مع الاخ (شاكر شكور) في رده على مقال : هل كان الرسول بولس نبيا كاذبا؟
    الأحد 13 يناير / كانون الثاني 2019 - 09:41
    د. جعفر الحكيم
    في البداية اود ان اتقدم بالشكر والتقدير للاخ (شاكر شكور) الذي تفضل بكتابة رد على المقال الموسوم

    ( هل كان الرسول بولس نبيا كاذبا؟) …. وارجو ان يتسع صدره لبعض الملاحظات حول رده الموقر


    في الرد الاول للاخ شاكر حول قلة الاقوال والوصايا المباشرة والمنسوبة للسيد المسيح في العهد الجديد

    لم اجد الاخ شاكر ينفي او يكذب هذا الادعاء...ولكنه ذهب لمناقشة محور اخر حول اهمية تلك الاقوال

    علما  انني في نفس  المقال ذكرت بالنص:

    (وعلى الرغم من قلة أقوال ووصايا يسوع المسيح ( نسبيا) في سرديات العهد الجديد, لكن تبقى هذه الأقوال والتعاليم والتوصيات على قدر كبير من الاهمية من الناحية العقدية والاخلاقية وكذلك من ناحية قراءة الواقع واستشراف المستقبل)

    فما أدري ,ما هو وجه اعتراض الأخ كاتب الرد؟!!!

    وان كان الاخ الكاتب يرى ان كتابه المقدس يحوي على تعليمات رائعة, فكل الكتب المقدسة للأديان الأخرى ,تحوي كذلك على توصيات وتعاليم رائعة, ربما تتفوق بكثير عما في العهد الجديد!

    في الرد الثاني حول رسائل بولس

    وجدت الاخ شاكر يلجأ- مع الاسف- الى أسلوب المراوغة والمغالطة!!

    فيدعي ان تلك الرسائل شروحات وتفاسير اقتبسها بولس من جوهر كرازة المسيح الواردة في الإنجيل!!!!

    والاخ شاكر بهذه المحاولة ,يحاول الالتفاف, رغما من ان بولس نفسه,لم يدع هذا الادعاء!!!

    وانما كان يدعي ان كلامه وتعاليمه ,هي عن طريق التواصل مع السماء!...من خلال ظهور المسيح له (بعد موته)

    ومن خلال إلهام الروح القدس له!!...ولذلك نجد ان المسيحيين اعتبروا رسائل بولس جزء أساسي من العهد الجديد والذي يعتبر لديهم انه كلمة الله...وعلى هذا الأساس صار كلام بولس هو كلمة الله !! لانه الرب ظهر له (كما ادعى) والرب كلفه بالرسالة الى الامم..بل ان الرب كان قد اختاره واصطفاه لهذه المهمة منذ كان في بطن أمه...كما بينا في المقال !!!

    في الرد الثالث: قام الأخ شاكر بمحاولة التفذلك ولي عنق النص من اجل ان ينكر ما أقره كتابه المقدس نفسه !

    فخرج علينا بمحاولة الفصل بين كلمة انبياء وكلمة معلمين من اجل الايحاء ان النص الذي وصف الأشخاص المذكورين بالنبوة (ومن بينهم بولس/شاول) يقسم هؤلاء الاشخاص الى قسمين منهم أنبياء ومنهم معلمين..

    وعلى هذا الاساس فان بولس من المعلمين وليس من الأنبياء !!

    وهذه محاولة ساذجة ومضحكة من الاخ الكاتب!...وطريقة خائبة من اجل التخلص من استحقاقات النص!

    والغريب اننا نجد الكاتب ينفي النص المقدس ويذهب ويستشهد بآراء آباء الكنيسة ,علما انني رددت في المقال على السبب الذي من اجله لجأ اباء الكنيسة لهذا الأسلوب التكتيكي الماكر !!

    ولو ان الاخ كاتب الرد كلف نفسه قليلا ورجع الى المصدر المسيحي الذي ذكرته بالمقال (دائرة المعارف الكتابية المسيحية)

    لوجد ان المصادر المسيحية تؤيد ما كتبته,وتؤيد استدلالي بالنص المقدس على ان بولس يعتبر نبيا !!..

    حيث تذكر الموسوعة المسيحية بولس بالاسم على انه احد الموصوفين بالنبوة , وهذا هو نص كلام الموسوعة:

    (كما يذكر سفر أعمال الرسل أسماء بعض هؤلاء الأنبياء مثل : أغابوس (أع 11: 27 و28)،ويهوذا وسيلا (أع 15:32)، وبرنابا وسمعان الذي يدعى نيجر، ولوكيوس القيروانى، ومناين... وشاول (بولس) (أع 13: 1) ، كما يذكر بنات فيلبس الأربع (أع 21: 8 و9). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى) 1

    ولا ادري كيف يستدل الاخ على ان التوصيف بالمعلم, ينفي التوصيف بالنبوة؟!!!

