الاستفتاء الشعبي وحده سيضع الامور في نصابها ...ضد هذا الغزو الايراني للعراق!!
    الأثنين 18 مارس / أذار 2019 - 05:50
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية
    أنا عراقي وطني ... و ليذهب الى الجحيم كل من لا يريد ان يصدق ذلك....وما اكتبه من مقالات فتعبيرعن رأي الشخصي لا غير .

    كتبت ثلاثة روايات عراقية بالانكليزية نشرت منها اثنتين ، فقرأ العالم شيئا عن وطني العراقي وما يدور به أليوم من هيمنة الانجاس والقتلة واللصوص . وذكرت للعالم أن الوطن لا يزال الى الان ، لم يبادر من اجله ايا ممن يدعون الشرف والرجولة ومخافة الله تعالى، لوضع الحق في نصابه .

    الحب والكراهية غرائز تخلقهما مواقف الحياة عندما تفرضهما عوامل قد تسعد او تقهرالانسان. هذه العوامل القاهرة التي نعيشها هذه الايام ، هي نتيجة لتوفر القدرة لدى بعض الاحزاب والكتل المتطرفة على اضطهاد العراقيين بوسائل لا تعد ولا تحصى وهي الاكثر فتكا ، فهي تتجاهل أراء ووجود اكثر من خمسة وثلاثين مليون عراقي ممن هم وحدهم فقط قادرون اليوم على تقرير المصير العراقي. فليس البرلمان الشكلي ولا السلطة القضائية "الخجولة" والمترددة والتي تحاول التهرب من مسؤولياتها امام شعب ينام أرقا. فجميع الكتل السياسية عربية كانت ام كردية "شيعية وسنية " قد فقدت مصداقيتها وخانت الامانة ورضيت وسكتت عن انتخابات مزورة تمت بعد حرق نتائجها ، وتم فرض كل ذلك رغما عن كل انوف العراقيين . فالعراقيون يعيشون اليوم في اضطهاد قد يصل الى مستوى اضطهاد صدام نفسه لهم في السابق. فلنتصور ماذا يفعل هؤلاء ممن وضعوا مصير العراق بايدي الايرانيين ، وماذا يمكن أن يفعلوا في المستقبل  بهذا البلد العزيزنتيجة مصالحهم واستهتارهم السياسي ؟؟!!

    أن هذه الاحزاب  والكتل العراقية التي تفرض ارادتها على الملايين العراقية ، قد توهمت ان الاكثرية الشعية تساندهم ، أو انها راضية عن مواقفهم المنحازة ضد العراق من اجل ايران أو  ومحاولات زجهم العراق في مصير مجهول. انهم اليوم يقومون بالتخطيط من اجل احلال نوعا من "تمازج وحدوي" عراقي – ايراني رغما عن الاكثرية العراقية التي ترفض ذلك رفضا قاطعامن أجل ان يصبح العراق وايران تحت مصير واحد . ورغما عن عدم رغبة الجميع نجدهم مستغلين في ذلك مبررات لايجاد دعما مطلقا عراقيا من اجل ايران ضد الولايات المتحدة واسرائيل ، لاشعال حرب تدميرية كبرى يكون العراق والعراقيين فيها "فدية" من اجل الدفاع عن ايران المتورطة وحدها بهذا الخراب القادم المرتقب. 
      
    هذه الاحزاب والكتل السياسية لا تريد ان تقتنع انها معركة ايران وحدها ، وان العراق قد شبع حد التخمة من الموت والقتل والاعدامات والحروب وغصة مقابره بالشباب والشيوخ معا. بل يطيب لها أن تجعل من مشاكل ايران الكبرى الخطرة والمدمرة مع الولايات المتحدة ، تجعلها للعراقيين ايضا ، وخصوصا اؤلئك المستميتون للدفاع عن ايران بشكل اعظم بكثيرمما يفتدون وطنهم العراقي . اليس هذا نوعا من ارهاب مسلط على العراقيين؟ أليس في ذلك انسلاخا من كل القيم التي تجعل من المواطنة امرا مقدسا؟ فهناك أيضا من يعتقد أن في عملية "اتحاد نفط العراق وايران" سوف يجعل كلا من البلدين يعومان في خيرات اسطورية ، وأنه بسبب "أن كلا النظامين ذو قواعد شعبية رصينة تصعب على أمريكا و"حلفائها" زعزعتهما،" فهؤلاء الناس واهمون ويلعبون في النار، وهم يتحملون وزر الدمار القادم .

