فاطمة الزهراء(عليها السلام) النور الرباني المتألق / الجزء الثاني
    الأثنين 21 يناير / كانون الثاني 2019 - 04:24
    عبود مزهر الكرخي
    ولو راجعنا السيرة العطرة للزهراء روحي لها الفداء تجدها سيرة نورانية وآلهية كانت كلها تسير بعناية والله سبحانه وتعالى والطاف الباري عز وجل فهي خلق نوراني وليس خلق عادي كما يدعي الكثير من الكتاب القصيري النظرة في أن فاطمة كانت امرأة  عادية ولو رجعنا إلى  ما يثبت ذلك فهو حديث الرسول(ص) فهو يقول عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: « يا سلمان خلقني الله من صفوة نوره ودعاني فأطعت، وخلق من نوري علياً فدعاه فأطاعه، وخلق من نوري ونور علي فاطمة فدعاها فأطاعته »(1). فهي تميزت عن كل نساء العالمين بأنها طائعة ومتمثلة لكل أوامر الله وهو ما ذكر ذلك في زيارتها المأثورة ليوم الأحد حيث تقول ( السَّلامُ عَلَيْكِ يا مُمْتَحَنَةُ ، إِمْتَحَنَكِ الَّذِي خَلَقَكِ فَوَجَدَكِ لِما امْتَحَنَكِ صابِرَةً ) فهي الممتحنة بأشد أنواع البلاء من قبل الخالق ولكنها كانت  صابرة محتسبة عند ربها جل وعلا. ولهذا وصفت بالزيارة الخاصه بها بأنها الصابرة وهو مقام سام لذا قال تعالى: ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ))(2)،  وفي الحديث الشريف جعل الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد, كما أنها (عليها السلام) كانت فرحه بالموت مايلة إليه مستبشرة بحلوله، وهذا أمر عظيم لا تحيط الألسن بصفته ولا تهتدي القلوب إلى معرفته وما ذاك إلا لأمر علمه الله من أهل البيت الكريم وسرا وجب لهم مزية التقديم. ومن هنا فهو قد خلق فاطمة من نوره العظيم ولهذا جاء هذا الحديث عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال، قلت له: لم سميت فاطمة الزهراء، زهراء؟ فقال: « لأن الله عزوجل خلقها من نور عظمته.. »(3).

    ومن هنا نالت هذه الطاهرة المطهرة كل الفخر الآلهي في خلقها وتكوينها منذ ولادتها وخلال مسيرة حياتها لتكون منزلتها ومقامها عند رب العزة والجلال هو مقام رفيع إذ من المعروف إن الله عندما يرضى عن العبد فأنه حتماً تكون له منزلة ومقام رفيعين عند الله سبحانه وتعالى وإذن فكيف بفاطمة الزهراء التي خصها بمنزلة سامية وردت في أحاديث نبينا ألأكرم محمد(ص) وأئمتنا المعصومين (سلام الله عليهم أجمعين) ولنسرد هذه الأحاديث :

    عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك)).(4)

    وكذلك ما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم انه قال : (( يا فاطمة أبشري فلك عند الله مقامٌ محمودٌ تشفعين فيه لمحبيك وشيعتك فتُشفعين))(5).

    ويظهر أيضاً مقامها عند الباري عز وجل من خلال الحديث الطويل الذي يروى عن أهل بيت العصمة عن الله تعالى حيث يقول الباري عز وجل :

    ((يا فاطمة وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السموات والأرض بألفي عام أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار))(6).

    ولنأتي إلى مايقوله الكاتب محمد فاضل المسعودي في العلة في مقامها الكريم روحي لها الفداء ويقول : " ومن المقامات الأخرى لها عليها السلام هو علة الايجاد أي أنها كانت علة الموجودات التي خلقها الباري عز وجل وكما ورد في الحديث الذي يقول فيه الباري عز وجل : (( يا أحمد ! لولاك لم خلقت الأفلاك ، ولولا علي لم خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما)) "(7).

    أي ان أنها العلة والوعاء الذي حمل السلالة الطاهرة للسلالة المحمدية الطاهرة(سلام الله عليهم أجمعين).فهل العلة لخلق النسل الطاهر للسلالة المحمدية ففيها اجتمعت كل الكمالات الآلهية لتكون هي الحجة على كل حجج الله في أرضه من أئمتنا المعصومين(سلام الله عليهم أجمعين) ومن هنا و ما ورد عن الامام الحسن العسكري صلوات الله عليه : { نحن حجج اللَّه على خلقه وجدّتنا فاطمة حجة اللَّه علينا } و في لفظ "و أمنا فاطمة حجة علينا "(8).