    الم يكن السيد المسيح نفسه , يسميه تلاميذه بالمعلم ؟ وهو في نفس الوقت نبي حسب نصوص الأناجيل !!

    في الرد الرابع: حول موقف بولس من الناموس

    يتهمني الكاتب بعدم الدقة!!!....لكنه يعود ويؤيد كلامي !!...معللا ابطال بولس للناموس على اساس ان وصايا الناموس تحقق الغرض منها كالمثل الذي ضربه حول الذبائح ورمزيتها

    وقد تناسى الاخ شاكر ان كلامه هذا هو وجهة النظر المسيحية, و لا تعني وجهة النظر هذه اي شئ لدى اليهود الذين هم اصحاب الشريعة ولهم انزلت و يحرصون على تطبيق تعاليم الناموس بحسب الوصايا المشددة على ذلك في كتابهم

    بينما جاء بولس وجعل الناموس غير نافع وضعيف وممكن ابطاله !!

    فهل الكلام المذكور في المقال يجافي هذه الحقيقة؟ او يختلق حقيقة مختلفة؟!!

    في الرد الخامس: حول كذب نبؤة بولس حول المجيئ الثاني للمسيح

    يريد الاخ ان يخرج لنا بتأويلات متكلفة وحلول متنطعة تنقذه من ورطة النبؤة الخائبة ...وانا اترك لكل قارى منصف ان يقرأ نبؤة بولس وتبشيره لاتباعه بقرب عودة المسيح وقرب اللقاء معه...والحكم للقارئ!

    في الرد السادس: اتى الاخ شاكر بأعجب المغالطات !!

    حيث يعتبر ان سلمية دعوة بولس ومعاناته دليل على صدقه !!

    وهذا الامر لو طبقناه على كل صاحب دعوة او عقيدة واجه اضطهاد اوعنف لأصبح لدينا رسل وأنبياء لا حصر لهم

    وهل سيقبل الاخ شكور بان نطبق نفس المقياس على الذين اضطهدتهم الكنيسة وعذبتهم وامرت باحراقهم طوال فترة تاريخها , ونعتبر صبر وثبات أولئك المضطهدين دليل على صدق ايمانهم,الذي اعتبرته الكنيسة هرطقات ؟!!

    والغريب اننا نجد الاخ شاكر يحتج بجملة من الاصحاح السابع في انجيل (متى) ويترك ما قبلها وما بعدها والتي نجد ان السيد المسيح يتكلم فيها الى تلاميذه, ويحذر تلاميذه, ويقول لهم ان الانبياء الكذبة قد يخدعون حتى المختارين !!

    وبعد ذلك يوضح السيد المسيح ان هؤلاء الانبياء الكذبة يقولون عن السيد المسيح انه ( الرب) وينادونه (يارب)

    واكثر من ذلك يبين المسيح ايضا ان هؤلاء الكذبة كانوا يتنبأون باسم المسيح ويعملون معاجز بأسمه!!

    الاخ شاكر ترك كل هذا الكلام للسيد المسيح -عمدا- واقتطع عبارة مبتورة لكي يشير الى ان المسيح عندما يحذر تلاميذه فهو يقصد ان هناك نبي سيأتي بعد 600 سنة وهو المقصود !!!

    فهل هذا كلام يقبله عاقل؟!!! ...وهل هذا هو المنطق يا اخ شاكر؟!!

    وانا اترك الحكم للاخوة القراء, بعد ان يعودوا لقراءة الاصحاح السابع في انجيل متى كاملا

    ولو سلمنا لك بصحة تصوير الاخ الكاتب الى ان المقصود هو نبي الإسلام...ففي هذه الحال ,تكون نبؤة السيد المسيح كاذبة وغير دقيقة!..لان نبي الاسلام لم يصف المسيح بأنه (رب) وكذلك لم يتكلم او يتنبأ باسم يسوع المسيح بل اعتبره بشرا !!

    اما بالنسبة لمقولة المسيح حول الانبياء الكذبة الذين يأتون بثياب الحملان وهم بالداخل ذئاب !!

    فهذه اشارة الى واحدة من النبؤات المثيرة واللافتة للاهتمام  في العهد القديم حول كذب نبؤة بولس بالتحديد, ولاهميتها, قام السيد المسيح بتكرار الوصف,وهو يحذر تلاميذه من خطورة بولس وادعائه الكاذب للنبوة!!

    السيد المسيح, وصف الانبياء الكاذبين الذي يحذر منهم , بوصف الذئب لكن بثوب الحملان

    وعندما نرجع للعهد القديم,نجد في سفر التكوين,الاصحاح 49, ان يعقوب في آخر حياته,عندما يجمع اولاده,ليخبرهم بحوادث مستقبلية, يقوم بتوصيف دقيق لصفات عقبه,وعندما يصل الى ابنه (بنيامين) يصفه كالتالي

     (بَنْيَامِينُ ذِئْبٌ يَفْتَرِسُ. فِي الصَّبَاحِ يَأْكُلُ غَنِيمَةً، وَعِنْدَ الْمَسَاءِ يُقَسِّمُ نَهْبًا) تكوين 49/27

    الامر المثير للعجب والتأمل,هو ان بولس نفسه, وعلى لسانه هو, ينحدر من ذرية (بنيامين/الذئب!!)

