برنار كوشنير فى القامشلي فماذا عن مخططات برنار لويس وتحركات برنار ليفي
    الأحد 3 فبراير / شباط 2019 - 02:19
    فادي عيد
    بعد اجتماعاته ولقائته مع برنار هنري ليفي عامي 2011 و2012 فى مؤتمرات تدمير ليبيا، ولتنفيذ مخططات برنار لويس، عاد برنارد كوشنر (وزير خارجية فرنسا الاسبق) نهاية نوفمبر 2018، ولكن فى تلك المرة ليست فى ليبيا بل فى القامشلي السورية وبرفقة مسئولين اكراد.

    وهنا تعجب البعض من أين أتى وعاد للمشهد مجددا وزير خارجية فرنسا الاسبق، واي دور له فى اراضي سوريا، فى الوقت الذى تشهد فيه بلاده مولد ثورة (كما وصف معارضوا ماكرون)، وهنا كان يجب علينا ان نستعرض تاريخ ومواقف كل من الثلاثي البرناري، بداية ببرنار لويس منظر فوضى وترسيم الشرق الاوسط الجديد، مرورا ببرنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسي المثير للجدل داخل فرنسا وخارجها، وصولا لبرنار هنري ليفي عراب ما سمي بالربيع العربي او الربيع العبري ان دق التعبير.

    وبداية اختلفوا الثلاثة فى مكان المولد و المهنة ولكن كان يجمعهم قاسم مشترك اخر بجانب الاسم والديانة وهو الانتماء للصهيونية، وتعبر عقلية وفكر كل منهما عن مراحل مر بها وطنا العربى بعد انتهاء الحرب العالمية وحتى يومنا هذا.

    فبداية مع المتخصص فى دراسات الشرق الادنى والاوسط والتاريخ الاسلامى استاذ جامعة برنستون برنارد لويس، وخدم لويس أثناء الحرب العالمية الثانية في الجيش البريطاني بالهيئة الملكية المدرعة وهيئة الاستخبارات عام 1940م، ثم اعير إلى وزارة الخارجية، فقد تفنن برنارد لويس فى رسم خرائط للشرق الاوسط على غرار خرائط سايكس بيكو، ولكن فى تلك المرة كان التقسيم على اسس مذهبية وليس على حدود جغرافية، حتى قسمت خرائطه وطننا العربى الى دويلات مذهبية صغيرة، واعتبر ذلك هو تصحيح لاخطاء تقسيم سايكس بيكو.

    وبعد ان اختمرت افكار برنارد لويس فى عقول الكثيرين من اصحاب القرار بالغرب، اصدر بريجنسكي مستشار الامن القومي الامريكي فى اواسط السبعينات كتابه "بين جيلين"، والذى قال فيه "أن الشرق الاوسط مكون من جماعات عرقية ودينية مختلفة يجمعها إطار إقليمي، فسكان مصر ومناطق شرق البحر المتوسط غير عرب، أما داخل سوريا فهم عرب، وعلى ذلك فسوف يكون هناك شرق أوسط مكون من جماعات عرقية ودينية مختلفة على أساس مبدأ الدولة او الأمة، فتتحول إلى كانتونات طائفية وعرقية يجمعها إطار إقليمي كونفيدرالي، وهذا سيسمح للكانتون الإسرائيلي أن يعيش في المنطقة بعد أن تنتهي فكرة القومية". 

    وقبل ترك بريجنسكى لمنصبة بعام واحد اثناء حرب الخليج الاولى قال : "ان المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الان هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم علي هامش الخليجية الاولي التي حدثت بين العراق وايران، تستطيع امريكا من خلالها تصحيح حدود سايكس- بيكو".

    وفى عام 1983م اعتمدت الولايات المتحدة المشروع الذي قدمه برنارد لويس لتفتيت الشرق الاوسط، ووافق عليه الكونجرس الامريكي بالإجماع في جلسة سرية، وفى 20/5 /2005م  اثناء مقابلة اعلامية مع برنارد لويس قال الاتي بالنص "اما ان نضع العرب تحت سيادتنا، او ندعهم ليدمروا حضارتنا، فلا مانع من احتلالهم".
    وعندما دعت أمريكا عام 2007م  إلى مؤتمر انابوليس للسلام كتب لويس في صحيفة وول ستريت "يجب ان لا ننظر إلى هذا المؤتمر ونتائجه إلا باعتباره مجرد تكتيك مؤقت غايته التألف ضد الخطر الإيراني، وتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية ودفع الاتراك والاكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضا، كما فعلت أمريكا مع الهنود الحمر".

