في ذِكرى سقُوط الصَّنم
    الجمعة 12 أبريل / نيسان 2024 - 06:22
    نزار حيدر
      ١/ في عام ٢٠٠٣ كان لابدَّ أَن يتغيَّر الوَضع في العراق بعدَ أَن وصلت مُعاناة العراقيِّين إِلى ذَروتِها بسببِ السِّياساتِ التَّدميريَّةِ التي انتهجَها الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين فيما كانَ النِّظام البائد يعيش العُزلة على كُلِّ المُستويات، داخليّاً وإِقليميّاً ودوليّاً.

       ٢/ كانَ المُؤَمَّل أَن تتُمَّ عمليَّة التَّغيير من الدَّاخل بشَكلٍ أَو بآخر، إِلَّا أَنَّ أَسباباً عدَّة حالت دونَ ذلكَ فجاءَ التَّغييرُ على ظهرِ الدبَّابة الإِنجلو أَميركيَّة ومِن خلالِ عمليَّةِ غَزوٍ شامِلةٍ إِنتهت بإِسقاط نظام الطَّاغية وإِقامة نطام سياسي جديد بكُلِّ تفاصيلهِ إِثرَ تفكيك الدَّولة ومُؤَسَّساتِها.

       ٣/ وعندما نقيِّم تلكَ المرحلة يجبُ أَن نُميِّز بينَ أَمرَينِ مُختلفَينِ؛

       الأَوَّل؛ هو حتميَّة التَّغيير إِذ لم يكُن وقتها بالإِمكانِ تجنُّبهُ أَبداً، خاصَّةً وأَنَّ العراقيِّينَ حينها لم يُشغِلهُم إِلَّا التَّفكير بأَمرٍ واحدٍ فقط لا غَير أَلا وهوَ سقُوط النِّظام بغضِّ النَّظر عن البديلِ وطبيعتهِ وما يتعلَّق بهِ من تفاصيلَ بسببِ الطُّغيان العظيم والجنُون الذي وصلَ إِليهِ النِّظام.

       الثَّاني؛ هو موضُوع البديل الذي أَسَّستهُ الوِلايات المُتَّحدة باعتبارِها هيَ التي أَسقطت منظُومة الحُكم وأَقامت البديل من قُوى المُعارضة العراقيَّة، وخاصَّةً الشيعيَّة والكُرديَّة، والتي تعاوَنت ونسَّقت معها المواقِف قبلَ الغزُو وإِبَّان الغزُو وبعدَ الغزُو!.

       ٤/ كان مِن المُنتظر أَن يُثبتَ البديلُ الجديد جدارتهِ بالإِنجازِ وبتحقيقِ النَّجاحاتِ وعلى مُختلفِ الأَصعدةِ، خاصَّةً على مُستوى بِناء الدَّولة ومُؤَسَّساتها من خلالِ الدُّستور والقانون والقَضاء العادِل والسُّلطة الرَّابعة ومُنظَّمات المُجتمع المَدني، على اعتبارِ أَنَّ الدَّولة تتشكَّل مِن كُلِّ هذهِ العناوين وغيرِها، إِلَّا أَنَّ ما يُؤَسف لهُ حقّاً هو أَنَّ البديل فشلَ فشلاً ذريعاً في إِنجازِ بناءِ الدَّولة إِلى جانبِ فشلهِ في انتزاعِ السِّيادة الوطنيَّة التي مازالت تُعاني الشَّلل سواءً على مُستوى الدَّولة أَو على مُستوى الإِقتصاد أَو حتَّى على مُستوى الأَمن والتدخُّلات الخارجيَّة.

       كما فشلَ البديلُ في بناءِ نظامٍ ديمقراطيٍّ حقيقيٍّ كما هوَ منصوصٌ عليهِ في الدُّستور الذي تمَّ تبنِّيهِ من قِبلِ العراقيِّبن بالإِستفتاءِ الشَّعبي العام عام ٢٠٠٥. 

       ولكلِّ ذلكَ نُلاحظ كُلَّ هذهِ الأَزمات المُزمنة والمُستدامَة التي تعصِف بالعمليَّة السياسيَّة منذُ التَّغيير ولحدِّ الآن من دونِ أَن تنجحَ القُوى السياسيَّة في إِيجادِ الحلُولِ الحقيقيَّة والثَّابتة لتجاوزِها وبالتَّالي ليستقرَّ البلد ويبدأ عمليَّة النُّهوض الحَضاري الحقيقي وليسَ الفيس بوكي!.

       لقد انشغَلَت بإِثارةِ النَّعَراتِ الطَّائفيَّةِ والعُنصُريَّةِ والإِستحواذِ على السُّلطةِ وامتيازاتِها وببناءِ إِمبراطُوريَّاتِها الحزبيَّةِ والشَّخصيَّةِ والعائليَّةِ!.

       كما انشغلَت بخدمةِ وتنفيذِ أَجنداتِ [الغُرباء] ورغباتهِم على حسابِ المصالحِ العُليا للبلادِ، وذلكَ بسببِ فُقدانهِم للولاءِ الوطني!.

