أنبوب الخط العراقي الاردني بين الحياة والموت
    الخميس 14 فبراير / شباط 2019 - 05:44
    د. ثامر العكيلي
    خبير نفطي عراقي واستشاري في التنقيب عن المواد الهيدروكربونية وتطوير الحقول
    يجري الان الحديث عن انشاء انبوب الخط العراقي الاردني للمرة الرابعة منذ اْقتراحه في عام 1984، وسنقوم ي هذا المقال باستعراض ما تم حوله حتى الان، ورأينا في تنفيذه من عدمه.

    أصل المقترح

    تقدمت شركة بكتل بدراسة جدوى فنية اقتصادية لانشاء خط بحجم 48 عقدة عبر الاراضي الاردنية وميناء تصدير ومصفى في العقبة (الشكل 1أ) وذلك في اواخر كانون الثاني من عام 1984:

    يتم الوصول الى طاقة خط 500 ألف ب/ي خلال فترة 18 شهرا من بدأ التنفيذ.
    توفير طاقة 1.5 مليون ب/ي بعد مضي 12 شهرا اخرى منها 100 ب/ي لمصفى الزرقاء. الموقع المقترح لميناء التصديرهو بلدة البرج في العقبة. كلفة انشاء الخط قدرت بمليار ونصف دولار.
    ينشأ المصفى في العقبة لتوفير منتجات بيضاء للاستهلاك او التصدير اضافة الى زيت الوقود الثقيل لتشغيل محطة كهرباء جديدة في العقبة.
    اخذ بنظر الاعتبار ربط العقبة بميناء تحميل سوميد في خليج السويس (الشكل 1ب) حيث بالإمكان ايصاله من هناك الى ميناء الاسكندرية البحر الابيض المتوسط 

    احيل الموضوع الى لجنة مشتركة قوامها:

    الجانب الاردني: الرئيس وزير الصناعة جواد الخطيب، نائبه والمقرر د ابراهيم بدران
    الجانب العراقي: الرئيس وزير النفط قاسم احمد تقي، نائبه الوكيل الاقدم عبد المنعم السامرائي والمقرر
    د ثامر العكيلي.  
    وبعد دراسة المشروع من كافة الجوانب الفنية والمالية والسياسية والامنية:

    ايد الجانب الاردني جدوى اقامة المشروع بحماس.
    اثار الجانب العراقي (بالتنسيق بيني وبين المرحوم عبد المنعم السامرائي) ضعف الموقف الامني للمشروع باعتباره هدفا مكشوفاً للقصف من قبل اسرائيل وخاصة مصفى التصدير الذي كان سيشيد في العقبة في موقع لا يفصله الا بضع كيلومترات عن ميناء ايلات مما يسهل رميه بالهاونات من هناك على اقل تقدير. ولغرض ان نمنطق السبب للابتعاد عن المشروع اقترحت (بصفتي مقررا للجنة المشتركة) ان نضمن اتفاقية الخط بين الجانبين والطرف المنفذ فقرة لتعريف "القوة القاهره" تقول ان الجانب العراقي غير مسؤل عن تحمل تبعات الاضرار الناتجة عن قيام اسرائيل بضرب اي جزأ من المشروع، كما تم الاتفاق على الطلب من حكومة الولايات المتحدة الامريكية ضمان عدم قيام اسرائيل بضرب المشروع كشرط للمضي بتنفيذه. وعلى هذا الاساس حصلت موافقة رئيس "اللجنة الاقتصادية" (طه ياسين رمضان) على هذا التوجه.  وعلى أثر ذلك توجه المرحوم  عبد المنعم السامرائي الى لندن لمقابلة السفير الامريكي للحصول على ذلك الضمان. وتم سفره الى لندن لهذه المهمة، غير أنه رجع بخفي حنين وكانت تلك السفرة نهاية المطاف للفقيد. وقد أتصل بي صباح اليوم الاول لمباشرته الدوام بعد سفرة لندن تلك على الهاتف الداخلي يطلب حضوري في مكتبه ليخبرني بأن مقابلته للسفير الامريكي لم تثمر بالحصول على الضمان المستهدف من حكومة الولايات المتحدة الامريكية.  وكان أول ما سألته إن كان سفره قد تم لوحده أم اصطحب معه ممثل المخابرات الذي يسمى عادة "مدير في وزارة الخارجية" فأجاب بالنفي مما أثار استغرابي فقلت له بان ذلك خطأ فادح ارتكبه لأهمية السفرة ولضمان عدم الاتصال بطرف ثالث أثنائها، تفاديا لأية مسائلة لاحقة.  وباعتقادي أن المرحوم حظر جلسة اجتماعية في لندن مع بعض معارفه وتعرض الى نظام الحكم وصدام بالشكل الذي يقوم به وخاصة بعد "كعدة شرب" وسجل كلامه سرا من أحد الحضور حيث كان التسجيل آخر قشة قصمت ظهر الجمل.  بعد أيام معدودة طُلب للحضور لمقابلة مدير الامن العام فذهب مع سائقه ولم نراه بعدها.

    ونتيجة لموقف الجانب العراقي (كما جاء في اعلاه) فقد تعطل القرار بالمضي بتنفيذ المشروع وأصبح مجرد ذكريات حتى بعد محاولة احيائه من قبل السيد عصام الجلبي وكيل الوزارة لشؤون الاستخراج في وقت لاحق، مدعوما من قبل دائرة المكامن وتطوير الحقول حيث تركت أنا مقر الوزارة بعد أن طلبت نقلي الى المشاريع النفطية في 7 حزيران 1986 متأثرا بما حدث للمرحوم عبد المنعم.

