قصة العثور على أرشيف المكون اليهودي العراقي
    الجمعة 22 فبراير / شباط 2019 - 15:26
    نبيل عبد الأمير الربيعي
    [[article_title_text]]

            من خلال علاقتنا التاريخية القلقة مع يهود العراق, وفي خضم الأحداث والأزمات التي رافقتها, تأصلت فينا على مر الزمن حالة لا تبارحنا إلى يومنا هذا, وهي صورة اليهودي عدواً, تحولت الفكرة إلى قوة ناهية لكل فعل ينوي تعديل الصورة, تلك الصورة المرسومة في المخيلة سلفاَ :(مستغلون, محتكرون, منعزلون, عملاء, اعداء, صهاينة. إذن كيف السبيل والغاية إلى الخروج من هذه الاشكالية المفروضة, بالحق وانصاف التاريخ؟ أم مسايرة المفروض لما تم غرسه في نفوسنا؟ لأحد مكونات الشعب العراقي الذي عاش في بلاد الرافدين زهاء 2600 سنة حتى هجرتهم القسرية عام 1951م.

          المشكلة الأساسية ليست في حق العراق بامتلاك أرثه بصرف النظر عن الاعتبارات الدينية ، بل أن حق العراق في امتلاك هذا الارث هو حق أصيل تبعاً للظروف الموضوعية والتاريخية. ولكن علينا التذكّر فقط أننا نتحدث عن أرث تاريخي ، وثائق وآثار هامة للغاية للبحث العلمي والتاريخي وتكاد تكون كنزاً بالنسبة لمراكز البحوث ، والأكثر من هذا أن الدول قد تمتلك حصرياً أرثها التاريخي ، لكن تلك الملكية لا تؤهلها لإخفاء هذا الارث ومنع البشرية من الاطلاع عليه . قضية الأرشيف اليهودي بصرف النظر عن الجدل السياسي حوله يبدو اليوم أقرب إلى أن يوضع في أطار حلم ، لكل المهتمين بالارث الفكري الإنساني والباحثين فيه، تحت بند أن تراث البشرية هو تراث مشترك(1).

           ضمن امسيات اتحاد ادباء وكتاب بابل وبرنامجه الثقافي الثاني والأربعون. وكانت محاضرتي ليوم الخميس الماضي ٢١/٢/٢٠١٩ تحت عنوان (الارشيف اليهودي العراقي). وقد ادار الجلسة د. عبد الرضا عوض.

          بداية المحاضرة تطرقت عن تأريخ تواجد المكون اليهودي في العراقي منذ السبي الآشوري عام 859 ق.م ولغاية ترحيلهم القسري عن العراق عام 1951م. ومن ثم ما قامت به الحكومات المتعاقبة على اعتقال وتغيب واعدام ابناء المكون اليهودي, ثم التطرق عن طريقة العثور على الأرشيف اليهودي العراقي.

          في قبو داخل مقر جهاز المخابرات العراقية لحكومة العراق السابقة قبعت الوثائق والآثار والمخطوطات الهامة التي يتم توصيفها اليوم تحت مصطلح «الأرشيف اليهودي» لعشرات السنوات بعيداً عن الأعين وفي أجواء خزن لا تراعي المعايير الدولية , ما أدى إلى تلف العديد منها, حتى العام 2003م لم تكن القضية مثاراً للجدل، وكان بالإمكان أن تتعرض تلك الوثائق إلى الحرق أو التلف الكامل من دون أن يعرف العراقيون حتى أنها موجودة في ذلك القبو . وبناءً على معلومات سرية , ذكر أن العثور على وثائق وملفات الأرشيف اليهودي تمت من قبل الجيش الأميركي في السادس من أيار 2003م ، إذ قام 16 جندياً أمريكياً, وهم من ضمن فرقة البحث عن أسلحة الدمار الشامل ، حيث تم العثور على كمية من لفائف التوراة ، وكتب الصلاة والتقويمات العبرية العائدة لتأريخ حقبة من الزمن لتأريخ طائفة دينية عاشت قرابة 26 قرن من الزمن في بلاد الرافدين وهجّرَ لأسباب شتى من العراق حتى بقى منها النفر القليل الذي لا يتجاوز أصابع اليد . أن الدفين - الأرشيف اليهودي - وجدَ متعفن، وبعضه ذات قيمة وثمن حضاري وتأريخي ، والكثير منه لا يقدر بثمن وهناك 7002 من الكتب وعشرات الآلاف من الوثائق التي سرقت من يهود العراق(2).

