الدكتور عادل عبد المهدي... الى أين؟!
    الأربعاء 24 أبريل / نيسان 2019 - 05:10
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية
    منذ مجيئه كرئيس للوزراء قبل حوالي السنة ، تضاءلت امال العراقيين من ان الدكتور عبد المهدي وكما سبقته "دعايته"، سوف يكون "المنقذ" السياسي والمتصدي لهذا الانهيار الحضاري والاجتماعي والاخلاقي والديني الذي يعيشه هذا الوطن المشلول. ولكن بدلا من ذلك، اصبح عادل عبد المهدي شبه عالة على الحكومة ، إذ لم يبرهن لشعبنا سوى تهيبا وضعفا فيما يتعلق بالقرار السياسي والاداري الامر الذي منح العراقيين أستياءا أعظم ، مضيفا بذلك الى اوضاع الحكومة والمجتمع المتأزمة أساسا، ازمات جديدة وحنقا اكبر عليه شخصيا وعلى الذين أتوا به . ثم تأتي عدم عدالة رئيس الوزراء مع الشعب العراقي ، بعد منحه المليارات للسيد رئيس الاقليم المتنحي من باب المجاملات "الفطيرة" ، بينما لا تزال العوائل في المدن العراقية المنكوبة تعيش في المخيمات ، والبعض الاخر ينام فوق انقاض بيوتهم ، بينما اخرون فيفترشون الارصفة في الطرقات!!  

    شخصيا ، لا افهم أسباب ظاهرة هذا "الحنق" على المجتمع نتيجة ممارسات بعض الكتل السياسية والتي لها اليد الطولى في تكثيف وتعميق ارهاصات هذا الشعب الذبيح من خلال الاصرار على مواقفها الوطنية ، لكننا نجدها تتماها في سلوكها مع سياسات حكومات الخارج ، وحينما يتم انتقاد ذلك السلوك يتحول هؤلاء المنتقدون الى "اعداء ويتم نعتهم "بغير اخلاص" للوطن؟؟!!

    ولكن الاكثر ايلاما اننا وجدنا أن الدكتورعبد المهدي والذي يفترض به قد خاض غمار"انتماءات سياسية" و"عقائد" شتى في حياته الماضية في مجتمعنا الذي يتسم بالحساسية المفرطة من تجارب كهذه ، ولا ينسى أبدا ماضي الاشخاص، لكننا نجد أن عبد المهدي هذا قد برهن بما لا يقبل الشك، انه لم يستفد من حياته السياسية ولا من تجاربه الماضية والمتكررة كمسؤول في الدولة العراقية . فتلك الخبرات هي من يبن اكثر شواغل الناس في المجتمع العراقي كمؤشرات لتقييم المسؤول في الدولة، ولكن عبد المهدي لم يبرهن ولا لمرة واحدة أنه قد اكتسب خبرات ذات اهمية تخص عمله في تلك المناصب ، حتى وكأنه يتبؤها لاول مرة!!  

    لقد كان يفترض بالدكتور عبد المهدي مثلا، ان كان قد استفاد شيئا على المستوى الشخصي كمسؤول دولة من تلك الخبرات الوظيفية سواءا اكانت سياسية او مهنية ، فيتعين عليه المبادرة بتعميمها كتطبيقات ناجحة في مجالات عمله القادم، لكي يثبت هو اوغيره "أنها" نتائج لقدرات ومواهب الخبرات البحتة. ولكننا وللاسف، نجد السيد رئيس الوزراء لا يزال غير قادر حتى على ادارة شؤون حكومته ، بدليل انه لم يستطع حتى من اكمال الكابينة الوزارية منذ حوالي سنة، فيا ترى الى متى يبقى هؤلاء الحاقدون على مجتمعنا العراقي ممن يرفضون حسابات التسويات من اجل المصلحة العامة لكنهم مستعدون بالتضحية بالعراق كله من اجل مصالحهم الشخصية ، لكنهم الاكثر حديثا عن وطنياتهم الزائفة. وأليس حريا بفضح هؤلاء بالاسماء والعناوين خدمة للوطن؟ 

    فهل يا ترى نستطيع الافتراض أن الاستنتاج الوحيد لتكرر وجود السيد عبد المهدي كمسؤول في كل الحكومات المتعاقبة على الرغم من عدم فاعليته وجدواه سياسيا أواداريا أوشعبيا، هل بسبب ملازمة "الحظ" له فقط؟؟ وهل ان الدكتور عبد المهدي الذي على الرغم مما اتسمت به حياته من انتهازية سياسية مخجلة في كل العهود ، لم نجده يوما يخضع للمسائلة القانونية نتيجة انتماءاته لتلك الاحزاب ، ولاحتى الشوفينية منها والتي دمرت العراق منذ 1963. كما وأنه ايضا لم يودع في سجن. فخوضه السياسي ليس بدوافع عقيدته ، ولكن باعتقادنا من اجل الوصول لموقع اجتماعي وسياسي لاغير. كما وأن اجتياز عبد المهدي لتلك الحشود الكبيرة من الوطنيين من تكنوقراط ومتفانون في سبيل خدمة هذا الوطن، وتصدره المشهد السياسي اليوم ، ليس بسبب المواهب التي يمتلكها ، ولكن نتيجة ما يمتلكه عبد المهدي من "حظ" استثنائي فقط ! فاصحاب الحظوظ هم دائما اعظم شأنا في الحياة من اصحاب العقول. 

