السترات الصفراء : حركة ميتة في مهدها ،أم ستنجح في معقلها وخارجه؟
    الأثنين 21 يناير / كانون الثاني 2019 - 18:29
    د. الطيب بيتي العلوي
    مغربي مقيم بفرنسا / مستشار ثقافي سابق بمنظمة اليونسكو/ باحث انثروبيولوجي
    "الشعب الذي ينتخب الفاسدين والمرتدين(عن المبادئ) والمحتالين واللصوص والتجاروالسماسرة والخونة ليس ضحية، بل هو متواطئ".....جورج أورويل

    "عندما يتم الكذب علي شعب طوال الأوقات ،فالنتيجة ليست أنه يصدق تلك الأكاذيب أو أن  يكذبها، لكنه سيسقط في البلبلة و لن يصدق بعدها أي شيء بعد ذلك،والشعب الذي لا يستطيع تصديق أي شيء لا يمكنه تكوين أي رأي، إنه شعب محروم ليس فقط من قدرته على التصرف، ولكنه محروم  أيضا من قدرته على التفكيروالتحليل والحكم. ومع مثل هذا الشعب ، يمكنك أن تفعل  به ما تشاء"  Hannah Arendt الفيلسوفة الألمانية والسياسية  المتجنسة أمريكيا
     مقدمة:

     لعل فقيه العراق أحمد إبن حنبل كان محقا عندما قال:"العلم لا يؤخذ بالقيل والقال،وإنما يؤخذ من مضانه ومن أفواه الرجال"...، 
     ومن هذا المنظور فإن فهم حقيقة حركة السترات الصفراء–من خارج الحركة نفسها- ليس بالأمرالهين،ولا يمكن أن يتم ذلك سوى عن طريق مقاربة ميدانية على الأرض وفي عين المكان،وذلك ما لا يتأتى للمحللين من خارج الأرض الفرنسية من أجل  فهم حركة معقدة كهذه  تختلف عن كل الحركات الإجتماعية التاريخية  الإنسانية، كما حدد ذلك في شأنها المؤرخ  والأنثروبولوجي الفرنسي "إريك هازان"، كما أنه لم يثبت في شأنها تدخل خارجي، كما أتبث الدارس والمحلل "ميشيل دراك"،وأنها أول حركة شعبية إنطلقت من المدن ة الصغيرة والأرياف الفرنسية بعيدا عن باريس التي إستأثرنخبها  بإستحداث كل الثورات الفرنسية التاريخية- كما أثبت ذلك الأنثروبولوجي والفيلسوف الإقتصادي والأستاذ الجامعي"إتيان شوار"- ..وبالتالي فإن الإعتماد على المصادرالإعلامية الفرنسية  المنحازة للسلطة التي تمولها نفس مصادرمن أتوا بماكرون وحكومته إلى الحكم،وترداد  بذاءاتها  الهادفة إلى التقليل من شأنها أو قتلها في مهدها ، سيكون ضربا من الهذيان والدردشة الفارغة 

    صلب مشكلة السترات الصفراء:
     التساؤل الأول والمبدئي:  قبل الخوض في الحديث عن هذه الحركة ، أنه لا بد أولا من فك شفرة رمزالحركة 
      وثانيا: محاولة  التأصيل لهذه الحركة التي تنتشربسرعة في الزمان والمكان وتتجاوز حدود الجغرافية الفرنسية  فتثير  إعجاب ومساندة  الشعوب الأوروبية كلها -علما بأنه لا علاقة لها بثورات                                                               الربيع الأوروبي المشبوهة لعام 1848(التي فصلت في شأنها في كتاب سابق)-،وهي حركة ترعب  النخب الفكرية والصفوة السياسية  والإعلامية الفرنسية ،وهذا ما سنحاول التطرق إليه لاحقا في الجزإ الثاني من هذا المبحث)
    حيثيات ومعطيات  لا بدمنها قبل  تحليل الحركة :
    بداية :حركة السترات الصفراء: حركة مثيرة للفضول وللتساؤلات الصعبة معرفيا وسوسيولوجيا،ومثيرة للقلق إنسانيا.
    -وحركة أعادت الفلسفة إلى أصولها الأولى الإغريقية التي أسسها سقراط ،عندما إتخذ الشارع المكان الأمثل للإجابة عن التساؤلات الصعبة في مواجهة مضاربات السفسطة .
    -حركة غير مسيسة تضم كل ديناميكيات  الشعب الفرنسي  من كل التوجهات  من أقصى اليمين المتطرف إلى أقصى اليسار المتطرف ، والجديد في هذه الحركة أن ثمانين في المائة من  الشعب الفرنسي أبانوا عن ذكاء فطري ، بحيث اتفقوا على ما يجمعهم وهوالسيادة الوطنية وخصوصية الهوية الفرنسية-بغض النظر عن التعدد الديني والإثني-