          في المقابل، كشف سعد اسكندر ، مدير دار الوثائق العراقية :«أن الوثائق التي عثر عليها بعد سقوط النظام السابق عام 2003م كانت ثلاثة أنواع : وثائق أمنية، أرشيف حزب البعث، والأرشيف اليهودي ، إذ أنه مجموعة من الكتب الحجرية القديمة والكتب الحديثة ووثائق ومخطوطات يعود تأريخها إلى ما قبل 300 سنة أو أكثر , هذه الوثائق التي جاءت بعد تهجير يهود العراق وسلب ممتلكاتهم وإخراجهم من العراق ، و ترك ما تبقى من معابد ومدارس وبعض البيوت الكبيرة التابعة للطائفة , في عهد صدام حسين أراد نظامه إكمال عملية الإبادة فبدأ بالموروث الفني والثقافي اليهودي وهاجم المعابد والبيوتات واستولى على وثائقهم وكتبهم.

        

    [[article_title_text]]
    هناك اكثر من رواية لقصة العثور على الأرشيف اليهودي العراقي, ومن ثم الاستيلاء على موجوداته وسرقتها:-

    أولاً الرواية العراقية الرسمية يسردها مدير دار الكتب والوثائق العراقية سعد اسكندر بقوله : إن الأميركيين لم يعثروا على الأرشيف اليهودي كما يدعون, بل أن أحد كبار ضباط جهاز المخابرات العراقي السابق, تقرب من أحد رجال المعارضة (بعد عودتهم من العراق) وأخبره أنه كان مسؤولاً عن أرشيف مهم جداً يعود إلى النبي موسى, ويريد كشفه للقوات الأميركية بشرط الحصول على ضمانات أمنية. وبالفعل قامت الفرقة العسكرية المكلفة بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل (فرقة ألفا) وبعد تحديد موقع الأرشيف بمساعدة عراقية, صدرت أوامر وزير الدفاع الأميركي بجمع الأرشيف والتحفظ عليه(3).

         تذكر رئيسة هيئة الآثار والتراث العراقية د. أميرة عيدان : أن القوات الأميركية عثرت على حوالي (30) صندوقاً تحتوي مخطوطات باللغة العبرية في أحد أقبية دائرة المخابرات العراقية(4).

          أخرج الجيش الأميركي الأرشيف من قبو تحت الأرض ، بالاتفاق مع سلطة الائتلاف الأميركي المدني ، وتم الاتفاق مع مؤسسة نارا- الأرشيف الوطني الأميركي- التي تولت عملية الترميم , وينص الاتفاق مع المؤسسة على أن تكون وزارة الثقافة العراقية طرفاً معها ، بعد حل سلطة الائتلاف الأميركي»(5)

     ثانياً بعض الروايات تؤكد أن القوات الأمريكية عندما اجتاحت العراق , عثرت على سجن خفي في قبو في مديرية الاستخبارات العراقية , يضم 16 صندوقاً من الحديد والخشب , وقد نقل الأرشيف إلى مطار بغداد مقر القوات الأمريكية, كاشفاً أن أحد المترجمين العراقيين أبلغ عن وجود هذا الأرشيف لدى القوات الأمريكية في مطار بغداد , إلا أن أمريكا عام 2005م قامت بتوقيع مستندات مع العراق بأن تستعيد الأرشيف اليهودي.