    شخصيا ، ليس لي ثقة بايران ولا بحكامها ، لا في الماضي ولا في الحاضر ، فهم سياسيون أنانيون يحبون وطنهم ، ويلجأون الى اي انجاه يجلب لهم شركاء يدافعون عن معركتهم القادمة.  ومع ان جميع السياسيين انانيون في هذا الزمان ، فهذا يعني فقط أنهم أيضا لا عهد له ولا ذمم . والسياسيون الايرانيون "برغماتيون" وليسوا عقائديون دينيون كما يعتقدهم البعض بل هم سياسيون محترفون. فهل يمكن لمؤمن فعلا ، أن يسمح لنفسه ان يكون وليا لله تعالى على أرضه بدون أن يكون رسولا او نبيا ووفق مشيئة الله تعالى ؟ والله سبحانه يقول "خلق الانسان ضعيفا" ؟ أي ان الضعف الانساني ربما سيقود الى المتاهات لولا رحمة الخالق تعالى وحده؟ اننا هنا لا نناقش مسألة ايمان أحد، ولكننا نعتقد أن هؤلاء لا يصلحون بشكل كبير سوى لأوطانهم وشعوبهم الايرانية فقط ولكن ، ليس للعراق وللعراقيين . 

    لقد عشنا تجربة "الثقة" بايران من قبل على الرغم من ان التجربة كانت من قبل النظام الغاشم لصدام. ولكن تلك الثقة فشلت وقامت بتأشير معاني كبيرة لشعبنا. فمهما كانت الاسباب والنتائج ، فقد برهنت الحكومة الايرانية على انهم لا عهد لهم ولا ذمم. حيث لم تفلح المصالحات بينهم وبين العراقيين بعد تلك الحرب الطويلة بين البلدين ، بسبب ان ايران لا تنسى اعدائها ، وخصوصا ان هزيمتها في تلك الحرب المريرة للطرفين، كانت قاسية.  وألادهى من ذلك ، أن الحكومات الايرانية ينظرون الى العراق والعراقيين نظرة استصغار وعدم ثقة وغيرة وحسد من خلال القدرات العراقية الخلاقة. 

    وتجربة الطاغية صدام مع ايران عندما قام بايداع الطائرات العراقية لدى ايران قبل الحرب مع الولايات المتحدة ، هي خير دليل على ان طهران لا عهد لها ولا ذمة. فعندما قام صدام بأرسال الطائرات العراقية الى ايران لحمايتها من الولايات المتحدة، لم يتم استرجاعها من ايران الى العراق هذه اللحظة !! واتحدى الحكومة العراقية والايرانية ان كانت هذه الاحزاب والكتل المتفانية من اجل ايران اليوم ، أن تكون قادرة على استعادة ملكية العراق لطائراته تلك. 

    وبصدد هذا الموضوع ، فان لي موقفا وطنيا في مدينة تكريت ربما لم ينساه أهلها أبدا . لقد كاد ذاك الموقف الذي لا أزال اعتز وافتخر به ، كاد ان يقضي على حياتي . فلا أحد يستطيع تحدي نظام صدام انذاك . لكني ، وفي مدينته تكريت مسقط رأسه تحديت النظام على الرغم اني كنت هناك وحيدا ومغضوبا عليه. كنت حينها استاذا في جامعة تكريت ، ووقفت ذلك الموقف امام حشد هائل في فندق تكريت السياحي حيث كانت أحدى المناسبات الوطنية قد تزامنت بعد فترة قصيرة جدا من ارسال الطائرات العراقية كأمانة لدى  ايران. واني هنا واثق من ان الشرفاء في تكريت يتذكرون موقفي ذاك امام الحشد التكريتي والذي حضره انذاك أعضاء مجلس قيادة الثورة والحكومة والحزب وتكريت برمتها، ما عدا صدام فقط لم يكن حاضرا فيه. 

    فبعد ان تم القاء الكلمات في المناسبة ، اراد عريف الحفل زميلنا الدكتور صباح الاستاذ في كلية التربية للبنات، اراد ان يسمع من الحضور بعضا من الملاحظات والاراء. وبعد ان تحدث بعض الحاضرين قبلي، رفعت يدي فسمح لي الدكتور صباح بالحديث. 