    -الحركة جاءت ضربة  قاتلة  لخرافة "أوروبا ماسترخت"(التي أقامها ميتيران/هيلموت كول) في أوخرالثمانينات ،وتهديد للُصوصية " ألأورو" كعملة أوروبية موحدة، أفقرت الشعوب الاوروبية " المدمجة" في" المجموعة الأوروبية"  ببروكسيل

    -حركة محت من الساحة السياسية والإيديولوجية كل المضاربات الكلاسيكية العتيقة التي أغرقنا بها الفكرالغربي منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية  المحصورة  في علاقات :يسار/يمين كمصطلحين فقدا معينهما وماهيتهما منذ زمن بعيد،
    حركة ضربت  "العولمة الشرسة" في المقتل وقد تكون بمثابة "حصان طروادة"  لتهديد "الحصن الحصين" لتجمعات رموز الأوليغارشية المتحكمة في مصائر الشعوب ومقادير الأمم ، مما يرجح  نشوء رد فعل عنيف ضد الحركة  بغية قتلها في مهدها  

    ومن هذا المنطلق والمنظور: يمكن الجزم بأن هذه الحركة –حتى هذه الساعة- قد زعزعت مفاهيم أركية غربية: فلسفية وثقافية وسياسية،كانت حتى ما قبل الحرب الباردة من الثوابت واليقينيات: بسبب التحولات العنيفة في العمق في التربة الغربية مباشرة  عقب نهاية الحرب الباردة  حيث تفجرت ينابيع المعرفة  (الكونية) مصادرها  في كل المجالات، وتبخرت كل أطروحات "المثال"ومقولات"المابعد الحداثيات" الوردية ،فتحول العالم منذ اوائل التسعينات-بعد غزوالعراق- إلى عالم "مادماكس"البشع والخطير:عالم مهدد في كل ثانية،بالإنفجاروالتشظيظ  والإنقلابات والثورات، فإحتلط الحابل بالنابل ،فلم يعد الفكرفكرا ولا التفلسف فلسفة ولا الإبداع  إبداعا ولا السياسة سياسة، وضاقت الأرض على الخلق  بما رحبت عند نضوب معين المرجعيات المؤدية للمقاصد والأهداف والغايات، فلم تعد تجد مراكز البحوث الغربية وهنادقتها من رجالات (التينك طانك)تلكم  البوصلات الهادية إلى المخارج في الظلمات، التي أغرق فيها هذا الغرب "الأنواري" والتنويري" العالم كله في بحارمن المجون والفوضى والفتن والحروب المدمرة نتج عنها  حقائق مُرًة بأن:
    -الديموقراطية الغربية مجرد نكثة سمجة،وحقوق الإنسان أكذوبة،والمثل العليا الإنسانية مهزلة،والديانات ألعوبة،-
    -النخب السياسية والفكرية والإعلامية نعتت الحركة بأبشع الصفات(سنفصل في هذا الأمر في مبحث آخر) فإنكشفت حقيقة هذه النخب  الصنمية   التي إستهبلت مهابيل النخب الثالثية المغفلة لعقود ، 
    -مهزلة  النخب الفكرية والإعلامية الغربية (المتنورة) الذين  يعشقون ثورانيي ليبيا المتطرفين( السلفويين) والمعتدلين(الإسلامويين)  ومتطرفي أكرانيا  النازيين ، ونصرة سوريا ودواعش العراق ومتطرفي المنطقة،ومجاهدي خلق إيران وسلفيي  الديار الخليجية ، ويلعقون أحدية "ديموقراطيي" النفط  والقصف والرفث،بينما ينعتون ثوارهم بالدهماء و"عديمي الأسنان"والمهرجين والقذرين والعملاء والفاشيين
    نهاية أسطورة  مصداقية  الإعلام الرسمي  المسمى ب " السلطة الرابعة" 
    وضعت الحركة ما يسمى ب خرافة " السلطة الرابعة" في مأزق حرج عندما تبين مدى كذبها وتزويرها للحقائق الميدانية  ومحاولة   "السلطة الرابعة" التنسيق مع وزيرالداخلية" كاسطانير"في الزج بمخربين ،إستُقدموا من الضواحي الباريسية  من الضليعين  في عمليات السطو والتخريب  عند كل المظاهرات (وهم من صنيعة النظام  أيام ساركوزي)بهدف تيسيرالصاق التخريب  بالحركة وتشريع القمع المفرط ضد المتظاهرين بوسائل قمعية لم يعرفها التاريح الفرنسي منذ قيام الجمهورية الخامسة  في أوائل الستينات,  
    -الإعلام الفرنسي الرسمي أو" السلطة الرابعة" الفاقد للمصداقية والمحقرلهذه الحركة سقط  في أخطاء قاتلة،عندما وصف الحركة بالغباء والشعبوية والإمعية  والمحدودية الآفاق  في الزمان والإنتشار(فإذا بها في أسبوع واحد  تتطال كل زوايا فرنسا وأركانها  وتحظي بسند حوالي ثمانين بالمائة من الشعب الفرنسي )،