    ثالثاً فقد نشرتها صحيفة الواشنطن بوست بقلم الكاتب لورين ماركو في 10 كانون الاول 2013 فتذكر انه : بناءً على معلومات سرية قام 16 جندياً اميركياً باقتحام الطابق السفلي من مقر المخابرات لنظام الرئيس السابق صدام حسين في بغداد في 16 آيار 2003 الذي غمرته المياه, حيث تم العثور على كمية من لفائف التوراة وكتب الصلاة والتقويمات العبرية.

    محتويات الأرشيف

          حاولت الجهات الرسمية العراقية التقليل من أهمية محتويات الأرشيف اليهودي العراقي. ذكر السفير العراقي في أمريكا لقمان فيلي «بأن الأرشيف العراقي في أمريكا ليس يهودياً بالكامل , إذ يضم وثائق تعود إلى منظمة التحرير الفلسطينية , إضافة إلى وثائق أمنية وأرشيف حزب البعث . كما أن معظم الكتب الدينية للأرشيف اليهودي كانت بالعبرية ومنها بالعربية, ومن ضمن محتويات الأرشيف اليهودي:

    1-   كمية من لفائف التوراة لمقاطع من سفر التكوين البالغ عددها 48 مكتوبه على جلد .

    2-   تقويمات باللغة العبرية .

    3-   7002 كتاب.

    4-   مجموعة من الخطب المطبوعة بشكل جميل من قبل حاخام في المانيا في عام 1692م.

    5-   عشرات الآلاف من الوثائق المدرسية تعود لأعوام العشرينات من القرن الماضي حتى منتصف السبعينات , والكتب المدرسية التربوية لمدارس الأليانس.

    6-   1700 تحفة نادرة توثق لعهد السبي البابلي الأول والثاني.

    7-   أقدم نسخة للتلمود البابلي تعود لعام 1793م .

    8-   أقدم نسخة للتوراة عمرها 200 سنة جلبت أصلاً من فينا عام 1568م.

    9-   مخطوطات تاريخية .

    10-                     سجلات شرعية تعود لعدة قرون التي تركتها الجالية اليهودية العراقية.

    11-                     كتب دينية وقصصاً تعود إلى القرن الثامن عشر والتاسع عشر.

    12-                     لفائف من التوراة برقع جلدية .

    13-                     أنجيلاً بلغة العبرية .

    14-                     وثيقة عبارة عن مذكرات مكتوبة يدوياً عام 1902م.

    15-                     كتاب صلوات عيد الفصح يعود لعام 1930م باللغتين العبرية والفرنسية.

    16-                     مجموعة من المواعظ لأحد رجال الدين طبعت في ألمانيا عام 1892م.

    17-                     كتاب التصوف عام 1815م.

    18-                     رسالة رسمية تعود إلى رئيس الحاخامات بشأن تخصيص الأغنام لرأس السنة.

    19-                     تقويم عربي وعبري لعام 1972/ 1973م.

    20-                     كتاب مقدس باللغة العبرية عمرة 400 سنة.

          يقول اليهودي العراقي الثري (أدوين شكر) المقيم في لندن, والذي غادر العراق عام 1971م وعثر على شهادته المدرسية ضمن المعروضات في واشنطن : يحتوي الأرشيف على عشرات الآلاف من الوثائق, وما يقرب من (2700 كتاب) تم عرض (24) قطعة منها فقط في المعرض, ومن بين هذه القطع شهادتي المدرسية.. ويحتوي الأرشيف كذلك على المستندات التي تم العثور عليها داخل مدرسة (فرنك عيني) اليهودية في بغداد, التي تم إغلاقها عام 1972م وتحويلها إلى المدرسة النظامية التابعة إلى وزارة التربية. كذلك يوجد ضمن الأرشيف وثائق زواج وكتب ومراسلات بين أبناء الطائفة اليهودية العراقية وجهات في دول العالم, إلى جانب نسخ من كتب دينية وتاريخية يرجع تاريخية إلى ما يزيد عن (400) سنة(6).

