"مناعة القطيع" (فكرة وحشية لاتخص للبشر ، وفاشلة في معظم جوانبها) الجزء الثاني
    الثلاثاء 4 أغسطس / آب 2020 - 14:41
    أ. د. سمير هاني السعدي
    في مقالنا الاول تناولنا مقدمة و فكرة عامة عن ما يسمى بمناعة القطيع ، وحقيقة ان دولا كثيرة ، او مناطق اومقاطعات منها ، وبضمنها بعض الولايات الامريكية ، والبرازيل ، وبعض دول امريكا اللاتينية الاخرى ، اضافة للسويد. هناك بعض الدول الاوربية التي حاولت تطبيقها وتراجعت عنها بسبب ارتفاع عدد الاصابات السريع والارتفاع الملفت او الصادم في عدد الوفيات ، كما حصل في انكلترا ، وهولندا ، وبعض الولايات الامريكية التي تراجعت وعادت الى الاغلاق والتشدد في اجراءات الوقاية الصحية وهناك ومنها من بدأ بفرض الجحر الاجباري على السياح الداخلين اليها من بلدان محددة لمدة 14 يوملا بعد دخولهم البلد كما فعلت انكلترا والنرويج والولايات المتجدة الامريكية على سبيل المثال وليس الحصر ، كما فرض الاغلاق  ومنع الدخول الى مقاطعة فيكتوريا الاسترالية لمنع انتشارالوباء منها الى غيرها من المقاطعات الاسترالية الاخرى ويحدث ذلك الان في ملبورن ثاني اهم مدينة في استراليا.  

    ولنعد الى مايسمى ب "مناعة القطيع"، والتي تعني ترك الحبل على الغارب نسبيا عدا تحذيرات وتوجيهات عامة غير ملزمة ، واحيانا يكون بعضها شبه ملزما ، والهدف هو ترك الناس لممارسة حياتهم الطبيعية سواء على مستوى الافراد او على مستوى الجماعات ، دون فرض إجراءات الوقاية الصحية العامة او الفردية وبدون تطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي والفردي او الجسدي،  لأتاحة الفرصة للفايروس المقصود ، وهو هنا كوفيد 2 المستجد لاصابة أعداد هائلة من الناس او اكبر عدد ممكن منهم  به ، على امل تطوير هؤلاء المصابين به لاجسام مضادة ضده تكون قادرة على صد ومنع المرض المحدد من العودة ثانية وبذلك تقل سرعة انتشاره.  

    وهذا الافتراض النظري غير الدقيق ، معناه ظهور اعدادا هائلة من الاصابات، وارتفاع مؤثر في عدد الوفيات ، واكتظاظ للمستشفيات فوق طاقاتها بل ، وقد يؤدي ذلك لحدوث انهيار للمؤسسات الصحية ، والوضع الصحي برمته ،ومآسي اجتماعية وانسانية كثيرة من اجل فتح الاقتصاد والتجارة والسفر والسياحة والكسب السياسي وممارسة الاعمال بصورة تكاد تكون طبيعية دون معرفة وادراك بان غض النظر بهذه الطريقة عن انتشار المرض ، قد لا يؤدي الى تطوير المناعة المرجوة او الوصول اليها ، وقد ينتقل المرض لبلدان مجاورة او حتى بعيدة.  

    وقد يعود البلد مضطرا ، أو مكرها الى الاغلاق ، وفرض الحجر والتباعد الاجتماعي والفردي قسرا ، وبصورة اشد ، ولكن بعد معاناة البلد من انهاك مؤسساته الصحية والاضطرار لانشاء مستشفيات ومختبرات ميدانية جديدة مكلفة ، وتوفيرخدمات اضافية، بينما سيتكبد عالم الاقتصاد والتجارة والاعمال والسياحة خسائر قد تكون اشد فداحة وطولا. 

    وهنك احتمال كبير لظهور موجات جديدة من الفايروس المستجد اصلا قد تعيد الكرة اسوء ، لذا فان الاحتمال بنجاح هذه الطريقة والتعويل عليها بدل احتواء المرض ومواجهته بشدة واصرار، هو احتمال ضعيف تماما في ظل غياب الدليل العلمي والعملي بأن الفيروس يصيب الافراد مرة واحدة فقط . وعلى العكس اصيب به كثيرون لأكثر من مرة واحدة ، واخر مثال على ذلك لشخص اصيب به ثلاث مرات في اوكرانيا. 