    نهضت وقلت ما أتذكره الان :
    (ايها الاخوة الحضور السلام عليكم:  الجميع يعلم أن الحرب العراقية الايرانية امتدت لثمان سنوات طاحنة كان الشهداء العراقيون فيها حوالي المليون عراقي. كان هؤلاء خيرة رجال العراق واكثرهم شجاعة وبأسا في الدفاع عن التراب العراقي ، هؤلاء العراقيون كان من بينهم اخوتنا واقرباؤنا وعشائرنا واصدقاؤنا ، ولا تزال دماؤهم الطاهرة ندية ولم تجف بعد. هذه الحرب المريرة التي دمرت العراق والعراقيين وتركت لنا ارثا كبيرا من الشهداء والارامل والايتام والمعاقين مع اجهاز تام على الاقتصاد العراقي والبنية التحتية للمجتمع ، هذه الدماء لم تجف بعد، وسوف لن تجف أبدا كما نتوقعها . ومن اجل كل ذلك ، أني اطالب  المسؤولين في الدولة والحزب المتواجدون في هذا الحشد الكبير ان يتفضلوا علينا بتفسير ما هي الدوافع والاسباب التي من اجلها تغيرت القناعات بالثقة بالعدو الايراني الى الدرجة ان العراق منح ثقته لايران هكذا وأتمنها على طائراتنا العراقية ؟ الرجاء اطالب الجميع أن تتكرموا علينا لكي نتعرف على تلك الاسباب ومضامينها ومبريراتها لتلك الثقة؟ فما الذي جعلنا نأتمن عدونا الايراني بالامس ليصبح من اكثر الثقاة والمؤتمنين لعراق لا يزال يأن ومضرج بدماءه ، حتى يرسل الطائرات العراقية لحمايتها هناك؟ ايها المسؤولون الكرام ، أطالبكم بالرد على تساؤلات شعبنا وكيف تولدت هذه الثقة بهم)...؟

    ساد صمت مخيف في القاعة. وكان صمتا مرعبا طويلا امتد لوقت اكثر مما ينبغي. صمتا وضع امام عيني نهايتي المحزنة قريبا. ولكن ، فجأة ، شق الصمت صرخة امرأة كانت تجلس على بعد امتار من مكان جلوسي :
    "أروح فدوة لفمك... أروح فدوة إلك ...يالله جاوبوه... ها...شبيكم سكتم ..."
    لم يستطع احدا ان ينبس ببنت شفة . وخرج الجميع بنظراتهم الساخطة ، فتمالكت نفسي واسرعت نحو سيارتي. 
    بعد حوالي الاسبوعين، ذهبت لشراء حاجة من احدى المخازن في سوق تكريت. وفي داخل المخزن خطفت نظرة سريعة فرأيت مجموعة من الشخصيات العراقية والمدينة جالسين يتحدثون مع صديقهم صاحب المخزن. 
    وبعد ان اخذت حاجتي وتوجهت لادفع ثمنها سمعت نداءا من احدهم ، كان سبعاوي اخ صدام ، بادرني قائلا بنوع من تهكم:
    "دكتور حسين ...لماذا لا تقود اضرابا في الجامعة وتسقط النظام؟" ...أقسم بالله العظيم هذا نص ما قاله لي".

    فأجبته متظاهرا كأني لم اعرفه:
    "استاذ ...ماهي مهنتكم رجاءا ؟؟؟ اجابني قائلا : "اني ضابط"
    فرددت عليه قائلا :
    "قل لي بربك ، من هو القادر على اسقاط النظام ؟ هل هو الاستاذ الجامعي المنشغل بالعلم والمعرفة وتهيئة اولادكم ، ام الضابط الذي بين يديه الدبابات والصواريخ والجنود والجميع في إمرته" 
    سكت ولم يجاوبني....
    على حكومة الدكتور عبد المهدي القيام باستفتاء شعبي من اجل معرفة ما اذا كانت هذه الاحزاب والكتل السياسية الموالية لايران جديرة بالتجاوز هكذا على حقوق شعبنا وخصوصا هذه القرات في تجنيس الايرانيين وأيضا لما يخص هذا الاجتياح الايراني للعراق . فالركوع والمواقف الانتهازية والمحابات للابقاء على الاوضاع العراقية خانعة وذليلة ليست من شيم شعبنا العراقي ، وسوف ندفع الثمن باهضا.

    حماك الله يا عراقنا السامق .

    3/17/2019
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media