بيان بمناسبة يوم الجمعة الدامي
    السبت 16 مارس / أذار 2019 - 16:13
    آية الله الشيخ إياد الركابي
    بسمه تعالى
    إنه  ليوم  حزين  أوهننا وأوهانا   وأدمى قلوبنا  جميعاً   ،   ذلك الذي حصل  يوم الجمعة  في  نيوزيلاندا ،  وتلك  المجزرة التي راح  ضحيتها   49  فرداً  ومثلهم  من الجرحى والمصابين  ،  في هجوم غادر  وجبان  دل  على حقد متراكم  صنعه إعلام وإعلام مضاد  ،  وأنني في هذه المناسبة  إذ أعزي  جميع  عوائل الضحايا   ،  أدعوا الله مخلصاً  أن يهب للجميع الأمن والإستقرار  وراحة الضمير  .
    لقد شهدت السنوات الماضية نزوعاً  غير مألوفا  نحو العنف والكراهية  ،  مما  أدى إلى موجات  من  القتل والقتل المُضاد  ،  تحت شعارات وأفكار هدامة  يروج لها إعلام مزيف  ورجال  ظل سيئيين   ،  وكنا على الدوام ننبه  من خطورة ذلك    ،  ونلفت الإنتباه  إلى ضرورة  إعتماد الخطاب الإنساني  الجامع ،  والإبتعاد عن تلك  المؤثرات   والتفسيرات التاريخية  الخاطئة  ،   والتي ولدت الضغينة والحقد  والكراهية  ومنها  نمى  التطرف والإرهاب  وكبر  ،  واليوم  إذ   نعيد التأكيد من جديد  على نبذ هذا التراشق  وهذه الفئوية   ،  حول الأحقيات وحول الزيف التاريخي ،  فالناس صنفان  أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ،  تلك هي الحقيقة  التي يجب التركيز عليها في بناء المستقبل  ،  ولا يظنن أحد بأنه قادر على تطهير الأرض من الأخر فتلك هي خدعة الجهلة والمُضلليين والواهمين ،  والدين ليس تلك المحطة  ولا تلك المطية  التي يتوافد منها أعداء الإنسانية ولا يجب أن يكون كذلك  .
    ونحن  إذ  ننعى الضحايا  نند بأشد العبارات  هذا التوجه من قبل البعض ،  نحو التدافع السلبي  وإعتماد خطاب الكراهية والعنصرية البغيض  ،  فلإرهاب شكلاً ومضموناً  إن ساد فلن يكون هناك أحد  من ناجي  أو في مأمن   منه  ،  وإني إذ أبتهل إلى الله  الرحمة للقتلى  والصبر لذويهم  ،  أدعوا مخلصاً  لكي يحمي  الله  العباد في محال عبادتهم  مؤمنيين ومسيحيين ويهود وغير ذلك   .
    ودعونا نصلي جميعاً  لله الواحد الأحد   ،  أن يطهر قلوب الشباب والشابات الرجال والنساء  ، من هذا الداء العضال  الذي يظهر  على نحو  العداء للسامية   وللمسيحية   تارة  وللإسلام  طوراً أخر  ،  مدفوعين بظنون وأفكار غذتها  كتب من هنا وهناك تعزز هذا النزوع  وهذه الكراهية المضطردة   ، وفي هذا المجال دعونا نعود للتذكير بهويتنا الإنسانية الغالبة ، فهي الملاذ  حين تدلهم العظائم وتزداد المخاطر ،  وفي سبيل هذا أدعوا إلى هذا الحوار الإنساني  المفتوح  بعيداً عن هذه النتواءات والأفكار المسبقة والخاطئة  ،  فجميعنا شركاء في المأسآة والألم  وجميعنا نتحمل نصيباً من هذه الموجات من الغلوى والتطرف والمقت  .
    وإنني  في هذه المناسبة   أقدم  أحر التعازي  لجميع المؤمنيين  والمسلمين  من يهود ونصارى  وأقدم  خالص مواساتي لذوي الضحايا ، ولشعب نيوزيلاندا  ولحكومتها ،  على أمل ورجاء أن تتحقق العدالة وينتصر الإنسان ، في مجتمع مدني يحترم الكل ويحمي الجميع   ،  فنحن جميعاً  أبناء أسرة إنسانية واحدة  ،  حمى الله الجميع ودفع عنهم كل مكروه وغيظ ..
    (   وإنا لله  وإنا إليه راجعوان  )

    آية الله الشيخ إياد الركابي
    9  رجب 1440 هجرية
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media