    عودة الى المشروع في عام 2013

    تصريح السيدة نهاد موسى "مدير عام المؤسسة العامة للمشاريع النفطية" المنشور في الصحيفة الاردنية، Jordan Times  نقتبس منه ما يلي:  

    "وقع العراق والاردن على اتفاقية بقيمة 18 ملياردولار لانشاء انبوب مزدوج بطول 1680 كم الى الاردن لنقل النفط والغاز:

    1-مليون ب/ي نفط خام من البصرة منها 100 ألف ب/ي الى الاردن تذهب الى مصفى الزرقاء.  
    2-نقل غاز 258 مقمق (قدم مكعب في اليوم) منها 100 مليون مقمق/ي للأردن و158 لتشغيل محطات الضخ على الانبوب. 
    3-يتوقع ان يجني الاردن 3 مليار دولار في السنة من عوائد المرور.
    وتقول الصحيفة بان السيد ثامر الغضبان رئيس هيئة المستشارين في مجلس الوزراء قد صرّح بان العراق حريص على تقوية العلاقات مع الاردن، أقرب جار له. 
    4-وسيقوم الجانب العراقي ببناء وتشغيل الجزء بصرة – حديثة ويتولى الاردن تمويل وتنفيذ الجزء الثاني حديثة – عقبة. وتوقعت نهاد موسى أن يكون الخط شغالا بنهاية عام 2017.

    من المعتقد بان المؤسسة العامة للمشاريع النفطية عملت دراسة جدوى عند احدى الشركات الاستشارية العالمية، التي أظهرت عدم اقتصادية المشروع للجانب العراقي في ضوء ما يلي:

    العراق ليس في وضع اقتصادي يسمح له بالاستدانة والصرف على المشروع.
    صعوبة ايجاد مستثمر عالمي يصرف على المشروع.
    اجرة النقل ستكون في حدود الخمسة دولار/ب وسيتحمل المشترى الاوربي والامريكي نفقات النقل عبر قناة السويس.
    المنافسة من الميناء السعودي القريب على ميناء العقبة.
    ضغط الجانب الاردني لاعتبار النفط المجهز لمصفى الزرقاء واطئة جدا ان لم تكن بلا ثمن.

    وللمرة الثانية غضّ النظر عن المشروع.

    الموقف العراقي الرسمي من المشروع حاليا

    يعتقد بان المشروع ظهر الى الحياة مرة اخرى عند لقاء رئيس الوزراء الاردني مع عادل عبد المهدي الذي يتبنى المشروع ودخل على الخط النائب صادق السليطي (كتلة سائرون) منتقدا.غيرأن هنالك من هلهل له أيضا!

    هل المشروع مفيد للعراق؟

    بالتأكيد ان الفائدة للاردن كبيرة لكن المشروع غير اقتصادي للعراق وليس العراق في وضع مناسب للاستقراض لتنفيذه.  من الملاحظ ان الكلفة المقدرة في عام 2013 هي 12 مرة بقدر كلفة 1984؟  ماذا ستكون الكلفة الان في ضوء تلك التقديرات؟
    ان النقل البحري للنفط العراقي من ميناء البصرة مباشرة افضل وارخص وسومو معتادة عليه.
    عند تحسن الظروف الامنية على مسار الخط العراق التركي، يتمكن العراق من استئناف التصدير الى جيهان.
    على الحكومة العراقية المطالبة المستمرة لاعادة الخط العراق السعودي اليها، كون السعودية وضعت يدها عليه بدون حق بعد حرب الكويت.
    آخرا وأخيرا الخط والميناء معرضا ن للقصف الإسرائيلي.

    *مهندس نفط استشاري تقييم وتطوير الحقول - 13 شباط 2019

    المصادر

    1-ترجمة رسمية لعرض شركة بكتل المقدم في أواخر ك2 /1984.
    2-تصريح مدير عام المشاريع النفطية أدناه
    Sent: Wednesday, April 10, 2013 2:30 PM
    Subject: Iraq, Jordan Sign Oil $18bn Pipeline Deal

    Iraq, Jordan Sign Oil $18bn Pipeline Deal
    Posted on 09 April 2013. Tags: Aqaba, jobs in Iraq, Jordan, pipelines, SCOP, State Company for Oil Projects
    By John Lee.
    Nihad Mossa, director general of the Ministry of Oil’s State Company for Oil Projects (SCOP), told The Jordan Times on Monday that Jordan and Iraq have signed an $18-billion agreement to build a double pipeline that will supply Jordan with crude oil and natural gas.

    He added that the Iraqi government is keen to proceed with the plan and will begin immediately. The 1,680-kilometre double pipeline will pump one-million barrels of oil a day from Basra on the Arabian Gulf to Jordan’s Aqaba Port, and around 258 million cubic feet of gas.

    From this, 150,000 barrels of oil will be used in Jordan, with the rest exported through Aqaba, generating an estimated $3 billion a year in revenues for Jordan, reports Al Bawaba. Approximately 100 million cubic feet of natural gas will fulfil Jordan’s gas requirements, with "the excess gas [being] used in pumping stations along the double pipeline”.

    "This week we will invite selected companies to bid for the pipeline from Basra to Haditha and by the year-end we expect the designs to be ready for this part in order to proceed with the process,” Mossa said.

    In the first quarter of 2014, a tender will be floated to build the pipeline from Haditha to Aqaba, Mossa said.

    The project, which includes extending a sub-line to Jordan’s sole refinery in Zarqa, will be operational by the end of 2017, and will create about 10,000 jobs in Iraq and Jordan.

    [[article_title_text]]
    الشكل 1أ: خط الانبوب الى عقبة







    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media