السياسة من الوهابية إلى إرهاب الدواعش (15)
    الخميس 9 فبراير / شباط 2017 - 05:13
    عادل نعمان
    كاتب وإعلامي مصري
    قلنا فيما سبق عن «حشوية الحنابلة» إنها جماعة خرجت عن الإمام أحمد بن حنبل، اتفقت معه فى الأخذ بالأحاديث الضعيفة وأحاديث الآحاد فى الفتوى والتشريع على أنه أفضل من الاجتهاد والقياس، واختلفت عنه فى الأخذ بهذه الأحاديث فى العقائد والأصول، فأخذوا بأحاديث الوضاعين والإسرائيليات وكان منها فكرة التجسيم (ولقد ذكرناها تفصيلا من قبل) واختصارها أن الإنسان مخلوق على صورة الله، له عينان ورجلان ويدان وجوارح وأعضاء، ويساير هذا الأخذ بظاهر النص وعموم اللفظ دون تأويل، وهو فكر ابن تيمية والوهابيين، ولا يقف عند اعتقادهم بفكرة التجسيم فقط، بل يكفرون كل من يرفضها، ولا يعتقد فيها ولا يؤمن بها، فهؤلاء أشد كفرا من اليهود والنصارى (هذا قول ابن تيمية) وفى هذا تعارض تام مع فكر كل الفرق الإسلامية جميعها. ومنها كذلك حرمة زيارة القبور حتى أنهم حرموا زيارة قبر الرسول، ولا يجيزون شد الرحال لقبره، لكن يشد الرحال إلى مسجده فقط، ويحرمون الصلاة فى مساجد بها أضرحة حتى مسجد الرسول، ولقد حاول الوهابيون بعد غزو المدينة هدم الضريح وقبته الخضراء، لكنهم فشلوا لوقوف المسلمين ضد هذا، ومنها أيضا عدم جواز طلب الشفاعة من النبى، ولقد استبعدا سويا المذاهب الأربعة، حتى حديثا فى دراستهم فى المدارس أو الجامعات فى السعودية. ولما كان الأخذ بكل الأحاديث ومنها الضعيف والآحاد أمرا مقبولا ومطلوبا، يصبح تضليل وتكفير كل من يعارض ما جاء فى الصحيحين (البخارى ومسلم) أمرا واجبا، وتقديسهما مفروغ منه، لأن هدم حديث منهما هو هدم لركن الدعوة، على الرغم من أن ما جاء فى الصحيحين ليس قطعى الدلالة، لكنه ظنى قابل للخطأ والنسيان، ومنقول عن بشر منهم الثقاة ومنهم ما دون ذلك، وليسوا معصومين من الخطأ والنسيان، وليسوا مسؤولين عن حسن النوايا أو سوء القصد أو النقل، حتى يصبح اتهام من يشكك فى حديث منهما ضالا يستوجب الاستتابة. وفيما اتفقا فيه إطلاق صفة الكفر والردة على من يخالفهما الرأى، إلا أن ابن عبدالوهاب كان لديه من القوة والشجاعة والسلطان أن يأمر بالحبس والقتل لمن يخالف عقيدته، وكان مطاع الأمر، عكس ابن تيمية الذى كان يواجه صدا ومعارضة من شيوخ عصره لغرابة أفكاره، فى العهد المملوكى وحبس ومات بسببها، حتى جاء من تبناها ونفذها له وهو ابن عبدالوهاب وزاد عليها، ولم يكن يستطيع ابن عبدالوهاب تنفيذ ذلك ما لم تتشارك أفكاره مع سياسة آل سعود، فهى صفقة رابحة للطرفين. وإليك بعض الأمثلة عن ابن تيمية حول هذا.. من قال لرجل توكلت عليك وأنت حسبى يستتاب وإلا قتل. من اعتقد أن أحد أولياء الله يكون مع النبى محمدا كما كان الخضر مع موسى يستتاب وإلا قتل. من لم يقل إن الله فوق سبع سماوات فهو كافر يستتاب وإلا قتل ويرمى فى المزابل. الرجل البالغ إذا امتنع عن صلاة واحدة من الصلوات الخمس أو ترك بعض فرائضها المتفق عليها فإنه يستتاب أو يقتل. من قال إن القرآن محدث فهو جهمى ويستتاب أو يقتل. من قال إن أحد الصحابة أو التابعين قاتل مع الكفار فهو ضال بل كافر ويستتاب أو