    و يعد برنارد لويس من اوائل الذين نصحو الولايات المتحدة بالتعامل والتقرب من جماعات الاسلام السياسى.

    ومن هنا ننتقل للبرنار الثانى الا وهو برنار كوشنير احد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود سنة 1971م التي ترأسها حتى عام 1979م، ثم انتقل من الطب الى السياسة وتولى منصب وزير الخارجية 2007بمعاونة اللوبى الصهيونى بباريس فى عهد ساركوزي، وفور تسلم كوشنير وزارة الخارجية تلقى بهذه المناسبة الدكتوراه الفخرية من الجامعـة العبرية في القدس، فكانت فرحة الاسرائيلين كبيرة بتولى كوشنير ذلك المنصب فكانوا يخشون ان يصتدموا بهوبير فيدرين لذلك دعمو كوشنر بقوة، ولذلك أيضا لم يتأخر كوشنير فى تقديم الشكر والعرفان لاسرائيل، وذلك عندما صرح قائلا: "تسيبي ليفني صديقتي والاسرائيليون أهلي وأنا لا أريد أكثر من مساعدتهم". 

    وبدأ استكمال المخطط بأهم حلقات الوطن العربى، الا وهى لبنان التى زارها كوشنر عشرة مرات محاولا دفعها للجحيم، ولم يتخلى عن مهمته حتى بعد تركة لقصر لكي دورسيه (مقر وزارة الخارجية الفرنسية).
    كما كان الاب الروحى لمؤتمر دعم المعارضة السورية الذى أقيم فى باريس جالسا فى الصفوف الاولى بين مندوب جماعة الاخوان المسلمون واستاذه عراب الربيع العربى (البرنار الثالث هنري ليفي)، وأينما تواجدت اسرائيل فى مؤتمر كان كوشنير حاضرا، واينما أتيت سيرة العرب كان متامرأ، وهذا ليس غريب على كوشنير الملقب بالحاخام، والذى قد لا يقف عند عزف النشيد الوطنى لبلادة "لامارسييز" بينما يقف بخشوع فى عزف النشيد الوطنى البريطانى "فليحفظ الله الملكة".

    ومن برنار الحاخام ننتقل للبرنار الثالث، الملقب بـ برنار الجنرال، نجم عام 2011م الاوحد ونجم جميع أفيشات الربيع العربى، سواء كان فى تونس او ليبيا او مصر او اليمن او سوريا، واحد اهم الجسور بين التنظيم الدولى لجماعة الاخوان وقادة الغرب، الجنرال الفيلسوف برنار هنرى ليفى.
    فالمترشح لرئاسة لدولة الكيان الصهيونى، بعد ان شارك العرب فى ميادين ثواراتهم الملونة، صرح علنا "أن الربيع العربى على ابواب الجزائر، وانة يفعل هذا خدمة للصهيونية، وليس من اجل العرب. 
    انه الخبير العسكرى وقت الحروب، والفيلسوف وقت الثورات، والحمل الوديع امام الكاميرات، فرفض جائزة نوبل (مقدم مكافئة كل عراب)، بينما خر ساجدا للدكتوراة فخرية مختومة بختم دولة اسرائيل، واكثر من حول خرائط ومخططات الماضى والحاضر الى واقع وطبقها على الارض بأمتياز، بداية من يوليو 2004م عندما خاض برنار ليفى حملة التحالف من اجل إنقاذ دارفور بمشاركة نجوم هوليود، والتى رفعت شعار "العرب يذبحون السود"، مرورا بأقناع ساركوزى بالتدخل العسكرى فى ليبيا، وصولا لدعمه تقسيم سوريا، وصارت كتبه عن تجربة كل ربيع فى الشرق الاوسط الاكثر مبيعا فى العالم والاكثر جرحا فى قلوبنا.

    فمثلما قدم برنار كوشنير البوسنة وكوسوفو ورواندا كقرابين التفتيت للولايات المتحدة، كذلك قدم ايضا برنار ليفى ثورارت الربيع العربي، وجميعهم صار على منهج وخرائط برنار لويس، ورد فعلنا كعرب كان يتلخص فى ما قاله موشي ديان، عندما قال: "إن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يطبقون، وإذا طبقوا لا يأخذون حذرهم". 

    فادي عيد
    الباحث والمحلل السياسي بشؤون الشرق الاوسط
    fady.world86@gmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media