        من جهته يذكر النائب الإسرائيلي العمالي (موردخاي بن فورات) وهو أحد المنحدرين من يهود العراق الذي يعمل باحثاً في مركز (إرث يهود بابل) الواقع قرب تل أبيب: إن إسرائيل اشترت مجموعة من المخطوطات الأثرية الثمينة من عناصر ميليشيا رافقت القوات الأميركية لدى دخولها إلى العراق عام 2003. ويضيف : إننا تمكنا من الحصول على تعليق نادر لسفر أيوب نشر سنة 1487م وقسم من كتب الأنبياء المنشورة في البندقية سنة 1617م من مخازن حصينة لأجهزة الأمن العراقية في عهد صدام حسين(7).

    صيانة وترميم الأرشيف

          بعد نقل القوات الأمريكية الأرشيف للصيانة إلى إدارة الأرشيف الأمريكي للوثائق في ميراند تكساس كلية بارك , للتأكد من سلامة الأرشيف العراقي اليهودي , بعد أن تعرض للرطوبة والحرارة أثناء الخزن , والاطلاع على عمليات حفظه وصيانته التي تم باستخدام التقنيات والأساليب الحديثة , في هذا المجال وترقيم صفحاته بشكل الكتروني , وأعداد عرض صوري وفديوي يوثق عمليات نقل الأرشيف وصيانته وإنقاذه من التلف, كما أن مكونات الأرشيف نحو 18% تنطوي على أهمية تاريخية فعلاً , في وقت يتوقع اكتمال صيانته منتصف عام 2014م ليجري تسليمه إلى الحكومة العراقية بحسب الاتفاق بين الجانبين.

          لكن مشروع الترميم كان متعثراً حسب تصريحات الحكومة الأمريكية, أثر ازدياد العنف وسفك الدماء في بغداد عام 2006م , إلا أن عودة الاستقرار بعد عام 2007م تقريباً إلى العراق تحول مبلغ ثلاث ملايين دولار في عام 2011م وهو الدعم الاقتصادي للعراق لدعم إعادة العمل وللترميم بالشكل الجيد وفق أساليب علمية رصينة , ومن المتوقع أن يصل اثنان من خبراء العراق للاطلاع على مجريات العمل في مجموعة الملف التي تم العثور عليها.

          في كلية بارك في تكساس في قسم الأرشيف , إذ يعمل عدد من الخبراء بشكل متواصل بأجهزة وأدوات مختلفة للتنظيف وترقيم الوثائق والأوراق المهمة وتغليفها, كما يعمل عدد من التقنيون لامتصاص الرطوبة من تلك الأوراق, وخاصة كتب الصلوات وإصلاح ما تلفتها الحشرات عبر الأعوام , كما أن البعض يتم تنظيفها تماماً وقد يتم تجليدها ثانية, بعد إنجاز الإصلاح والترميم سيتم عرض الأرشيف على الشبكات الفضائية مع تنظيم معرض له بعنوان اكتشاف واستعادة المحافظة على التراث اليهودي العراقي(8).

           أن الأرشيف يتضمن مجموعة من الوثائق المهمة التي تؤكد تاريخ الحضارة البابلية وتأريخ اليهود ويحكي قصة اليهود ، وهنالك صيحات كثيرة ليس فقط من الحكومة العراقية ولكن من المواطنين أيضاً لاستعادة الأرشيف اليهود بعودته إلى موطنه الأصلي حضارة بلاد الرافدين , أن المرحلة المقبلة ستشهد تحسناً في قضية استعادة الأرشيف اليهودي ولكن لا يمكن أن نحدد متى يعود إلى موطنه الأصلي(9).

