رؤيتنا للعلاقة بين العراق والسعودية
    الجمعة 19 أبريل / نيسان 2019 - 09:24
    الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
    في البداية يجب أن ننكر كل موقف مرتجل أو أفكار مسبقة  ،  يمكن  الحكم  من خلالها  أو التعامل  على أساسها  فيما يجب وما لا يجب  ،  ذلك  إن السياسة التي يجب أن تُتبع  في مجال علاقتنا بالشقيقة السعودية   ،   يجب أن تكون  مرتبطة بنظرتنا  للمستقبل ووضع العراق في المراحل المقبلة  في  صياغة المنطقة وبنائها   ،  وهذه  النظرة يجب ان تعمم على كل المشتغلين  في السياسة أو الباحثين  في مجال العلاقات  الدولية   ،  مع التأكيد  على تلك الخصوصيات التي ذكرها الملك سلمان بن عبد العزيز   في لقائه  برئيس الوزراء  عادل عبدالمهدي     كالأخوة والأمن والمصالح المشتركة  . 
     ويجب التنبيه   إلى إننا   في العراق  لا  نستخدم  السياسة كفن أو كعلم  بل هي  عندنا   مزاج  وإرتجال  وكلام منثور في الهواء   ،  وهذا  أحدى مشكلاتنا   العويصة   والتي يجب النظر إليها بإمعان   ،  وهذا  ما يزيد  من وطأة المعاناة  والألم  الذي عصف بالعراق منذ  1979   حين أستلم صدام الحكم   ،  ونعني بذلك  و  نشير إلى النزعة الضيقة التي حكمت البلاد  ودمرتها  لا حقاً    ،  ومنها  ومن خلالها  جاءت الأحكام  والممارسات التي أدت إلى ما نحن عليه اليوم  ،  ولم   يقدم  السياسيون لمرحلة ما بعد 2003  حلولاً أو إستراتيجيات  ناجحة  أو مفيدة   من شأنها جعل العراق في المكان الذي يستحق  .
    وقد   ساهم هذا بشكل مباشر في ضياع الهوية الوطنية والإنتماء القومي  وحتى الديني  ،  فلا أحد يعرف  طبيعة الدولة في العراق  اليوم  ،    ولا هي نواياها   مستقبلاً   و هذا أن دل على شيء  فإنما يدل  على نوعية وطبيعة  السياسة  و السياسيون الذين أتيح لهم التسلط  من خلال الغباء الذي أظهره المجتمع الدولي   ،  وكلامنا هذا موجه للجميع دون إستثاء   فثمة إرتجالية ولا مبالات بدت واضحة في تتبع الحالة العراقية من قبل المجتمع الدولي   ،   ونعني به  من كان  له  الدور المؤثر  في صناعة الأحداث من قبل ومن بعد 2003   .
      والإسلام السياسي  في العراق  ليس واحداً  بل  مجموعات  متنافرة  هو  مخلوقا مشوها  لا نعرفه ولا يعرفه الإسلام نفسه  سواء  السني منه أو الشيعي  ،  والأحزاب الدينية في هذا الصف  ليس لها برنامج  عمل  وطني معين ومحدد  ،  وكل ما عرفناه عنهم  هو النهب والسرقة والتحايل  والمشاركة في خلق الأزمات   ،  لأن مصالحهم  لا تسمح لهم بالعمل الطويل ولا تسمح لهم بالتجرد والوطنية النظيفة  ولذلك كانوا مساهمين بحده في الوضع المأساوي للبلد   ،   وأكثر من تقدم  في الشغل السياسي  كانوا مجهولي الحال  وقطاع طرق ولصوص  وتاريخهم مزيف   ،  وجُل شغلهم إثارة النعرات الطائفية والمذهبية البغيضة   ،  ولم  نجد  من بينهم   رجل رشيد  يمكنه  تبنى المشروع الوطني ومصلحة البلد قبل كل إعتبار   .