    ولكي يداري هذا الإعلام غباءه وخيانته للوطن، ولكي تبررتلكم النخب المزيفة سفاهتها ،قاموا يتصارخون مولولين بالمؤامرة الخارجية، ومستنهضين همة "عقلاء الأمة"–الذين هم–في نفس الوقت أعداء الوطن -من مفكرين مسترزقين،وسياسيين مرتشين وصفوة المترفين المعفون من أداء الضرائب،و من لوبيات الصناعات الثقيلة ،ومصاصي الدماء من أرباب الأبناك ،حيث ما فتئ الإعلام الفرنسي  ينشرالأقاويل الكاذبة عن الحركة منذ بدايتها حتى إسبوعها العاشرحيث تكاثرت أعدادها وتزايد مؤيدوها وإصرارها وعزمها على المضي  في مضايقة الإليزيي وعدم قبول أية تنازلات  أو التفاوض  في شأن مطالب الحركة التي إقتصرت في البداية على تخفيض أثمنة المحرقات  والضرائب وزيادة  الأجوروحل البرلمان ،وسبب تعنت الحكومة وممارسة "خبث الصمت" الماكروني  الدال على التعالي والإستصغار، ورفض حتى الإستماع الى المطالب  أو تسجيلها ، والعزوف عن   التفاوض،  فكانت  النتيجة هي رفع سقف مطالب الحركة  لتصل إلى  المطالبة بإستقالة ماكرون وحل الحكومة   وتبديل الجمهورية الفرنسي الخامسة وتغيير الدستور والدعوة إلى إستفتاء شعبي ليصبح الشعار الشعبي " كل شيء أولا شيء" 
     
    وهو نفس الإعلام  الذي غفل عن ظهور الحركة رغم  المؤشرات والعلامات والدلالات الواضحة التي تبدت  منذ الشهورالأولى لتسنم ماكرون مقاليد الحكم(وهنا يكرر الإعلام الفرنسي  نفس أخطاء الإعلام الأمريكي الذي حقرمن "ظاهرة ترامب" وقلل من شأنها ليتفاجأ نفس الإعلام  لاحقا  بفوزه ، ثم يلقون اللوم على"الجهات الخارجية" المتمثلة في شياطين قراصنة المعلومية الروس و دهاء بوتين )
     
    وهو نفس الإعلام الذي روج لسنتين لماكرون صبي أبناك روتشيلد - وصفي"العولميين "وسمسار لصوص الشركات  المتعددة الجنسيات العابرة للقارات –ليصبح  رجل الساعة ومُخَلَص الأمة،
    ونفس الإعلام  الذي صمت عن تفسير أسباب تدني شعبية ماكرون المغامر والمقامر"وأيقونة العصرنة و التغيير" والأقل شعبية وحظوة لدي الشعب الفرنسي  في  التاريخ الفرنسي لما بعد الثورة الفرنسية.