    وان السيد المسيح نفسه,يحذر تلاميذه ,من الذئاب , الذين يدعون كذبا تواصلهم معه بعد موته!!

    اما حول موضع السيف واعتبارك ان عدم استخدام بولس للسيف دليل على مصداقيته, فهذا امر يثير للاستغراب

    فلو كان استخدام السيف,دليل على كذب النبوة, لكان الكتاب المقدس,كتاب متناقض, وافكاره متعاكسة!

    ان كلام الاخ شاكر يناقض ويعاكس كلام كتابه المقدس,الذي جعل الدعوة الى السلام وعدم استخدام السيف علامة من علامات الانبياء الكذبة….بل نجد ان الكتاب المقدس ينسب استخدام السيف كرمز للقوة الى الرب نفسه !!!

    ( حِينَ يَصُومُونَ لاَ أَسْمَعُ صُرَاخَهُمْ، وَحِينَ يُصْعِدُونَ مُحْرَقَةً وَتَقْدِمَةً لاَ أَقْبَلُهُمْ، بَلْ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَإِ أَنَا أُفْنِيهِمْ».

    فَقُلْتُ: «آهِ، أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ! هُوَذَا الأَنْبِيَاءُ يَقُولُونَ لَهُمْ لاَ تَرَوْنَ سَيْفًا، وَلاَ يَكُونُ لَكُمْ جُوعٌ بَلْ سَلاَمًا ثَابِتًا أُعْطِيكُمْ فِي هذَا الْمَوْضِعِ». فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «بِالْكَذِبِ يَتَنَبَّأُ الأَنْبِيَاءُ بِاسْمِي. لَمْ أُرْسِلْهُمْ، وَلاَ أَمَرْتُهُمْ، وَلاَ كَلَّمْتُهُمْ. بِرُؤْيَا كَاذِبَةٍ وَعِرَافَةٍ وَبَاطِل وَمَكْرِ قُلُوبِهِمْ هُمْ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ) سفر ارميا 14 /12-13-14

    وفي سفر ارميا 23 العدد 16 و17 نجد نفس المعنى يتكرر !!

    (هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ، فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلًا. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ. قَائِلِينَ قَوْلًا لِمُحْتَقِرِيَّ: قَالَ الرَّبُّ: يَكُونُ لَكُمْ سَلاَمٌ! وَيَقُولُونَ لِكُلِّ مَنْ يَسِيرُ فِي عِنَادِ قَلْبِهِ: لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ شَرٌّ)

    ولا ادري هل المطلوب منا ان نصدق الكتاب المقدس, او نصدق الاخ شكور ؟!!!

    اما بالنسبة للرد الاخير :حول اعتراف بولس بالكذب وتبريره لذلك !

    فارجو من الاخ ان يرجع الى مقالي الموسوم ( حين يزداد صدق الرب بالكذب لمجده!) وهو منشور في العديد من المواقع الالكترونية, وفيه تفصيل وافي وبحث معمق,حول اعتراف بولس بالكذب, وفيه توضيح على سخافة وسذاجة التعليلات المسيحية من اجل الخروج من ورطة تلك العبارة الفضيحة !!

    اما الاستنتاج العبقري للاخ شكور حول تشابه عبارة لبولس مع عبارة منسوبة لحديث قدسي ,واستدلاله على ان ذلك دليل على صدق بولس!!..فهذا مما يضحك الثكلى !!!

    حيث استنتج الاخ ان مجرد تشابه عبارة موجودة في تراث المسلمين مع عبارة لبولس فهذا يدل على ان المسلمين اخذوها من بولس !!!

    ولو قبلنا بهكذا مقياس….حينئذ ستكون كارثة على الاخ شكور...ليس لان في كتابه المقدس عبارات, بل هناك قصص كاملة موجودة في تراث امم سابقة مثل قصة الطوفان وقصة الخليقة المذكورة في ما وصل الينا من تراث البابليين والسومريين

    فهل يقبل الاخ شكور ان نقايس مواضيع كتابه المقدس على نفس الميزان الذي يريد ان يقيس به لغيره ؟!!!

    وفي الختام , اكرر شكري للاخ كاتب الرد, وله مني كل التقدير والمحبة والود, مع تذكيره بمبدأ بسيط وواضح وهو

    ان البحث في النصوص التاريخية او المقدسة,,يستوجب الالتزام بالنص,و بظواهره التي يجب ان تحترم وتعتبر,ولا علاقة للباحث بالتفسيرات والتأويلات, التي تختلف وتتباين بحسب قناعة المعتقدين بها وحدهم.


    د. جعفر الحكيم


    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media