    أي إن الزهراء (ع) حجة على بنيها الأئمة (ع) و لابد ان يكون الحجة أفضل من المحجوج ،

    و قد قال الإمام (ع) (( و أمنا أو جدتنا فاطمة حجة علينا )) ، ما يدل إن أمير المؤمنين (ع) ليس داخل ضمن الأئمة من ولده في كون الزهراء (ع) حجةً عليهم ، لأن الإمام العسكري (ع) قال "أمنا" و الإمام علي (ع) لا يدخل ضمن هذا اللفظ بالتأكيد ، إذ هو ليس من أبناء فاطمة و ليست فاطمة (ع) إما له ! ، و لأن أمير المؤمنين (ع) أفضل من الزهراء (ع) فهو الحجة عليها و هي الحجة على الأئمة من بنيها صلوات الله عليهم أجمعين .

    فكان خلق الزهراء(ع) من قبل الله سبحانه وتعالى بحكمة ربانية وألطاف آلهية اختص بها عباده المؤمنين لينزلها إلى الأرض من أجل إن تكون رحمة آلهية وهبها الله لعبادة المؤمنين والذي من تمسك بها فقد نجا وهي من أحدى سفن النجاة السريعة وأقواها وهي تمثل باعتقادي المتواضع إحدى واهم من يقود سفينة أهل البيت سفينة النجاة وهذا الحديث مسنود ومروي عن ثقاة والذي رواه الصحابي الجليل أبو ذر(رض) { وهو آخذ بباب الكعبة: من عرفني فأنا من عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت النبي (ص)يقول: " أَلاَ إِنَّ مَثَلُ أَهلُ بَيتِي فِيكُمْ مَثَلُ سَفِينَةِ نُوح مَنْ رَكِبَهَا نَجَا ومَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ "(9).

    فهل يوجد شك أو شبهة بعد ذلك في منزلة الزهراء روحي لها الفداء والتي سنتناول في أجزاء كينونة الزهراء وما تعرضت له من محن والآم ومن مصادر أهل السنة والجماعة أن شاء الله.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    المصادر :

    1 ـ الهداية الكبرى للخصيبي: ص375، ط مؤسسة البلاغ، ط بيروت. دلائل الإمامة: ص448، ط مؤسسة البعثة، قم. البحار: ج15، ص9، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت.

    2 ـ [الزمر :10].

    3 ـ علل الشرايع للصدوق: ج1، ص180، ط منشورات المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف.

    4 ـ الحاكم النيسابوري في (المستدرك) (ج 3 ص 153 ط حيدر آباد الدكن). الحافظ الطبراني في (المعجم الكبير) (ص 14 مخطوط). العلامة ابن الأثير الجزري في (أسد الغابة) (ج 5 ص 522 ط مصر). العلامة محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) (ص 39 ط مكتبة القدسي بمصر). والكثير من المصادر.

    5 ـ كنز الفوائد  : 1/150.

    6 ـ  سفينة البحار : 2 /375.

    7 ـ  الأسرار  الفاطمية محمد فاضل المسعودي ، ص 98. المكتبة الشيعية. المجموعة: من مصادر العقائد عند الشيعة الإمامية. تحقيق: تقديم : السيد عادل العلوي. الطبعة: الثانية. سنة الطبع: ١٤٢٠ - ٢٠٠٠ م

    8 ـ أطيب البيان في تفسير القرآن / المجلّد 13 / الصفحة 225.

    9 ـ المستدرك على الصحيحين، ج 3 ص 163 رقم الحديث 4720، باب مناقب أهل الرسول (ص)

     المعجم الكبير، ج 3 ص 37، رقم الحديث حسب الطبعة 2636. المستدرك على الصحيحين. ج 2 ص 373، رقم الحديث 3312، باب تفسير سورة هود. المعجم الصغير،ج 1 ص 240، رقم الحديث حسب الطبعة 391

     المعجم الكبير، ج 3 ص 38، رقم الحديث حسب الطبعة 2638. الكنى والأسماء، ج 1 ص 137، رقم الحديث 481، ترجمة أبو طفيل عامر. ونجد أن الرواية التي رواها " أبو ذر الغفاري " فيها زيادة عن الرواية التي نقلها لنا " ابن عبّاس. والرواية التي نقلها لنا " أبو الطفيل عامر بن وائلة. وقد ورد حديث السفينة في كتب ومصنفات أهل السنّة أكثر مما أحصيناه في هذا المقام، والذي بلغ حسب تتبعنا أكثر من 20 كتاب ومصنف ومسند، ولكن لايتسع المجال لنقلها كلها.

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media