       ٥/ وبرأيي فإِنَّ السَّبب الحقيقي يعودُ إِلى عدَّة عوامِل؛

       أ/ وهو أَهم العوامِل، أَنَّ عمليَّة التَّغيير لم تكُن ذاتيَّة [وطنيَّة] وإِنَّما بفعلِ فاعلٍ خارجيٍّ [غزوٍ واحتلالٍ عسكريٍّ] والذي فرضَ أَجنداتهُ وشروطهُ في كُلِّ خُطوةٍ من خَطواتِ تقدُّمِ وانتقالِ العمليَّة السياسيَّة الجديدة من مرحلةٍ لأُخرى.

       ب/ إِنَّ القُوى السياسيَّة البديلة لم تكُن في يومٍ من الأَيام قُوى ديمقراطيَّة، إِنَّما هيَ أَحزاب شموليَّة تعتمِد نظريَّة الرَّمز [الأَوحد] و [القائِد الضَّرورة] تمتدُّ حاكميَّتهِ [مِنَ القصرِ إِلى القبرِ] ولذلكَ شاعت فيها ظاهِرة الإِنشقاقات والتَّكاثُر الأَميبي طِوالَ عقُودٍ من الزَّمنِ بغضِّ النَّظر عن خلفيَّاتها الفكريَّة والأَيديولوجيَّة، وممَّا لا شكَّ فيهِ فإِنَّ هذا النَّوع من البديل لا يمكنُ أَن ننتظِرَ منهُ أَن يبني لنا نظاماً ديمقراطيّاً على أَنقاضِ نظامٍ بوليسيٍّ شموليٍّ على قاعدةِ [فاقدُ الشَّيء لا يُعطيه].

       ج/ تجاوز القُوى السياسيَّة المُمسِكة بتلابيبِ السُّلطةِ منذُ التَّغييرِ ولحدِّ الآن، تجاوُزها على الدُّستور الذي لم يبقَ منهُ إِلَّا رسمهُ ونصوصٌ فارغةٌ وموادٌّ ميِّتةٌ لا حياةَ فيها.

       إِنَّها تجاوزَت على الدُّستور لصالحِ المُحاصصة التي أُريدت في البدايةِ أَن تكونَ على مُستوى اتِّخاذِ القراراتِ المصيريَّةِ، إِلَّا أَنَّها زحفَت شيئاً فشيئاً لتصبحَ السِّمةَ العامَّة والشَّاملة التي ميَّزت الدَّولة بكُلِّ مؤَسَّساتِها، خاصَّةً على مُستوى العمليَّة الإِنتخابيَّة التي لم تعُد تحترِم نتائج صندُوق الإِقتراع وإِنَّما تعتمِدُ على ما يُسمُّونهُ بالنَّتائجِ المُتوازِنة، فسقطَ مبدأ الأَغلبيَّة والأَقليَّة تحتَ قُبَّة البرلمان، ومبدأ تداوُل السُّلطة، والرَّقابة النيابيَّة والمُحاسبة وغيرها من المبادِئ التي إِذا غابَت فلا معنى لشيءٍ إِسمهُ الديمقراطيَّة التي تحتضِر اليَوم في العراقِ [الجديد] بسببِ حاكميَّة عقليَّة السُّلطة على عقليَّةِ الدَّولة.

       ٦/ وما زادَ في الطِّينِ بَلَّة كما يُقال، هوَ إِنتاج نفس القُوى السياسيَّة الحاكِمة للدَّولة العميقة المحميَّة بالسِّلاحِ خارج سُلطة الدَّولة، والذي مازالَ يلعبُ دوراً محوريّاً خطيراً في السَّيطرةِ على إِتِّجاهاتِ العمليَّة السياسيَّة ومُخرَجاتِ العمليَّةِ الإِنتخابيَّة ومِنها تشكيل الرِّئاسات الثَّلاث وعلى رأسِها الحكُومة وما تُقدِّمهُ من برنامجٍ حكوميٍّ خاصَّةً على مُستوى الأَمن الدَّاخلي والسِّياسات الخارجيَّة والتي تتعلَّق بعلاقاتِ العراق بمُحيطهِ الإِقليمي وجيرانهِ والمُجتمعِ الدَّولي.

       كما أَنَّها الرَّاعي الحصري للفسادِ الذي يستشري في مُؤَسَّساتِ الدَّولة كالإِرضةِ في بيتٍ من خشبٍ!.

       ٢٠٢٤/٤/٥
    (العالم الجديد)
                                             لِلتَّواصُل؛

    Instagram; @nazarhaidariq
    www.tiktok.com/@nhiraq
    ‏Telegram CH; https://t.me/+5zUAr3vayv44M2Vh
    ‏Face Book: Nazar Haidar
    ‏Skype: live:nahaidar
    ‏Twitter: @NazarHaidar5
    ‏WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920
    Viber CH; https://invite.viber.com/?g2=AQAH50yHwKvWGlF3NiKuTBXN4cfcZJm1jGzkFU0bzlIanIjLkrUwc6lrqTlj3cHF

    *للإِطِّلاع على نصِّ التَّقرير يُرجى زيارةِ الرَّابط التَّالي؛
    https://al-aalem.com/بعد-21-عاما-على-سقوط-صدام-حسين-هل-حصل-ال/

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media