    مراسيم دفن الأجزاء التالفة من الأرشيف

           أبدى متحف الأرشيف الأميركي موافقته على نقل جزء من الأرشيف اليهودي العراقي إلى بغداد فيما تم دفن الأجزاء التالفة منه في مقبرة لليهود العراقيين في نيويورك ، بينما تستعد لجنة حكومية لمتابعة هذا الملف مع المسؤولين الأميركيين(10) , من خلال ما تم من أجراء مراسيم دينية خاصة لدفن الأجزاء المتضررة من الأرشيف يعكس صورة العراق الجديد ، كانت مراسيم الدفن لأجزاء وصفحات تالفة من التوراة التي هي جزء من محتويات الأرشيف اليهودي الذي نقل لترميمه في واشنطن وذلك في مقبرة (نيو مومنتيفور) التابعة للجالية اليهودية في ضواحي مدينة نيويورك ، بحضور السفير العراقي في واشنطن ، لقمان فيلي ، بحسب ما نقلت صحيفة تايمز أوف انديا THE TIMES OF INDIA ، أنه وفقاً للقانون والعرف اليهودي ، فإن أسلوب الدفن هذا يستخدم للأشياء التي تحمل طابعاً مقدساً وتتعرض للتلف ولم تعد مناسبة للاستخدام والتداول . وقال رئيس منظمة الجالية اليهودية في العراق ، موريس شوحيت، بحسب الصحيفة أوف انديا ، إن «الصندوق الذي وضع في القبر يحتوي على الأجزاء والصفحات التالفة من التوراة التي علاها التعفن والتفسخ ، كما أن أكثر من 120 شخصاً حضروا مراسيم الدفن» . وبينت الصحيفة أن «الأرشيف الوطني في واشنطن ، كان قد نظم معرضاً لبعض العينات من محتويات الأرشيف اليهودي بعد ترميمها لفسح المجال أمام الزوار من الجالية اليهودية والآخرين ، إلقاء نظرة على إرث اليهود الذين عاشوا في العراق منذ مئات السنين ، ومقتنياتهم القديمة والنادرة»(11).

    رأي بعض العراقيين حول عودة الأرشيف

          هناك عدة تساؤلات حول الأرشيف , منها من يقول : العجيب أن يكثر الحديث اليوم عن إرسال الأرشيف اليهودي إلى وزارة الآثار العراقية في بغداد على الرغم من أنه من غير الواضح أين سيتم حفظه أو عرضه؟ والسؤال الكبير حول الأرشيف الذي يطرحه يهود العراق اليوم هو كيف يمكن إرجاعه إلى العراق دون ضمانات حقيقية لحفظه وصيانته وإمكانية الاستفادة منه خصوصا وادعاء الحكومة أنها تمتلك أضعافه في العراق؟ فلماذا لا يمكنها حفظ وصيانة الموجود فعلاً عندها لتضعه في المتاحف بصيانة واهتمام ويتم عرضه في المتحف وإمكانية الاستفادة منه؟.

           لذلك كله كتب بعضهم رسالة موجهة إلى مسؤولين في الإدارة الأمريكية ووقّعها الكثير من الحضور من اليهود العراقيين يطالبونهم بالحفاظ على أرشيفهم وعدم تسليمه إلى بغداد كحق طبيعي من حقوقهم بعد كل تلك المحن والمآسي والتهجير والمعاناة, فضلاً عن السعي الحثيث لاسترجاع الحقوق المغتصبة لتأريخ أبناء الديانة اليهودية , وإن تأريخاً عظيماً عمره ثلاثة آلاف عام لا يمكن أن تمحيه خمسين عاماً من المعاناة والمحنة والتهجير وسيبقى خالداً يدونه التاريخ بحروف من ذهب كما يتذكره الطيبون من مختلف الأديان والمذاهب الذين تعايشوا وتحاببوا وتزاوجوا بمودة ووئام وانسجام وسلام(12).

