تَعَلَّموا السباحة... وكَثِّروا الزاد
    السبت 16 مارس / أذار 2019 - 07:27
    أبو تراب كرار العاملي
    الشمس ساطعة، بل وتزداد سطوعاً وتزيد حِدَّة أشعتها مع توالي الأيام.

    القمر في قمة إنارته، إلا أن للقمة ميزة خاصة في هذا السياق، وهي أنها لا تعرف النهاية المعهودة كما في نظيراتها المادية على رؤوس الجبال الشاهقة والأقل شهاقةً، وإنما تزداد ارتفاعاً وعُلُوّاً غير آبهة للصواعق التي تحاول تعكير صَفْوَ ارتفاعها، فتعود الصواعق منتكسةً تجر أذيال الخيبة والهوان.

    كواكب لمّاعة، لمعانها يضيء دروب المستوحشين في الظُّلَم، ويَعْمر فضاءات الأحرار فَيُحَلِّق بعيداً في سماءات المجد لِيُسقي الشرفاء من معين نجومه البرّاقة ويعطي دروساً لأهل الحنق والغيظ الغارقين في بُؤر الخنوع والاستسلام.

    لسنا في صدد التوصيف المادي للمظاهر الكونية الخارجية، وإنما نحوم في توصيف تشبيهي معنوي لحال ثلة من شرفاء هذا العالم، باتت بركاتهم تتعدى الميدان المحلي ـ على أهميته لوحده ـ لتشمل إقليماً أخويّاً تربطه بها علاقة دينية، قومية وإنسانية.

    الأعداء يتوجسون خيفةً، على صغر حجمها المادي إلا أن عطاءات هذه المجموعة المباركة تتعاظم وتزداد رسوخاً وتألقاً لتكتب في صفحات التاريخ ملاحم بطولية، فتواكب الأجيالُ هذا السير المبارك وتلتحق بهذا الموكب النوراني.

    مقاومة إسلامية شريفة، سيّدٌ وأمينٌ على الأرواح والعيال والأوطان، وحزبٌ بات يشكل كلمة الفصل. نعم، أهلاً بك في بلاد الأرز... أهلاً بك في بقاع جبل عامل.

    ما صدر عن البرلمان البريطاني فيما يتعلق بتصنيف الحزب ـ بجناحَيْه العسكري والسياسي ـ "منظمة إرهابية"، يُشَكِّل وسام شرف إضافي على قائمة الخصال العزيزة التي يتمتع بها هذا الحزب الرائع.

    قرارهم المذكور آنفاً يُقَبِّح مسيرتهم ويزيد مسيرتنا بهاءً وشموخاً. وعليه، لا بأس أن نقترح على المعنيين البريطانيين بأن يحاولوا استصدار قرارٍ جديدٍ مصحوباً باعتذار عطفاً واستطراداً على قرارهم المشؤوم:

    أما القرار الجديد، فيتمثل بالإعلان عن وضع "القرار المشؤوم" في خرقة بالية ورَمْي الأخيرة في سلة المهملات.

    بينما الاعتذار، فيتجسد بتوزيع رسالة في صحفهم المحلية ـ ونظيراتها العالمية ـ تحتوي اعتذاراً من "الخرقة البالية" و"سلة المهملات" في حال جعلوهما في موضع احتكاك مع قرارهم الرذيل الذي يُشكل نقطة سوداء على جبينهم، وفي حال قرروا تلطيخهما به مع براءتهما منه.

    في كلمة سماحة الأمين العام (حفظه الله وأدام ظله الشريف) خلال الاحتفال بالذكرى الثلاثين لتأسيس "هيئة دعم المقاومة الإسلامية”، ورد ـ ما معناه ـ "عندما كنا نقاتل في حرب تموز كان البعض يقف (هَيْ بالأدبيات السياسية موجودة) كان البعض يقف عند حافة النهر ينتظر جثتنا وخابت آمالهم وانتصرنا. عندما ذهبنا إلى سوريا في كجزء من مواجهة الحرب الكونية أيضاً وقف البعض، البعض في العالم والبعض في الإقليم وللأسف البعض في لبنان، وقف عند حافة النهر ينتظر جثتنا وهزيمتنا وانتصرنا وكنا جزءاً من الانتصار الكبير في سوريا. أنا أقول لكم ولكل للمحبين والمخلصين والصادقين وأقول أيضاً لأولئك الذين يقفون على حافة النهر ينتظرون جثتنا التي يفترضون أنها ستنهار من انعدام المال والفقر والجوع ستخيبون أيضاً، وهذه المقاومة ليس فقط لن تضعف ولن تهن بل ستزداد قوة وعدداً وعُدَّةً ووجوداً وحضوراً وعزماً وتأثيراً وفعلاً وصُنعاً للمزيد من الانتصارات في هذه المنطقة".

    وعليه، لا بأس ـ مرة أخرى ـ أن نضيف على كلام صاحب السماحة توجٌهاً إضافيّاً لأولئك المنتظرين، بالقول لهم: إذا أردتم الانتظار على حافة النهر، فمن المتوقع أن يطول انتظاركم، بل وأن لا يعرف إلى النهاية سبيلا.

    وبالتالي، من الأفضل أن تعدلوا النية وتتشرفوا بالانضمام إلى قافلة مناصري الحزب ومؤيديه وتصبحوا عباداً صالحين مؤمنين. وحينها، يمكنكم الاستفادة من تواجدكم على حافة النهر من خلال الامتثال لمضمون ما (ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "علِّموا أولادكم السباحة والرماية"). وتالياً، اتخاذ النهر ميداناً للسباحة، والتمرس على الرماية تمهيداً للالتحاق بسوح الجهاد في سبيل الله إذا لزم الأمر.

    أما إذا أصررتم على البقاء على الضفة الأخرى، المشؤومة الخذولة، والتي تنصب العداء للمؤمنين وعباد الله الصالحين، فحينها عليكم بالسباحة كي لا تملّوا الانتظار عند النهر، وبالرماية كي ترموا سهام الخيبة على مشاريعكم المسحوقة المكللة بالفشل والانكسار... ولا تنسوا أيضاً أن تحضروا زاداً من المأكل والمشرب وغيرهما تماشياً مع اتتظاركم طويل الأمد... وما على الرسول إلا البلاغ.

    [وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ].

    أبو تراب كرار العاملي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media