    وهو نفس الإعلام الذي لم يفسرلنا–عقلانيا-لماذا كان إيمانويل ماكرون ،بمثابة تلك القشة التي قصمت ظهر البعيرفي  نسف  البلاد التي بدأت عمليا مع ساركوزي، بغرض بيع فرنسا(التاريخ والحضارة والشعب الثوري) 
    للأوليغارشية  المالية الأممية -(التي ماكرون ليس سوى خادم  فيها) - التي تحولت إلى  إمبراطورية  دولية ديكتاتورية  ترهب  الحكومات  الشرعية وتسترخص سيادتها-

    نتج عن ذلك  إرتعاب المفكرين مثل الفيلسوف الشهير"لوك فيري" وزيرالثقافة السابق،ورفيق ميشيل فوكو ومحاوره  الصفي ، وثارت ثائرة الإعلاميين ومعظم  الإبداعيين(مثل شارل هيبدو الذين رسموا رسوما كاريكتورية مسيئة الى المتظاهرين تحت عناوين" العودة إلى الظلام " ) فأهاب هؤلاء بالحكومة بإستنفاركل في حوزتها من رجال الأمن، من بوليس ودرك وقوات إحتياطية ،بل وبالدعوة إلى التدخل السريع للجيش" لإيقاف هذا القرف" –حسب  تعبيرالفيلسوف "فيري" "وبيرنار هنري ليفي"-عراب الثورات العربية- وبل ويتم تجنيد مرتزقة من الخارج لمواجهة حركة سلمية 
    غير مُسيًسًة  (حتى كتابة هذه السطور)، حطمت كل التحليلات وتجاوزت كل التنبؤات، 

     تشبث الإعلام الفرنسي الرسمي  بإرجاف "المؤامرة الخارجية"،هو نفس الإعلام الذي كان ينفي في السابق نظرية  المؤامرة ويرفضها  فيصبح  من دعاتها) فيدعي –بغير حجة - مُساندة  الحركة –تمويلا ولوجيستيا- من طرف بوتين أوترامب أو سوروس أومن إيران ،وكأن الغرب أصبح  يعالج معضلات السياسة بالبلطجة و بالتنجيم والكهانة ،وبالترشيد السياسي  لبلدان الموز 
     هل "إيمانويل ماكرون" عدو للشعب الفرنسي؟
    - إن المتتبع  لمسيرة   الرئيس  ماكرون (الجمهوري التنويري والديموقراطي) ويركز على كيفية مخاطبته للشعب الفرنسي. سيجد أنه  الرئيس الفرنسي الأوحد في التاريخ الفرنسي الذي كان يخطب  بهيستيريا  وإنفعال وغضب،وكأنه آلة ناطقة بالبطارية، يصرخ دائما مخوفا ومهينا الشعب الفرنسي في كل خطاباته التي تتسم  بالتحقير والتهديد والوعيد، ويتصرف كطاغية أو ملك غيرمتوج ، فيمارس سياسة التفرد بالسلطة والتغطرس، وكأن الشعب الفرنسي مجرد أمشاج قبائل الطام طام في أدغال إفريقيا، وكأن  الحركة لا توجد، وكأن تواجد ملايين الفرنسيين الذين  ينتشرون في كل أسبوع  في  كل أركان فرنسا لا تهز أعطافه أو تثير تساؤلاته ( حيث يقلص الإعلام أعداد المتظاهرين  إلى أرقام كاذبة ومضحكة،) 

