السياسة من ابن تيمية والوهابية إلى الإرهاب (10)
    الجمعة 6 يناير / كانون الثاني 2017 - 19:56
    عادل نعمان
    كاتب وإعلامي مصري
    ذكرنا فى المقال السابق حكم بن تيمية عن الكافر فى الدنيا، وأولهم أن الكافر لايملك أمواله شرعا، وليس من حقه التصرف فيها، ولا يحق للكافر الاستمتاع بحلال الله، لأنه حق للمسلم فقط وليس لغيره. ولهذا أحل الله أموال الكافر للمسلم للاستعانة بها على عبادته وهى المهمة الوحيدة المكلف بها. الغريب أن هذه الفتوى تجد قبولا ورضا عند الكثيرين، وهى ضد العقل والفطرة، وتتعارض مع روح الأديان، وتتناقض مع قضية العدل الإلهى المطلق، ومردود عليها من فلسفة خلق الله لعباده وعياله. ولايتساءلون كيف لحكم من الله العادل أن يستهجن ويستنكر من عقل مخلوقاته؟ نستكمل حكم الكافر عند بن تيمية (أحكام الوهاببة والدواعش وكل الجهاديين والتكفيريين).
    ثانيا: معاداة وإذلال وتحقير وإهانة غير المسلم واجب شرعى على المسلمين: فى مجموعة فتاوى بن تيمية (المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك) والسبب أن الكافر عدو الله، ومادام الكافر عدو الله فهو عدو للمؤمنين، وواجب على المؤمنين بغضهم وكرههم لأنهم أعداء الله. وفتوى أخرى «كل ما عظم بالباطل من مكان أو زمان أو حجر أو شجر يجب قصد إهانته وتحقيره». وتضم هذه القائمة الكنائس والمعابد والصلبان والصوامع والأديرة والأشجار والأنهار والآثار والتماثيل، وكافة الرموز الدينية، والأعياد والمناسبات الدينية الخاصة بهم. لكن المؤمنين مأمورون أن يتوددوا للكافرين ويظهروا لهم المودة الظاهرة فى حالتين، الأولى: فى حالة استمالتهم للإسلام وضمهم إليه. والثانية: فى حالة الاستضعاف، حتى إذا استقوى المسلمون يعودون إلى بغضهم وتحقيرهم وإهانتهم وإذلالهم، وهو الأصل الواجب فى معاملتهم. وفيما يستند إليه كتاب عمر بن الخطاب لولاته «لاتكاتبوا أهل الذمة فتجرى بينكم وبينهم المودة وأذلوهم ولاتظلموهم». ويرى بن تيمية أن من شروط التعايش مع الكافر هو(قصد إهانته وإهانة مقدساته وسبه ولعنه هو ودينه). ولو عرجنا إلى بن قيم الجوزية تلميذه عن الوثيقة العمرية وهى المصدر الرئيسى لهما، نأخذ منها (ألا يحدثوا فى مدينتهم ديرا أو كنيسة ولايجددوا ما خرب منها. ولايمنعوا الكنائس عن المسلمين للنزول فيها ليلا أو نهارا. ولايظهروا عليها صليبا. ولايرفعوا أصواتهم فى الصلاة أو فى موتاهم. ولايسترقوا عندهم من رقيق المسلمين. ولايتشبهوا فى لباسهم بالمسلمين. ولايلبسوا عمامة أو قلنسوة أو نعلين. ولايفرقوا شعورهم. ولايتكلموا بكلامهم، ولايكنوا أحدا منهم بما يكنى به المسلمون. ويجزون مقادم رؤسهم. ويشدون الزنانير على أوساطهم. ولاينقشوا خواتمهم. ولايركبوا الخيل ويركبون المطايا دون سروج. ولايحملوا سلاحا أو سيوفا. ويقومون للمسلمين فى مجالسهم ليجلسوهم. ولايرفعوا بناءهم على بناء المسلمين ويهدم إذا جاوره مسلم وكان من قبل قائما. ومأمورون باستضافة المسلم العابر ثلاثة أيام وإطعامه. ولايمنعوا قريبا لهم أراد الإسلام. ولايجاوروا المسلمين بموتاهم) وفيما قالوه عن الزى، لابد أن يكون للذميين زى يعرفون به حتى لايرد عليهم السلام!!. ماذا صنعت هذه الفتاوى؟ صنعت البغضاء والكره بين أبناء البلد الواحد. قسمت المجتمع إلى ثلاثة فرق، مسلم وكافر، ومتعاطف مع كافر، فشرخت بنيته، وتوالدت وتكاثرت الخصومة والشقاق فى بلد متعدد الأديان. تفشى ظلم الأكثرية المسلمة للأقليات فى المجتمع. ترويع الناس والاستقواء عليهم فى بلادهم.. عزلة مجتمعية للغير فى بلادنا، وعزلة المسلمين فى بلاد الغير، وماصاحب ذلك من أمراض اجتماعية للطرفين، وشرخ وانقسام وحدة المجتمع وعزلة كل طرف عن الآخر. عدم قدرة الغالبية من المسلمين على الاندماج فى المجتمعات الغربية وما صاحبها من أمراض نفسية، وما انضمام شباب المغتربين إلى التطرف إلا حصاد هذه العزلة، وهذا الكره وهذه المخاصمة التى فرضوها عليهم لمجتمع يعيشون فيه ويتعلمون وينامون ويأكلون ويتعايشون فيه. المشكلة أن هذا البغض والكره يصعب الرجوع عنه لاعتقادهم أنه أمر شرعى، مأمورون به، ومأجورون عليه، وقربى إلى الله يتقربون بها إليه، والرجوع عنه كأنه ترك فريضة واجبة. وأصبح المسلم فى بلاد الله كارها للناس وكارها لنفسه، متطرفا ومشروع إرهابى، ففقدنا ثقة العالم وتعاطفه، والبقية تأتينا.

    adelnoman52@yahoo.com

    "المصري اليوم"

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media