    عدا عن ذلك يصبح ضروريا تكثيف اجراءات الفحص لمعرفة النسب الحقيقية للاجسام المضادة ونوعية وقدرة االمواد لبروتينية التي قد تنتجها ألأجهز المناعية في دماء او مصول افراد المجتمع ، وبمختلف الاعمار و بين الذكور والاناث لمعرفة ما إذا كان هؤلاء الافراد قد أصيبوا بالمرض أم لم يصابوا به. 

    لايبدو فايروس كوفيد 2 ميالا لاحداث مناعة في دماء كل المصابين به ولفترة طويلة او متوسطة الامد ، ولا من اصابته للعد المفترض من اجل الوصول لما يسمى  بمناعة القطيع التي تتطلب اصابة مايزيد على نسبة 60% او حتى نسبة 70% من السكان.  

    التطعيم باخد اللقاحات الناجحة المنتظرة هو ماسيوصلنا الى المناعة الجماعية باقل الخسائر الممكنة والتضحيات الجسيمة. 

    ففي اسبانيا اجرى الباحثون الاسبان دراسة موسعة وتوصلوا الى أن حوالي %5 من سكان إسبانيا ممن أصيبوا بكورونا ، قد تمكنت مصول دمهم من توليد أجسام مضادة للفايروس . وقد شمل البحث او الدراسة الإسبانية 61000 متطوع ومشارك من مختلف اطراف اسبانيا ، وهم يمثلون كافة شرائح المجتمع الاسباني ، ومناطقه ، ومحافظاته وهي تعتبر أكبر دراسة حتى هذه اللحظة من بين عشرات الدراسات التي أجريت على فايروس كورونا كوفيد 2 المستجد في الدول الأوروبية» 

    في الواقع سجلت اسبانيا اأكثر من 28 ألف حالة وفاة و 250 ألف حالة إصابة حسب مانشرته مجلة لانسيت الطبية العلمية علما بانه كان هناك اكثر من 22000 الف اصابة ووفاة بين الاطباء والممرضين والكوادر الصحية واالمساعدة الاسبان. كان معدل الاصابات اونسبتها على مستوى اسبانيا قد قارب نسبة 5.2% (وزادت عن أكثر من 10% في مدريد ، و7 % في برشلونة ، واقل من ذلك بكثير في المناطق الساحلية من اسبانيا). 

    اما في مدينة جنيف السويسرية ، والتي وصلت نسبة انتشار المرض فيها الى 10[DSA1] [DSA2] [DSA3] .8% تقريبا ، فقد انجز بحث تناول دراسة الأجسام المضادة المتكونة في ابدان 2766 متطوعا ومتشاركا ، حسبما نُشرت مجلة لانسبت الطبية في شهر حزيران الفائت2020. وتم ايضا إجراء دراسات مماثلة في الصين ، والولايات المتحدة لمجموعات مختارة من البشر في كل بلد منهما ، وتوصلوا لاستنتاجات واضحة ودلائل كلفية بأن غالبية كبرى من السكان ، لم يكونوا قد اصيبوا بفايروس كوفيد 2 المستجد حتى في المناطق الموبوءة عالية الاصابات ، اي انهم لم يصلوا للارقام التي يتطلبها ماتسمى بمناعة القطيع والذي ربما يتطلب اكثر من 70% من الاصابات بين السكان ،وبضمنها اعداد هائلة من الوفيات.  

    كانت استراتيجية ما يسمى ب «مناعة القطيع» هي المفضلة والمتبعة في بريطانيا في بداية ظهور انتشار فايروس كوفيد 2 ، بديلا عن الإغلاق التام ، ولكن تبين لاحقا أن النظام الصحي بما فيه المستشفيات والمراكز الصحية في بريطانيا ، لن يكون قادرًا على مواجهة ومعالجة او احتواء جميع حالات مرض كورونا ، فتخلت الحكومة البريطانية ، مكرهة عن تلك الاستراتيجية غير الناجحة بالمطلق ، لانها تعني انهيار النظام الصحي مع اعداد مفجعة من الوفيات وعالية جدا من الاصابات ، وفوق عدم الوصول لتحقيق فكرة مناعة القطيع المؤمولة! 

    ولابد من التذكير من ان مرض كوفيد19 هذا هو ليس بمرض الأنفلونزا الخفيفة المعتادة والعابرة أوالعائدة بالمواسم القادمة ، والتي لن تتجاوز نسبة الوفيات بها عن 0.1% من عدد الاصابات. ان مرض كوفيد19 هو مرض خطير وشديد العدوى ، ولايعرف له، ولا لفايروسه قرار لحد الان. 