          يتساءل الصحفي نبيل الحيدري في مقال على موقع إيلاف إن «السؤال الحقيقي هو أين حقوق يهود العراق اليوم ؟ فإذا أقرّت الحكومة بتأريخهم العظيم, فعليهم بإرجاع جنسياتهم أولاً كما طالبت في مؤتمر الأديان في السليمانية العام الماضي , وكذلك طالبتُ إعطائهم مقاعد برلمانية أسوة بغيرهم من الأديان والمذاهب لإرجاع جميع ممتلكاتهم وأموالهم التي سلبت ظلماً وعدواناً ,وتعويضهم عن الخسائر الفادحة التي ألمّت بهم , فكيف يجوز إرجاع الأرشيف بدون أهله وأصحابه الحقيقيين , وهذا غير مقبول , فمثلا الشهادة المدرسية ترجع إلى صاحبها الحقيقي وكذلك الوثائق الأخرى . والسؤال الكبير حول الأرشيف الذى يطرحه يهود العراق اليوم هو كيف يمكن إرجاعه إلى العراق دون ضمانات حقيقية لحفظه وصيانته وإمكانية الاستفادة منه خصوصاً , وادعاء الحكومة أنها تمتلك أضعافه في العراق ، فلماذا لا يمكنها حفظ وصيانة الموجود فعلاً عندها لتضعه في المتاحف بصيانة واهتمام ويتم عرضه في المتحف وإمكانية الاستفادة منه . لذلك كله كتب بعضهم رسالة موجهة إلى مسؤولين في الإدارة الأمريكية ووقّعها الكثير من الحضور من اليهود العراقيين يطالبونهم بالحفاظ على أرشيفهم وعدم تسليمه إلى بغداد كحق طبيعي من حقوقهم بعد كل تلك المحن والمآسي والتهجير والمعاناة , فضلاً عن السعي الحثيث لاسترجاع الحقوق المغتصبة لتاريخ ناصع يتجاوز المسلمين والمسيحيين في ثلاثة آلاف عام باهر خالد(13).

          أما رأي الأستاذ سمير عزت معلم , الذي أرسل في رسالة على النت قال : رأي في الموضوع هو على أساس :

    ٠١  مصدر المعروضات: اغلب المعروضات صودرت من بيوت وكنائس يهودية عند قيام سلطات الأمن/الاستخبارات بمداهمة البيوت والكنائس.

     ٠٢ الأهمية الدينية: لا أهمية  لصندوق خشبي بداخله مجلة جلدية ملفوفة وعليها مخطوطات التعاليم الدينية بالعبرية لمن لا يقرأ العبرية.

    ٠٣  انتقاص فئة: أن كانت الغاية من الإعادة عرض المفردات على أبناء الشعب العراقي فلن يتم ذلك تماما ما لم تسنح الفرصة أمام اليهود العراقيين من زيارة العراق والمعرض.

          لذلك اعتقد انه من المرجح ترك المعروضات لمن سهر وحرص على استعمال جميع طرق التكنولوجية في استنساخ وإنقاذ ملفات تلفت في مياه السراديب وتوضع الآن تحت أنظار الجميع دون تفرقة.

          أما رأي الأستاذ حسقيل عزرا جميل , في رسالة على النت قال : عزيزي نبيل اعتقد الأحسن أن يكون الارشيف اليهودي لدى دوله محايدة للحفاظ عليه وهذا أوسط الأمرين.

          أما السيدة ثريا كانوا بطرس فقد علقت على الموضوع وقالت: أفضل حل باعتقادي هو وضعه أمانة لدى اليونسكو، لحين استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية ووجود حكومة عراقية تهتم بتراث العراق كله على أساس أنهُ تراث وطني وليس على أساس نظرة إيديولوجية

          أما الدكتور خضر البصون , فكان لهُ رأي مخالف إذ قال : اعتقد أني معارض لفكرة إرجاع الارشيف إلى العراق . طبعاً المكان اللائق له في متحف يهود العراق حيث يعيش معظم يهود العراق , ولكن إذا كان هذا علقم مرّ , فمن الطبيعي أن نفضل أن يبقى في دولة «محايدة» ربما انكلترا حيث أسهل السفر إليها.

