السياسة من الأشاعرة حتى الوهابية إلى الإرهاب (7)
    الأربعاء 7 ديسمبر / كانون الأول 2016 - 21:21
    عادل نعمان
    كاتب وإعلامي مصري
    قالوا: إن نشأة فكر الأشاعرة كانت نتيجة الضغوط والمطاردات التى مارسها المتوكل الخليفة العباسى ضد المعتزلة للتخلص منهم ومن أفكارهم، وكان فكر أحمد بن حنبل «أهل الحديث» قد تبناه العباسيون ليخالفوا به المعتزلة ويواجهوهم به، ومن بعده فكر الأشاعرة عندما خرج أبو الحسن الأشعرى عن شيخه الجبائى إمام المعتزلة فى هذا الوقت. وكان منطقيا أن يكون المذهب الجديد مختلفا فى أصوله عن فكر المعتزلة. وكان دعم الدولة السلجوقية للأشاعرة أحد أسباب انتشار فكرهم فى أرض المسلمين العرب، حتى قالوا إن السنى أشعرى الأصول، حنفى أو مالكى أو شافعى أو حنبلى المذهب. ولقد انضم إليهم الماتريدية نسبة إلى مؤسسها (أبو منصور الماتريدى السمرقندى) والتى لا تختلف عن عقيدة الأشاعرة إلا فى قضايا خلافية بسيطة.

    عقائد الأشاعرة: أولا الإمامة والخلافة: قضية الإمامة والحكم هى أصل الخلاف بين الفرق الإسلامية، ولولاهما لما كان هذا الصراع فى تاريخنا كله، الإمامة عند الأشاعرة بالاختيار وبالاتفاق دون النص أو التعيين، ودليلهم أن الرسول لم يعين خليفته ولم ينص عليه، واتفق المسلمون بعده واختاروا أبوبكر ومن بعده عمر وعثمان وعلى، وكل الأخطاء التى تمت بين الصحابة بعد النبى كانت عن اجتهاد منهم. أما عن معاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص، فهما فى خروجهم وفى حربهم ضد على قد بغوا عليه، وقاتلهم الإمام على بغيهم ليس أكثر.

    ثانيا: أحاديث الآحاد: الأشاعرة لا تأخذ بأحاديث الآحاد فى العقائد، لأنها تفيد الظن ولا تفيد اليقين، ويمكن الاحتجاج بها فى مسائل الغيبيات وهى المسائل التى ليس للعقل القدرة على نفيها أو إثباتها كعذاب القبر والصراط وغيرها (حديث الآحاد هو الحديث الذى لا يتوافر فيه شرط التواتر) وقال أحد أئمتهم (لا تبنى العقائد على إخبار الآحاد لأنها لا توجب العلم يقينا) وقال الرازى (إن الظن لا يغنى عن الحق شيئا) على أن الأحاديث المتواتر منها يمكن تأويله، وإن كان هذا يخالف ما كان عليه السلف، حيث كان الرسول يرسل الصحابة فرادى ولم يطعن الناس فيما نقلوه عنه، لكننى أرى أن القياس ليس فى محله.

    ثالثا: مصدر العلم. مصدر العلم عند الأشاعرة الكتاب والسنة، وذلك على مقتضى علم الكلام أى (بموجب ووفقا لعلم دراسة العقيدة الإسلامية والتوحيد والذى يعتمد على الأدلة والبراهين العقلية والنقلية) ولذلك يقدمون العقل على النقل عند التعارض.

    ثالثا: خلق الأفعال: الأشاعرة فى منطقة وسطى بين الجبرية والمعتزلة. وترى أنه لا يجوز أن يوصف غير الله بالخالق، والدليل الآية (خالق كل شىء) أما أفعال العباد فليست مخلوقة من العدم «كما يظن المعتزلة» لكن خلق الفعل الإنسانى من الله لكنه اكتساب العبد، وأوجدها الإنسان على الصورة التى أوجدها الله «والله خلقكم وما تعملون» (يمكن الرجوع إلى كتاب «الاتجاه العقلى فى التفسير» لنصر حامد أبو زيد لمعرفة كيف يستدل كل فريق على فكرته وكيف يؤولون الآيات).

    رابعا: صاحب الكبيرة: الأشاعرة ترى أن مرتكب الكبيرة إذا خرج من الدنيا دون توبة فحكمه إلى الله يوم القيامة إن شاء غفر له، أو يشفع الله عنه بشفاعة النبى، وهو حكم وسط بين المرجئة الذين يؤمنون بأن الإيمان لا يضر معه معصية، ويكفى العبد نية الإيمان بلا عمل فيدخل الجنة، وبين المعتزلة التى ترى أنه إذا مات العبد على الكبيرة دون توبة فهو خالد فى النار وبئس القرار حتى لو عبد الله مائة عام.

    خامسا: التوحيد: الأشاعرة ترى الله واحدا لا شريك له، متفردا فى صفاته، أحدا فى وحدانيته، لا قسيم له «لايقبل القسمة أو التبعيض» وأن أفعال الله لا يشاركه فيها أحد، وينكرون بذلك الصفات الخبرية وهى اليد والعين والوجه، لأن هذه الصفات تدل على تركيب الجزء على الجزء، ويؤولون صفتى الاستواء والعلو، ويؤمنون بالصفات العقلية السبع التى تثبت بالعقل وهى الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام وهم فى هذا يختلفون عن أهل السنة والجماعة.

    سادسا: قضية التكفير ليس لدى الأشاعرة مفهوم محدد للتكفير، فهم تارة يكفرون من يكفرهم «نكفر من يكفرنا» ويختلفون فى هذا عن أهل السنة والجماعة، التى ترى أن التكفير حق الله لا يطلق إلا على من يستحقه شرعا وفقا لشروطه الشرعية وليس على الهوى أو الرغبة.

    سابعا: الاعتقاد فى الغيبيات: يعتقد الأشاعرة فى الغيبيات ويؤمنون بالحشر والصراط والميزان وعذاب القبر والشفاعة والجنة والنار، فهى من الأمور المنقولة عن النبى، ولا يستطيع العقل الحكم على نفيها أو إثباتها، وهم بهذا متفقون مع السلف.

    عقيدة الأشاعرة تنسب إلى أهل السنة والجماعة فى مواجهة كل الفرق الأخرى، ومما قاله ابن تيمية وقوله يخدم فكرته على أنه الأحق بأهل السنة والجماعة (إذا كان الأشاعرة فى بلد لا يوجد غيرهم فهم أهل السنة) أهل السنة والجماعة مظلة يحاول الجميع الاستظلال بظلها، المعتدلون والمتطرفون، ومذاهب أهل السنة والشيعة، والوهابية والفرق المتطرفة على الساحة وكل منهم يرى أنه الأحق بظلها (راجع تعريف الإمام أحمد الطيب لأهل السنة والجماعة، وكيف أثار تعريفه ما أثاره بين المسلمين سنة وشيعة).

    عن ابن تيمية والوهابية الخميس المقبل.

    adelnoman52@yahoo.com

    "المصري اليوم"

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media