تسوية عمار الحكيم - اهداف أخرى
    الأثنين 16 يناير / كانون الثاني 2017 - 19:43
    صائب خليل
    ما سر كل هذه الضجة والزخم الهائل لفرض "تسوية" عمار الحكيم على العراق، رغم الرفض الشعبي الكبير ورفض المرجعية التي طالما تبارى الحكيم وبقية فريقه بادعاء تبجيلها واتباعها؟ ومن الذي يقف وراءها حقاً؟
    في مقالتي الأخيرة التي كانت بعنوان "عمار الحكيم مبعوث الإرهاب لمفاوضة الشعب العراقي"(1) سلطنا الضوء على دور عمار الحكيم، وبينا ان خطاباته تشي أن مهمته أقرب إلى مفاوض يمثل الإرهاب، وليس حتى مقرب وجهات نظر بين الإرهاب والشعب العراقي.
    وكنت في مقالة سابقة لي بعنوان: "ما هي اهداف "تسوية" عمار الحكيم ومن يقف وراءها؟"(2)، قد لخصت الإجابة عن هذين السؤالين الشديدي الأهمية، وبينت أن الأهداف الحقيقية قد تم إخفاؤها بين اكوام الإنشاء، وأن القضاء على الحشد (بمسمى الميليشيات خارج الدولة) هو أهم اهداف تلك التسوية. (3)
    كذلك من اهدافها شرعنة احتلال البرزاني للأراضي والقرى العربية (في نصها الرافض للتغيير الديموغرافي الذي فرضه النظام السابق (فقط!)). وبينت أن ورود عبارة "اعتماد اقتصاد حر"، في النص، يكشف بشكل صريح ولا لبس فيه، أن التسوية لا تتعلق بالمصالحة بين السنة والشيعة لا من قريب ولا من بعيد.  
    [[article_title_text]]

    وقد اضيف في المناقشات الأخيرة "جنجلوتية" القضاء على الطائفية كأحد اهداف هذه التسوية، لكن احداً لن يصدق مثل هذا الكلام الذي شبع الناس منه. بل أن النائب عبد الرحمن اللويزي يذهب إلى أن "التسوية السياسية تهدف، فيما تهدف إليه، إلى تكريس الطائفية السياسية! فيشير اللويزي إلى أنه و"بعد أن انخرط نواب شيعة وسنة وحتى كرد في كتلة الاصلاح وكذلك القائمة الوطنية.. يجبر الجميع الان على الجلوس كلٌ ضمن خندقه الطائفي، بحجة الاستماع الى مطالب كل مكون على حدة... وهذا يضمن بقاء مقاليد الامور بيد نفس المجموعة التي تحتكر تمثيل الطوائف."
    وقد أكدنا نفس هذا الرأي حين بينا ان شعار "لا غالب ولا مغلوب”، يدفع بهذا الاتجاه كما نبه اللويزي. فهو محاولة للإيحاء للسنة والشيعة بأن مصالحهما متناقضة، وأن على كل منهما ان ينتبه إلى أن "لا يغلب" من قبل الآخر، رغم ان مصالح الطرفين مشتركة تماما كشعب واحد، ورغم ان اهداف التسوية بعيدة عن تلك المصالح تماما كما رأينا. (4)

    الأهداف العامة والملاحظات المشككة بالتسوية مازالت صحيحة إذن، لكن مستجدات -مهمة لفهم ما يجري- قد حدثت منذ ذلك الحين، اكدت ما ذهبت اليه، وأضافت أهدافاً أخرى، ومن هذه الأحداث قصة "اختطاف" الصحفية افراح شوقي وزيارة رئيس وزراء الأردن للعراق، ورفض السيد السيستاني للتسوية.

    إن توقيت "اختطاف" صحفية "الشرق الأوسط" افراح شوقي، وحجم الضجة التي ثارت حولها، والتظاهرات والظروف غير المعتادة التي رافقتها، والتلميحات المختلفة، تؤشر إلى احتمال كونها تحضير الرأي العام بشكل خاص لقبول استهداف الحشد. ولنتذكر ان القضاء على الحشد واستبداله بجيوش محافظات تسمى "الحرس الوطني" كانت من اهم أولويات مشروع حكومة العبادي التي فرضها الأمريكان على العراق، والتي فشل الرجل في تنفيذها حتى الآن. كذلك نتذكر التوتر بين القوات الأمريكية والحشد، وقصف طائراتهم له بـ "النيران الصديقة" والقاء المساعدات لداعش "بالخطأ"، وأيضاً جس النبض بتسريبات صحفية عن إمكانية "إدراج قيادات بارزة في الحشد على قوائم الإرهاب"(5).
     
