تعقيب على خبر: هل باعت الاتصالات مدار القمر العراقي الى اسرائيل؟
    الجمعة 19 أبريل / نيسان 2019 - 04:50
    علي محمود الشهواني
    نشرتم بتاريخ 18 نيسان المقال أعلاه . ارجو التفضل بنشر التعقيب التالي على نفس الموضوع لتوضيح الخلفية التاريخية للأمر:

    في أواسط السبعينيات أشعر الاتحاد الدولي للإتصالات  اعضاءه عن نية عقد مؤتمر إداري عالمي لمراجعة شاملة لنظم الراديو في عام  1979 

    World Administrative Radio Conference WARC 79حيث كان آخر مؤتمر عقد بشأن ذلك كان في عام ١٩٥٩.

    استعدت المؤسسة العامة للاتصالات العراقية كونها الجهة الأساسية المعنية بالأمر لذلك وشكلت لجنة قبل سنتين من تاريخ انعقاده  ضمت إضافة لمهندسيها المختصين مهندسين من دوائر  أخرى معنية بالأمر كالموانيء العراقية والإذاعة والتلفزيون والقوة الجوية وجامعة الموصل ووزارة الخارجية. وكان  لي شخصيا شرف العمل في  هذه اللجنة إضافة لزملاء أفاضل .

    واصلنا العمل بجد وبالتنسيق مع إدارات الدول العربية الأخرى. وتم عقد مؤتمر تحضيري تنسيقي للدول النامية في لاوندى في الكاميرون - أفريقيا عام ١٩٧٨ ( شاركت فيه ممثلا العراق ) لتوحيد المواقف بشأن أمرين  يهمان الدول النامية وهما:

    أولا :  عدم الإسراع وتقليل غلق خدمات اتصالات ذبذبات الموجات العاليا  HF Rradio Frequncies لحساب الانتقال السريع للتقنيات الاحدث مثل خدمات المايكروويف واتصالات الأقمار الصناعية. وذلك لعدم وجود قدرات مالية آنية  لذلك عند بعض الدول النامية. كان هذا يقلق دول نامية عديدة وخاصة الأفريقية منها. لم يكن الأمر ملحا"  للعراق ولكنه يتطلب عليه ان يتضامن معهم لإيجاد حلول واقعية لتسهيل انتقالها للخدمات الحديثة

    ثانيا: كسر الاحتكار والاستخدام العشوائي  الذي كان قائما" آنذاك  في استخدام المدار الفضائي  الثابت  Geostationary Satellite Orbit

    من قبل دول كبرى محدودة العدد كالولايات المتحدة الأمريكية  وعدد محدود من دول أوربية نظرا لتوفر القدرات المالية الباهظة لديها مع احتكارها للتقنيات الفنية المتقدمة المطلوبة لهذه الخدمات الراديوية.

    نظراً لمحدودية المدار الفضاءي الثابت كانت الدول النامية تخشى  أن لا يبقي لها هذا الاحتكار والاستخدام الكيفي والملائم للمصالح الذاتية للدول الكبرى اي موقع فضائي  مناسب لهذه الدول النامية في المستقبل عندما تتوفر لها القدرة المالية والفنية لاستخدام خدمات الاتصالات الراديوية الفضائية.

    لضمان ذلك ارتأت بعض  الدول النامية  اقرارالمؤتمر تخصيص مواقع  معينة في المدار الفضائي الثابت  لكافة الدول الأعضاء في الاتحاد الدولي للإتصالات  International Telecommunication Union وهو الوكالة المختصة للأمم المتحدة بهذا الشأن. 

    كان العراق والجزائر من الدول النشطة والمهتمة بهذا الأمر والساعية لاتخاذ  قرار بذلك.

    سبق عقد المؤتمر في مقر الاتحاد الدولي في حنيف- سويسرا اجتماع تنسيقي ثاني لكل اعضاء الاتحاد من أواسط أيلول ثم تلاه إنعقاد المؤتمر رسميا  من ٢٨ أيلول إلى ٦ كانون الأول ١٩٧٩. كنت من الحضور ممثلا للعراق في كل هذه الاجتماعات.

    تازمت المواقف خلال المؤتمر بخصوص موضوع المدار الفضائي الثابت. ولذا شكلت لجنة خاصة Ad hoc committee للخروج بتوصيات للمؤتمر بذلك.

    عملت في هذه اللجنة  وتطلب عملها ساعات اجتماعات طويلة امتدت عدة مرات طوال المساء بل وحتى ساعات متاخرة بعد منتصف ليل جنيف البارد. تخلل الاجتماعات نقاشات  حادة ما بين ممثلي عدد من الدول النامية كالعراق والجزائر  وكوبا مع مندوبي  الولايات المتحدة وغيرها . انتهت أعمال اللجنة بنجاح والتوصية للمؤتمر الذي  أتخذ القرار التاريخي لوضع خطة المدار الفضائي الثابت  لتخصيص  موقع لكافة الدول  الأعضاء.

    تبع ذلك مؤتمر دولي آخر في منتصف الثمانيات حيث أقرت الخطة التفصيلية وحدد العدد والمواقع  لكل  الدول ومنها عراقنا الحبيب والمبتلى بمن لا يعرف اليوم كيف يحافظ على ما تحققت  له من حقوق  سابقا..... والمشتكى لله ولجيل شاب جديد متلهف للحفاظ على حقه في حياة كريمة.


    المهندس علي محمود الشهواني

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media