حلفائنا الجدد: الصين الشعبية وروسيا الأتحادية
    الخميس 26 مارس / أذار 2020 - 06:54
    محمد حسين النجفي
    انقسم العالم الى معسكرين واضحي المعالم بعد الحرب العالمية الثانية. الأول المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة واوربا الغربية، والثاني المعسكر الشرقي بقيادة الأتحاد السوفيتي ودول اوربا الشرقية. اما دول العالم الثالث (النامية) الغير مرتبطة بحلف وارشو او الحلف الأطلسي، فإنها وحدت نفسها بما يسمى منظمة دول عدم الأنحياز التي تأسست في باندونغ، اندنوسيا في  عام 1955، بقيادة نهرو وسوكارتو وعبد الناصر. إلا ان حقيقة الأمر لم تكن هذه الدول غير منحازة كلياً. فمنهم من له علاقة وثيقة بالمعسكر الشرقي مثل الهند واندنوسيا ومصر، ومنهم من له علاقة متينة مع المعسكر الغربي مثل تركيا وايران والسعودية.  كانت هذه الدول النامية تعتمد على حاميها في كلتا المعسكرين حتى وإن لم يكن هناك تحالف رسمي موقع من قبل الطرفين. فحينما رفض صندوق النقد الدولي تمويل بناء السد العالي في مصر تقدم السوفيت ومولوا وبنوا السد العالي دون شروط مالية او سياسية. وحينما احتل صدام الكويت انبرى المعسكر الغربي بقيادة امريكا لتحرير الكويت ولم يكن هناك من تحالف وانما تبعية سياسية.

    إلا انه بعد سقوط الأتحاد السوفيتي وجدار برلين مطلع تسعينات القرن المنصرم، اضحت الدول النامية المعتمدة على السوفيت في حمايتهم وتسليحهم وتنمية اقتصادهم، في حيرة من امرهم بعد انعدام توازن القوى وانفراد قوة عظمى واحدة في السيطرة على العالم. وبذلك خضعت كل دول عدم الأنحياز الى الشروط الغربية في التنمية وعدم محاججة الولايات المتحدة في سياستها الخارجية.

    تغير العالم بعد صعود بوتن لدفة الحكم في روسيا الأتحادية عام 2000، ووصول شي جي بينغ عام 2012 وتطوير الحزب الشيوعي الصيني من سياساته واتباعه اقتصاد السوق. روسيا بقيادة بوتن اعادة بناء اقتصادها الوطني وابعدت المستشاريين الأمريكان، وتدريجيا اخذت بتطوير علاقاتها السياسية والأقتصادية مع دول العالم الثالث التي كانت لها علاقات حميمة معها اثناء فترة الأتحاد السوفيتي وتطوير علاقتهم تدريجياً معهم وسوريا خير مثال على ذلك.

    هناك توافق وتحالف ضمني بين روسيا الأتحادية والصين الشعبية على منافسة المعسكر الغربي الذي لازال قائما (حتى لو كان في مرحلة الأحتضار) بالرغم من انحلال المعسكر الشرقي المنافس. هذا التوافق واضح جدأ في قرارات ألامم المتحدة ومجلس الأمن واستعمالهم لحق النقض لحماية الدول الضعيفة.

    الصين الشعبية وروسيا الأتحادية خلال العشر سنوات الماضية اثبتوا قدراتهم في التعامل السياسي والأقتصادي الأفضل مع دول العالم الثالث، وبدأوا يمدون قضبان السكك الحديد في عموم افريقيا ويبنون السدود والموانئ والمصانع في عموم العالم في شروط افضل بكثير من مساعدات صندوق النقد الدولي وبقية الموؤسسات الدولية التي تكبل هذه الدول في شروط قاهرة.

    واليوم ومع استفحال ازمة كورونا فايرس، نرى دولتين فقط تقدمان المساعدات الطبية من اطباء وممرضين ومعدات ومستلزمات الى الدول الأخرى هما الصين وروسيا. فهاهم يمدون يد العون لأيطاليا وايران والعراق وسوريا والفلبين والباكستان وكل دول الأتحاد الأوربي، وحتى الولايات المتحدة، بعد ان اثبتوا جدارتهم في القضاء على هذه الآفة التي ممكن ان تقرض مدن وشعوب برمتها.

    ايتها الدول النامية انتبهوا الى حلفائكم الجدد الذين يمكن الأعتماد عليهم في وقت الرخاء والشدة، الصين الشعبية وروسيا الأتحادية، فهم اليوم بتحالفهم الضمني يمثلون قوة عظمى مناقضة للمعسكر الغربي الذي انحلاله اصبح وشيكا لا محاله وما بريكست بريطانيا من الأتحاد الأوربي إلا الخطوة الأولى لذلك. 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media