    الحدث الآخر هو زيارة رئيس وزراء الأردن هاني الملقي إلى العراق بعد زيارة عمار الحكيم الى المملكة، والتي تثير أسئلة وتؤشر وجود أهداف أخرى غير معلنة، للجهات التي رتبت مشروع "التسوية"، خاصة عندما يصرح ملك الأردن نفسه بحرصه على نجاحها. (6)
    وحين نتابع مقابلات دعاة التسوية نكتشف ان تلك الزيارة قد احرجتهم مثلما احرجتهم قبلها زيارة عمار الحكيم الى الأردن، حتى قبل أن يتم الاتفاق داخليا على التسوية! وهو دليل آخر على ان هذه التسوية مسألة تدار من الخارج ولأغراض أخرى غير المعلنة.

    فما الذي يمكن أن يطمح الأردن للحصول عليه من التسوية وما علاقته بها إن كانت فعلا تسوية بين سنة العراق وشيعتهم؟ الشيعة يقفون موقف الكراهية والغضب من حكومة عملاء إسرائيل هذه، على الأقل لتعاملها الطائفي المعروف ضدهم، ولتآمرها على حكومات العراق المتتالية. وسنة العراق لا علاقة لهم بالأردن. فكم سني عراقي يشعر بالولاء للأردن وملكها؟ هل هناك أي دليل أو مؤشر على تعاطف شعبي من سنة العراق مع هذه الدولة او نظامها أو انهم يستمعون لأوامرها او تعليماتها لكي يتم التعامل معهم من خلالها؟ هل يتم حشر هذا الكيان الذيلي لإسرائيل في المعادلة من أجل السنة أم أنه مقصود بذاته وأن التصالح مع السنة هي الحجة التي يقدمها ساسة الشيعة لجماهيرهم لتبرير هذه العلاقة المشبوهة؟

    لو حاولنا ان نستنتج الأهداف الحقيقية من العلاقة الجديدة مع الأردن من التصريحات الرسمية لوجدنا أن علينا ان نستخرج الأهداف من بين اكوام الإنشاء مرة أخرى. فنقرأ "التعاون الاقتصادي"! ولا حاجة لنا الى القول ان الشعب العراقي لا يعول على مثل هذا التعاون أو أي تعاون بين حكومة العراق وأية جهة أخرى في الحقيقة. فلا يشعر الشعب بانه يملك من يمثله في أية مفاوضات مع اية جهة، وهو متأكد بأنه لن يخرج من أية جولة "تعاون اقتصادي" إلا منهوباً وأن اية جولة جديدة لا تعني إلا ان اللصوص يطمحون إلى شيء أكبر مما تم تحقيقه في الجولة السابقة، وأنهم يسعون إلى ابتزاز حكامه لتحقيق ذلك مقابل إبقائهم على كراسيهم، والذي يلعب فيه الأردن وغيره دوراً أكبر مما يلعبه الشعب العراقي كما يبدو!
    لقد نهبنا حين "تعاون" المالكي اقتصادياً مع الأردن من قبل، فتبرمك بشاحنات النفط المخفض السعر، أملا في رضاهم عنه وتثبيته في كرسيه وبحجة التصالح مع السنة ايضاً، ولنفس السبب وبنفس الحجة، "يتعاون" العبادي اليوم بتطوير عقود مد أنابيب النفط، (لأن الشاحنات لا تستطيع نقل كل الجزية المطلوبة من العراق للأردن). ولن تقتصر "الجزية" هذه المرة على الأردن كما نتصور، رغم الأزمة الاقتصادية التي يعانيها العراق.

    وهكذا تكشف حقائق التسوية أن أهدافها مموهة لأنها ستجابه بالرفض الشديد من الشعب لو قيلت بصراحة، وأن السنة ومصالحتهم تستعمل هنا كما في كل مرة كذريعة لأهداف بعيدة كل البعد عن السنة.