          كما علق الدكتور فلاح حاج حول الارشيف وقال : الارشيف ثروة تاريخية ينبغي الحفاظ عليها ، على الأقل للاستفادة منه في مجال التوثيق . هذه كنوز ثمينة بغض النظر عن موقفنا من دولة إسرائيل . ربما يكون من المناسب الاحتفاظ بهِ في دولة محايدة مؤقتا بسبب الأوضاع الأمنية غير الطبيعية.

    وفي نهاية الأمسية كانت هناك مداخلات بشار عليوي, سعد الشلاه, د. نصير الحسيني, الباحث أحمد الناجي, د. عبد الرضا عوض) وكانت هناك عدة تساؤلات حول الأرشيف , منها من يقول : العجيب أن يكثر الحديث اليوم عن إرسال الأرشيف اليهودي إلى وزارة الآثار العراقية في بغداد على الرغم من أنه من غير الواضح أين سيتم حفظه أو عرضه؟ والسؤال الكبير حول الأرشيف هو كيف يمكن إرجاعه إلى العراق دون ضمانات حقيقية لحفظه وصيانته وإمكانية الاستفادة منه خصوصا وادعاء الحكومة أنها تمتلك أضعافه في العراق؟ فلماذا لا يمكنها حفظ وصيانة الموجود فعلاً عندها لتضعه في المتاحف بصيانة واهتمام ويتم عرضه في المتحف وإمكانية الاستفادة منه؟.

         أما من ناحية المخاوف على الأرشيف من قبل الحضور فهي عديدة منها مثلا : أين وكيف سيحافظ على الأرشيف؟ هل سيبقى كأرشيف كامل؟ هل سيكون مصير الأرشيف مثل ما حصل ولا يزال يحصل بالآثار في العراق؟ كيف يمكن الاطلاع عليه وعلى محتوياته إذا عاد إلى مكان غير آمن؟ وقد كانت حصيلة الحوار أن يبقى الأرشيف في دولة محايدة للحفاظ عليه دون عودته إلى العراق.

     

    المصادر

    1-    مصطفى الكاظمي - الحرة عراق - عن الأرشيف اليهودي .. وحلول تضمن الحقوق-10-2-2014.

    2-    الواشنطن بوست تروي قصة سرقة الأرشيف اليهودي العراقي 11/12/2013. http://l-news.net/index.php/policy/36438.html

    3-    جريدة العرب بتاريخ 5/10/2009. حوار مع مدير عام دار الكتب والوثائق العراقية د. سعد اسكندر.

    4-      تصريح أوردته وسائل الإعلام العراقية في 5/1/2009.

    5-      صحيفة الصباح الجديد - سها الشيخلي في 3/18/2014.

    6-    صحيفة العرب. العدد 9435 بتاريخ 11/1/2014 . حوار مع اليهودي العراقي أدون شكر..

    7-      صحيفة العرب العدد 9436 في 11/1/2014.

    8-    صحيفة الصباح -الأرشيف اليهودي العراقي.. في طريق العودة – في8-9-2014 http://www.alsabaah.iq/ArticleShow.aspx?ID=77399

    9-      العراق تايمز – الأرشيف اليهودي في طريقه إلى بغداد -http://sumria.blogspot.com/2013/04/blog-post_6.html

    10-                        العراق تايمز- الأرشيف اليهودي في طريقه إلى بغداد- http://sumria.blogspot.com/2013/04/blog-post_6.html

    11-                        المدى برس/ بغداد -17-12-2013 تحت عنوان (مراسم دفن أجزاء تالفة من الأرشيف اليهودي في نيويورك).

    12-                        نبيل الحيدري - الأرشيف اليهودي العراقي تاريخ حافل بالأمجاد –إيلاف - في 20-ديسمبر – 2013.

    13-                        موقع إيلاف – نبيل الحيدري - الأرشيف اليهودي العراقي تاريخ حافل بالأمجاد-20 ديسمبر 2013- See more at: http://www.elaph.com/Web/opinion/2013/12/858745.html#sthash.HRwqvA02.dpuf

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media