      وكما قلنا في غير  مناسبة  إنهم يكذبون  على الناس وحتى على أتباعهم   ،  وينكرون أنهم يمارسون الفتنة  والشر ويخضعون المريدين لهم عبر الإغراءات والدجل  والضرب على وتر الخوف من الأخر  ،   ولم يكن دين الإسلام العظيم يردع هؤلاء من ممارسة أفعال شنيعة   ،  أدت إلى تفريق المجتمع إلى كتل وخانات  كل واحدة في عداء مع الأخرى  ،  ونذكر نحن  سنوات السبعينات من القرن الماضي إذ    لم يكن مسموحاً  الكلام  أو الحديث  في كل ما يفرق   ،  ولم يكن مسموحاً   بحال  ترديد عبارات   من قبيل أنت عربي  أو كردي أو أنت شيعي أو  سني  أو إنك مسلم أو مسيحي    ،  كان هناك إلتزاماً وطنياً وأخلاقياً بالوحدة المجتمعية  للدولة   ،   وكان الجميع يهتمون  بشؤون الوطن الواحد    ،  ولم  نلحظ هذه التفرقة  التي شد عليها وأيدها المحتل وجنوده   .
    إن دوافع الكلام عن ذلك  مرجوة   اليوم  في تطوير  العمل مع الأشقاء والأصدقاء  ،   وإبعاد العراق عن الأزمات والطوفان القادم للمنطقة  ،   ونحن كغيرنا لا نريد الإضرار بأحد   ،  ولا نريد لعراقنا الضرر  وكفى مكابرة  ، فإن  ما يهمنا هو عودة العراق ليكون بلداً أمناً مستقراً غير محتاج  ولا ضعيف  ،  والمشكلة  التي تواجهنا  اليوم  هو  في كيفية تحويل العقل العراقي   ليكون  أكثر واقعية ووطنية  ،   ومن ثم كيف يمكنه  الخروج من دائرة المصالح الضيقة  والنهب الذي يرتكب تحت مظلة التفرقة والحماية المزعومة    ،   إذ لم يعد في الإمكان   جعل العراق رهينا للتجاذبات أو لتحقيق  مصالح الغير على حساب مصلحته    .
       وفي هذا  الصدد  نشير و  ننطلق   بما يجري في السعودية من تطوير مجتمعي هائل   ،   يفوق كل  التصورات ونحن أحوج ما نكون لهذا في حماية بلدنا من التطرف ومن العنف وإرتداداته   ،  فما يحدث في السعودية  يجب أن يكون حافزاً  للمشغلين بالسياسة في العراق   ،  من أجل تغيير قواعد اللعبة  لتكون متوافقة مع النظرة الجديدة  ،  ولا يجب بحال إستدراج  الحالات الشاذة التي صنعتها مراحل  من التاريخ   أنتهى أوانها   .
      إن  الأفكار التي كان يحملها السيد حيدر العبادي  ويحملها  اليوم عادل عبدالمهدي مشجعة في هذا الإتجاه  ،  فزمن الشعارات والعنتريات  قد ولى إلى غير رجعة  ،   ودخلنا من حيث نرغب أو لا  مرحلة الواقعية السياسية   ،  التي تتطلب الكثير من الحرص والتأني وعدم خلط الأوراق  ،  وهذا لا يعني أبداً  ان نكون  طرفاً  في محور ما   مقابل  طرف أخر  ،   بل إن  ما ندعوا له   هو  التوازن والثقة بالنفس وإعادة ترميم البيت العراقي  لأن في  ذلك مصلحة أنية  ومستقبلية    .