    وفي الجزء الثالث سنأخذ امثلة لبلدان سارت على طريقة مايسمى بمناعة القطيع لمعرفة فيما اذا كانت حقا قد احرزت نجاحا في طريقتها او فشلت في ذلك اوانتهت بتجربة سلبية لكنها ذات فائدة ليتجنبها الاخرين ، او الاستفادة الجزئية من بعض منافعها ان وجدت.   

    البروفيسور الدكتور سمير هاني السعدي* 

    أستاذ علم الاحياء المجهرية الطبي والمناعة ، واستاذ علم الانسجة البشرية في الولايات المتحدة الامريكية سابقا.  

    أستاذ سابق بكلية الطب في جامعة بغداد. 

    Professor of Medical Microbiology and Immunology, and Professor of Human Histology. 

    في الاتحاد الأوروبي / المنطقة الاقتصادية COVID-19 توزيع الحالات المؤكدة مختبريًا من  

    الأوروبية والمملكة المتحدة ، اعتبارًا من 2 أغسطس 2020 

    Distribution of laboratory confirmed cases of COVID-19 in the EU/EEA and the UK, as of 2 August 2020 

     

    توزيع الحالات المؤكدة مختبريًا من COVID-19 في الاتحاد الأوروبي / المنطقة الاقتصادية الأوروبية والمملكة المتحدة. معدل إشعار حالة COVID-19 لمدة 14 يومًا لكل 100000 ، الأسابيع 29-30Distribution of laboratory confirmed cases of COVID-19 in the EU/EEA and the UK. 14-day COVID-19 case notification rate per 100 000, weeks 29-30 

    14-day COVID-19 case notification rate per 100 000 

     معدل إشعار حالة COVID-19 لمدة 14 يومًا لكل 100000 



    Epidemiological curves                                                   منحنيات وبائية 

    تستند هذه الرسوم البيانية إلى المعلومات المتاحة في وقت النشر ، والتي نشأت من عدة مصادر. يعتمد اكتمال البيانات على توفر المعلومات من المناطق المتأثرة. يجب تفسير جميع البيانات بحذر حيث يتطور الوباء بسرعة. بالإضافة إلى ذلك ، نظرًا لعدم توفر بيانات تاريخ البدء وسياسات الاختبار المختلفة لكل بلد ، فقد لا يعكس هذا الرقم تطور الوباء 

    These histograms are based on the available information at the time of publication, originating from several sources. Data completeness depends on the availability of information from the affected areas. All data should be interpreted with caution as the outbreak is evolving rapidly. In addition, due to the unavailability of date-of-onset data and different testing policies per country, this figure might not be reflective of the evolution of the epidemic. 

    توزيع حالات COVID-19 حول العالم ، اعتبارًا من 2 أغسطس 2020 

    Distribution of COVID-19 cases worldwide, as of 2 August 2020 

    توزيع حالات COVID-19 حسب القارة (وفقًا لتعريف الحالة المطبقة واستراتيجيات الاختبار في البلدان المتأثرة)
    الحالات المبلغ عنها وفقا للتعريفات المطبقة واستراتيجيات الاختبار في البلدان المتضررة. 

    Distribution of cases of COVID-19 by continent (according to the applied case definition and testing strategies in the affected countries) Cases reported in accordance with the applied cas.e definition and testing strategies in the affected countries. 

    Distribution of COVID-19 deaths, worldwide, as of 2 August 2020 
    توزيع وفيات COVID-19 ، في جميع أنحاء العالم ، اعتبارًا من 2 أغسطس 2020 

    توزيع حالات وفيات COVID-19 حول العالم حسب القارة
    في الرسم البياني ، لم يتم الإبلاغ عن أي وفيات في 25 مايو في أوروبا بسبب التصحيح الوطني لبيانات الوفيات في إسبانيا. كان عدد الوفيات في أوروبا أقل من الأرقام السلبية التي أبلغت عنها 

    إسبانيا في ذلك اليوم. 

    Distribution of cases of COVID-19 deaths worldwide, by continent  

    In the graph, no deaths are reported on 25 May in Europe due to the national retro-correction of death data in Spain. The number of deaths in Europe was less than the negative numbers reported by Spain that day.  


    )SARS-CoV-2فايروس كوفيد 2 المستجد امسبّب لمرض كوفيد 19 يؤدّي إلى موت الخلايا.( 

    أ.  د.  سمير هاني السعدي 
    أستاذ علم الاحياء المجهرية الطبي وعلم المناعة ، وأستاذ علم الانسجة البشرية في الولايات المتحدة الامريكية سابقا. أستاذ سابق في كلية الطب بجامعة بغداد. 

      
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media