القيادة والإرادة!!
    السبت 12 يناير / كانون الثاني 2019 - 22:09
    د. صادق السامرائي
    الشعوب والأمم بحاجة لقيادة معبّرة عن إرادتها , وبدون القيادة لا يمكن للشعب  أن يتحقق ويكون , والقيادة تتمثل بقائد مستوعب لتأريخ شعبه وما يختلج في أعماقه من رؤى وتصورات وتطلعات حضارية ونوازع إنسانية , وعليه أن يتمتع بقدرات ومواهب قيادية وكريزما مؤثرة في الناس ومتوافقة مع ما فيهم من إنطلاقات وتوثبات وقدرات.
    وبفقدان القائد الحيوي , تتردى الشعوب وتتهاوى في متاهات الخسران والضياع , وتتحول إلى فرائس سهلة على موائد الطامعين بها.
    ولهذا تجد القِوى المفترسة تستهدف القادة وتدمرهم أولا , لكي يكون سهلا عليها تدمير الشعب وتمزيقه إربا إربا , ولا يمكنها أن تسمح بوجود قائد يتميز بمواصفات ذات قيمة إنجازية وطنية عالية , لأن في ذلك تعطيل لمصالحها ومفردات إستحواذها على الثروات ومصادر الطاقة والإقتدار.
    فالدول تعتاش على بعضها , أو تتطفل على بعضها , ولا يمكنها أن تؤمن بالتكافلية والتفاعلية المتوازنة , لأن قوانين الغاب تفرض سطوتها على السلوك القائم بين الدول. 
    وفي الواقع العربي تميَّعَ مفهوم ومعنى القيادة وفقا لدعوات الديمقراطية الوهمية , وتحقق القضاء على أي قائد تتوسم فيه الشعوب قدرة لصناعة الحاضر والمستقبل , بل وتم إذلال كل قائد له أثر ودور في الحياة العربية , وأصبح الهدف طرح ما يسمون بالقادة المعطلين المجردين من أية سمة ذات قيمة إنجازية وإلهامية , وأصبحت بعض القيادات محط إستخفاف وإستهزاء وإذلال , للتعبير عن واقع الأمة وأحوال الشعوب.
    فالقائد رمز الشعب وما يصيبه يصيب الشعب , وعندما يُهان القائد فأن الشعب يُهان , ولهذا تجد الواقع متناسبا مع ما حصل لقادته بأنواعهم.
    واليوم يعيش العرب أزمة قيادة , وحالة تردي وإنهيار شامل , لتفريغ مفاصل الحياة من القادة الحقيقيين , وحشوها بالمزيفين الذين يمتهنون الفساد ويؤمنون بالإفساد , وخصوصا مَن يدّعون تمثيل الدين , فهم من أفسد الفاسدين , وأبشع المتاجرين بدين.
    وهكذا فعندما تعجز الشعوب عن ولادة قادتها القادرين على إستنهاض قدراتها , فأنها تبرُك وتنام وتدوسها الأقدام , ولن تتحرك إلى الأمام , وعليها أن تستيقظ وتدرك قيمة القيادة والإقدام!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media