا او لغرض نزوات جنسية بل كرّس نفسة لتمجيد السيد المسيح وعليه فان مقولة السيد المسيح (احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة،) لا تشمل الرسول بولس بل المقصود بها الأنبياء الذين جاءوا بالسيف لنشر الدين بالقوة وارتكبوا جرائم القتل والنهب وسبي النساء مدّعين ان الله امرهم بذلك.

    اما مقولة بولس الرسول التي اثارها السيد كاتب المقال (فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3/7 ، مع الأسف ان كاتب المقال لم يقرأ النص من بدايته لأن بولس الرسول ينقل كلام ما صرّح به المعترضون اليهود وليس هو كلام بولس بل كلام المعترضين نقله بولس في سياق حديثه عنهم ، لذا ادعو السيد الكاتب ان يقرأ نص الأصحاح من بدايته لكي يفهم الموضوع وارجو ان لا يكون هدف السيد الكاتب تحريف تفسير النصوص بهدف الأساءة فقط . اخيرا ، ومن اقوال بولس الرسول في رسالتة الأولى إلى أهل كورنثوس 2: 9 يقول : «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ »، ونتفاجأ حيث نرى ان هذا النص ورد في حديث قدسي اسلامي يقول نصه : (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) ، فهل يعتبر بولس الرسول شخص كذّاب وكلامه مقتبس كحديث قدسي يتعبد به المسلمون ؟

    اتمنى للجميع عام جديد سعيد وكل عام والجميع بخير وسلام.

    رابط مقال الدكتور جعفر الحكيم (هل كان الرسول بولس نبيا كاذبا ؟
    11/01/2019 - 06:02)
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media