    لم تكن تلك الشكوك والشبهات بعيدة عن بصر الشعب العراقي لذلك يجابه هذا المشروع وأهدافه المشبوهة بأشد المقاومة. ولعل أكثر ما اثار الشعب هو الأسماء والدول المشبوهة التي تمت مفاتحتها بالأمر. وقد يتساءل المرء: لماذا فضحوا أنفسهم بهذه الأسماء؟ وما ضرورة إعادة المطلوبين للعدالة وذوي السمعة السيئة من الذين تسببوا بالكثير من الدمار للعراق وشعبه سنة وشيعة؟
     
    السبب كما يبدو هو أن اهداف التسوية السيئة والمعادية لمصالح الشعب، تتطلب تسليم المزيد من المراكز الحساسة في العراق إلى أكثر العملاء ولاءاً لمن كتب التسوية وأهدافها، ولا مفر من إعادة الحثالات المجربة سابقاً، لهذه المهمة الجديدة. ولقد تم إقرار قانون العفو العام للتغلب على الصعوبة القانونية حول إعادة تسليم المناصب لمطلوبين للعدالة، وليس لأصحاب الجرائم البسيطة "المساكين" الذين تباكى عليهم المحتال العلماني فائق الشيخ والمحتال الإسلامي محمود الحسن، وأطلق (وسيطلق) من أجل ذلك الغرض الاف المجرمين. ولا نستبعد أن ترك منصبي وزير الدفاع ووزير الداخلية شاغرين كل هذه الفترة لم يكن إلا لكي يتم ملأه لاحقاً بإثنين من المجرمين الذين يتم تحضيرهم في الغرف الخلفية الدولية. 

    إن الضغط الشديد للتعجيل بتنفيذ الخطة رغم الرفض والإحراج، سببه أنها يجب ان تكتمل بهيكلها الرئيسي قبل تحرير الموصل. ومن اجل هذا يتم التباطؤ في التحرير بانتظار إكمال مشروع عمار اولاً! فيجب أن يكون هؤلاء المستعادين، جاهزين لاستلام مهامهم الجديدة. كذلك فإن وجود الموصل تحت سلطة الإرهاب، ورقة ضغط إضافية على الشعب العراقي، أما تحريره فقد يثير الحماسة والكرامة التي قد تشجع الشعب على لفظ فريق "التسوية" وحكومتهم وأسيادهم نهائيا من السلطة على البلاد.

    يجب ان يدرك السنة قبل غيرهم أنهم ليسوا إلا ذريعة يستعملها حثالات من السنة والشيعة لأغراض أخرى لا علاقة لها بمصالحهم، مثلما لم يكن لداعش أية علاقة بمصالحهم كما اوهموهم قبل ذلك. والحقيقة أن تسوية عمار الحكيم هي أكبر هجمة إرهابية منذ احداث 2006، بل ربما تكون أكبر حملة إرهابية على الإطلاق!

     

    (1) عمار الحكيممبعوث الإرهاب لمفاوضة الشعب العراقي... - Saieb Khalil - articles

     https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/1308743309182735:0

    (2) ما هي اهداف"تسوية" عمار الحكيم ومن يقف وراءها؟...

     https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/1233870793336654:0

    (3) العراق يشرعن ميليشيات الحشد مع حقها في الاحتفاظ'بهويتها'

     http://www.middle-east-online.com/?id=237137

    (4) شعار تسوية عمار الحكيم "لا غالب ولا مغلوب” –ماذا يكشف لنا؟

     http://www.sahat-altahreer.com/?p=19688

     (5) "الحشد الشعبي":وضع قادتنا على قوائم الإرهاب استهداف

    http://www.alquds.co.uk/?p=458529

    (6) الجبوري: ملكالأردن أبدى حرصه على نجاح التسوية والمصالحة

     http://www.sotaliraq.com/latestnews.php?id=380714


    روابط إضافية:

    حيدر العباديورئيس وهاني الملقي يترأسان اجتماعا ثنائيا

     http://www.pmo.iq/press2017/9-1-20173.htm

    الجبوري: ملكالأردن أبدى حرصه على نجاح التسوية والمصالحة

     http://www.sotaliraq.com/latestnews.php?id=380714

    #التسوية_السياسية



    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media