    فلننظر فقط لما يثار ضد الدكتور عبد المهدي من خلال ارتكابه جرائما سياسية ، ولكننا نجده "ناجيا" منها جميعا:
     "فما صرح به ، النائب عن كتلة النهج الوطني حسين العقابي، الاربعاء (10 نيسان 2019)، ومن خلال (بغداد اليوم) بغداد -  وحيث حذر فيه "عبد المهدي من الحنث باليمين الدستورية، فيما أكد أن عملية تشكيل الحكومة رافقتها اخطاء قانونية كبيرة حذرنا منها سابقا ، إذ قدم السيد رئيس الوزراء بعض الشخصيات المدانة بأحكام قضائية باتة تتعلق بجرائم الفساد المالي والإداري وبعضهم معروف بانتماءه لحزب البعث المحظور ، وتعهد في جلسة التصويت عليهم بتقديم القيود الجنائية ووثائق تثبت عدم شمولهم بأجراءات هيأة المسائلة والعدالة".

    واضاف البيان ان "عبد المهدي  تعهد بتقديمهم للبرلمان لسحب الثقة عنهم اذا ثبت انتماؤهم للبعث أو إدانتهم بجرائم جزائية"، لافتا الى انه "بعد انقضاء عدة أشهر من عمر الحكومة نستغرب من تسويف رئيس الوزراء لهذه القضية الجوهرية ومماطلته في تقديم تلك الوثائق خاصة مع ثبوت الاتهامات بالدليل القاطع بحق بعض الوزراء ". ولفت الى أن "هذا يعني  تعريض السيد رئيس الوزراء نفسه للمسائلة القانونية لحنثه باليمين الدستورية استنادا لمواد الدستور ". ودعا العقابي خلال البيان "رئيس مجلس الوزراء الى التعامل بجدية مع هذا الأمر الخطير الذي يهدد مصالح الشعب ويؤسس لثقافة التجاوز على الدستور". وطالب "بسحب الثقة فورا عن الوزراء المدانين وتصحيح مسار الحكومة بما يؤهلها لتحمل مسؤوليتها التأريخية في النهوض بواقع البلد ومعالجة الإخفاقات السابقة". ...انتهى. 

    هذه الادانة الصريحة مجرد غيض من فيض.  فبؤس عطاء الدكتور عبد المهدي الى الان لما يخص الاوضاع العراقية المتدهورة لا يزال مشكلة كبرى من قبل رئيس الوزراء . والذين سعوا في تنصيبه كرئيس للوزراء لهم مأرب شريرة في محاولة تدمير العراق، وابقاء الوطن غارقا في الفساد، بينما هؤلاء يشيرون الى أن عادل عبد المهدي يمثل دور "حمامة السلام" في المنطفة العربية وغير العربية.  وكأن ما يحتاجه العراقيون اليوم هو "حمامة سلام" وليس "لصقر" يستطيع انتشالهم من مكب الجيف والمستنقعات؟؟؟

    والسيد رئيس الوزراء هذا الذي قد مارس نوعا من فساد مالي وأخل بالعدالة من خلال تعاطفه لارضاء السيد مسعود برزاني وبث روح التفرقة بين العراقيين وزاد في حنقهم على تعميقه لاوضاع الفساد والمحاصصات، فقد ضرب الدستور وكل القوانين العراقية عرض الحائط ليقدم للبرزاني ولحزبه عشرات المليارات من الدولارات كهدايا نتيجة "لتحديهم العراق وتبنيهم الاستفتاء من اجل الانفصال"!! فهل أمثال الدكتور عبد المهدي يستحق منصب رئيس الوزراء؟ وهل يمكن اعتباره مسؤول جدير بالثقة والاطمئنان لجانبه؟ 

    سننتظر لنرى وسيرى شعبنا ، ما الذي ستفعله يا سيد عبد المهدي بالوطن العراقي امام قرار حظر ادارة الرئيس ترامب التعاون مع ايران وتصريحكم باستمرار خرقكم هذا الحظر الامريكي من اجل ايران؟؟!!  

    يا دكتور عبد المهدي ليس لنا ضغينة ضدك أو ضد أحد، لكننا فقط ضد البعض ممن يسيؤون للعدالة ، ويخونوا الامانة.

    حماك الله يا عراقنا السامق...
    24/4/2019
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media