      والحزب  الليبرالي الديمقراطي  العراقي  يشعر  إن من واجبه  التأكيد  على الواقعية  السياسية التي يتبناها في هذا المجال   ،   ويؤكد حرصه  على سلامة توجهات السيد عادل عبدالمهدي ومن قبله   السيد مقتدى الصدر   ،   الذي كان قد زار السعودية في مهمة وطنية  إلتقى فيها  بكبار المسؤولين  ،  ويشجع   الحزب  الجميع  بتبني الواقعية السياسية   وفتح الجسور مع  الأشقاء  في الخليج والمنطقة  ،   وإن في ذلك  خدمة للعراق أولا ولشعوب المنطقة ثانيا  ،  فإستقرار العراق وتعافيه  هدف منشود  للجميع  ،   ولكن  لازمه إعادة الوعي   الوطني  النزيه  ،  وإخراج   العراق من دائرة  الفعل  و ردات الفعل أو التعامل الضيق   بحسب المنطق التاريخي العتيق المتهالك   .
      وإننا   في العراق ليس كغيرنا فقد  واجهنا  مشكلات كثيرة  و تحملنا جهود وتبعات مضاعفة   ،  ومن حقنا إسترداد  بعض  قوتنا  وبعض ما فقدناه من خلال التناكف  السلبي  وعدم الثقة  بالمستقبل   ،  وللحق نقول   :   لم تكن تجربتنا   مع أخوتنا في العروبة  مليئة بالورود والرياحين   ،   بل كانت في بعض تفاصيلها   مليئة  بكل ماهو حزين ومر   ،   منذ  عاصفة الصحراء  وما تبعها من  حصار جائر   ،   نعم لم تكن  تجربتنا مع  العرب   على  قدر من  المسؤولية   ،  ولا نبرأ   أنفسنا فجميعنا شركاء في هذا الجرم   ،  خاصة في تعاطينا  مع قضايا مصيرية  لم نحسب لها حساباً   .
    إن بعض العرب   ساهم في تأجيج الصراعات  ومساعدة  القوى الخارجة على القانون  هذا بشهادة  السيد نوري المالكي  ،   وهذا  البعض  يخشى من تطور علاقتنا بالسعودية  أن تكون على حسابه   ،  لذلك  نرآه اليوم يعيش حالة القلق  في ذلك   ،  ظناً  منهم  في تقليص دورهم  أو الشعور بالخطر  على مستقبلهم  ، خاصة في ظل ما يمكن الحديث عنه  للمرحلة المقبلة   ،  إن  الصفة العربية ليست ضامنة لوحدة العراق  ولم تكن  ،   بل الذي وجدناه  وتأكدنا   منه  إن الرئيس برهم  صالح كان  عروبياً   أكثر  من كثير من  العرب  الذين  شجعوا  على تدمير العراق      ،   ولهذا   فصورة العراقي الجديد   هو تحقيق  تلك المعادلة التي تحقق للعراق الأمن والإستقرار والتقدم  والسلام   .
    إن موقفنا من تطور العلاقة العراقية السعودية  نابع من إيماننا بمصلحة العراق ووحدته الوطنية ، فالعراق والسعودية قادرتان على صنع مجتمع عربي جديد  ،  خاصة في ظل التطورات التي حدثت بعد ما يسمى بالربيع العربي ،  الذي لم يكن ربيعاً ولم يكن عربياً   ،  إننا نرغب في تعميق الصلة بين الأشقاء والأصدقاء في منطقتنا  ، مدفوعين برغبة جامحة لخلق فضاء أوسع لتنامي العلاقات الإقتصادية والتجارية والعلمية والمهنية  ،  إن التخفيف من حدة الشعارات ذات الطابع المذهبي سمة يجب أن نلتزم بها  ،  مع هذا التطور في العقل العربي الجديد الذي يؤمن بالحقوق والواجبات وسيادة القانون .
    إن حزبنا منذ بداية إنطلاقته يؤمن بأن المستقبل للشعوب التي تعمل من أجل العدل والحرية والسلام  ..

    مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية
    في
    الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
    بغداد
    18 – 04  - 2019 

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media