يقتل. من قال إنه يجب على المسافر أن يصوم شهر رمضان كلاهما ضال مخالف ويستتاب أو يقتل. وكانت هذه اللبنة التى استكمل عليها الوهابية بناء «نواقض الإسلام العشرة» وتكفير المسلم لو أتى بواحدة منها وقتله، فكانت سيفا بتارا على رقاب المسلمين يقتل حين يشاء الوهابيون من عباد الله أن يقتلوا، وهى على عجالة. الأول: الشرك فى عبادة الله كفر. الثانى: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة كافر. الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك فى كفرهم أو صحح مذهبهم كافر. الرابع: من اعتقد أن غير هدى محمد أكمل من هديه وأن حكمه أحسن من حكمه كافر. الخامس: من أبغض شيئا مما جاء به الرسول حتى لو عمل به كافر. السادس: من استهزأ بشىء من دين الرسول أو ثوابه أو عقابه كافر. السابع: السحر من فعله أو رضى به كافر. الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين كفر. التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج من شريعة محمد، كما وسع الخضر الخروج من شريعة موسى كفر. العاشر: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به كفر. ولا فرق عندهم بين ناقض وآخر فى التكفير، وسواء قام بأحدها المسلم جادا أو مازحا، فيستوجب الاستتابة أو القتل. ما ذكرناه عن ابن تيمية والوهابية فيما سبق فى معظمه رد على أهل الشيعة والفرق الأخرى فهى واضحة ومقصودة فى تكفير الجميع، وظهر واضحا حين أضاف عليها ابن عثيمين ناقضا آخر وهو (من لم يكفر المشركين من غير الوهابيين أو شك فى كفرهم فهو كافر) فلم يعد من المسلمين من صح إسلامه سواهم، وما عداهم يستوجب العودة إلى صحيحهم أو استحق القتل، وكانت هذه النواقض ولبنتها الأولى لابن تيمية سندا ومعينا لابن عبدالوهاب فى بداية دعوته حين نادى بشرك المسلمين وقتالهم تحت غطاء نواقض الإسلام، وسلب أموالهم وأولادهم ونسائهم، ووسع الأمر فى التكفير حتى يقتل ما طالته سيوفه. ولم يفلت من التكفير طبعا عند ابن تيمية والوهابية أهل السنة والجماعة والأشاعرة والمذاهب الأربعة والفرق الأخرى فكلهم معطلة (جهمية) نسبة إلى جهم بن صفوان لأنهم لا يؤمنون بصفات الله الحسية، وقبوريون أيضا لأنهم يستحبون زيارة القبور بما فيها قبر الرسول وأولياء الله الصالحين، ويؤمنون بشفاعة النبى وهو ميت لا شفاعة له. بداية دمار الأمة وانهيارها هو تكفير المسلم للمسلم وقتله، فلو طبقه الوهابيون حفدة ابن تيمية وحشوية الحنابلة على المسلمين لن تجد مسلما واحدا حيا سواهم، وسيطولهم الكثير أيضا، فما بالكم بالكافر عندهم ألا يستحق القتل والسبى والنحر
    مئات المرات.
    adelnoman52@yahoo.com
    "المصري اليوم"


    الأسبوع المقبل إن كان لنا بقية.


    02/02/2017 - 21:46
    25/01/2017 - 21:23
    18/01/2017 -22:56
    11/01/2017 -20:18
    06/01/2017 -19:56
    28/12/2016 -22:03
    21/12/2016 -21:27
    07/12/2016 -21:21
    30/11/2016 -20:30
    23/11/2016 -21:50
    16/11/2016 -22:26
    03/11/2016 -01:17
    26/10/2016 -21:17
    19/10/2016 -21:24
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media