    - ماكرون لم يأتي به الشعب، بل أتي به الإعلام المٌشترى ،عبر زمًارات الإعلاميين المنتقين كأغبياء مفيدين،وبتمويل الأثرياء والأبناك  ،فتم إنفاق الملايين من أجل تلميع صورته –فتحول ماكرون من مجرد وزيرفي حكومة "فرانسوا هولاند" إلى الإله جوبيتير(كما تسميه الصحافة  التي نفسها التي كانت تلقب ساركوزي بنابوليون): ليصبح فريد عصره في الترشيد الإقتصادي والتسيير الإداري ،وعبقري السياسية العالمية و"فهلوي" تقنيات التواصل حين إستعان بنفس طاقم أوباما بصرف الملايين - وتم عرضه كبضاعة جديدة أو مثل لباس الموضة الجاهز مجزية  في العروض التهريجية الإنتخابية الغربية ، كرجل فرنسا الأوحد، وفارسها النبيل  القرن أوسطي  وإمبراطوريها الجديد،  وبونابارت  أوروبا، وصليبي الشرق الأوسط  الجديد،
    وبإختصارشديد، فقد تم إستضباع الفرنسيين بالترويج لماكرون بالرجل المعصوم و الرئيس المجتبى،وحلال كل شائكة وضائقة في الداخل والخارج إلتي لماكرون فيها كلها رأي سديد وقول مفيد.

     وملخص القول : أن فرنسا تقف اليوم على مفترق طرق صعبة ومتشعبة : حيث ان  هناك صراع مريرما بين شرعيتين:

    1- شرعية الشعب في التظاهر السلمي والمطالبة بحقوقه الشرعية وإنتقاد الدولة.
     2-شرعية الدولة وحقها في الدفاع عن أمنها الداخلي وحماية مؤسساتها 

     غير أن ما سيحدث على الأرض على المدى القريب هو :إما أن يتم التغيير"بالتثوير" بقلب الطاولة على الدولة وقطع رأس الأفعى التي أتت به إلى الحكم  بهدف العودة بفرنسا إلى مرحلة دوغول 
     أو" التغيير"بالتنوير"العولمي النيوليبرالي الجديد، فيتم عندها إمتصاص الحركة بالإحتواء والإختراق وشراء الذمم لتدخل فرنسا في أتون حروب أهلية لا يعرف مدى عنفها ومدتها سوى الله (ولقد عشت ثورة ماي لعام 1968 التي إستمرت حتى شهر جوان التي خلفت العديد من القتلي وآلاف الجرحى وتدمير للبنى التحتية عبرالتظاهرات الطلابية والمظاهرات العمالية )حيث حركة السترات الصفراء تختلف عنها كلية في المضمون والشكل والمطالب والمحفزات والمسوغات ونوعية الثوار)..
     
     وهذا ليس حشوا كلاميا لا جدوى منه، أوهراء رومانسيا، بل حقائق تلمستها  بنفسي لدى الكثيرين من المشاركين في حركة  السترات الصفراء من الأدنى  ثقافة والأقل إطلاعا،إلى الأعلى تفكيرا وتكوينا وعلما،مما قد يساعدنا على البث في أمر هذه الحركة قبل التسرع بتصنيفها على هدي الثرثرة الأدباتية والمخيال السياسي،وقبل فهم  أبعاد الحركة ومسوغاتها –السوسيو-ثقافية- التي وصل تأثيرها إلى  حوالي 22 دولة أوروبية وإلى  ما وراء الأطلسي، والتي عند إستمرارها ستقلب الطاولة على كل الحكومات المنصوبة الحالية  سواء-"الثورانية" منها أم البخورية أم"الديموقراطية المزيفة"وهوالأمر الذي سيحرص رهوط  "مشاريع حكومة العالم الجديدة"- التي ستكون عاصمتها القدس الشريف،- أو أرشاليم  التلمودية- على  مكافحتها بالطرق المعهودة(وهذا موضوع تفصيلي سنفسره لاحقا) 

    ومن منظورهذه المسوغات والحيثيات ،إرتأيت مرافقة هذه الحركة منذ بدايتها من أجل فهمها من الداخل،وفهم مسبباتها الحقيقية ؟ وما مدى مصداقيتها وما هي أهدافها؟ وهل الحركة " تلقائية" (و"سوسيولوجيا الثورات" لا تؤمن بالعفوية والتلقائية في الحركات الإجتماعية)– أم أنها حركة مدبرة من الخارج ؟ أومُهيًجة من الداخل؟ –وإذا كان الأمر كذلك، فمن هم هؤلاء الذين أثاروها من الداخل،  أوأولائك الذين فبركوها من الخارج؟ 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media